سياسة

ماكرون يتجرع الفشل بإفريقيا وتصريحاته بالغابون تفسد “ترتيبات” زيارته للمغرب

أقفل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عائدا إلى باريس،  بعد جولة لمدة 4 أيام قادته إلى عدد من الدول الإفريقية وهي: أنغولا والغابون والكونغو والكونغو الديمقراطية، كان عنوانها الأبرز “الفشل”، إذ لم يجد الساكن بقصر الإليزيه، “الترحيب” الذي كان ينتظره لا من شعوب هذه الدول ولا من رؤسائها.

وحمل “ماكرون” معه خلال جولته الـ18 لإفريقيا والتي وصفتها بعض الصحف الفرنسية بـ”الجولة الملعونة”، إستراتيجية باريس الجديدة في التعامل مع إفريقيا، مستعملا عبارات من قبيل: عصر “فرنسا الأفريقية” قد انتهى، وأن بلاده الآن صارت “محاورًا محايدًا” في القارة السمراء.

ومضى الرئيس الفرنسي مشددا على أن فرنسا لا تبدي أي رغبة في العودة إلى سياساتها السابقة بالتدخل في أفريقيا، معبرا في أكثر من محطة برغبته في “بناء شراكة متوازنة” و”العمل على القضايا المشتركة” مع بلدان القارة. غير أن أماني “ماكرون” اصطدمت بعقلية جديدة في إفريقيا سئمت من “المستعمر التقليدي” لخصها رد رئيس الكونغو “فيليكس تشيسكيدي”.

وطالب “تشيسكيدي” الرئيس الفرنسي باحترام فرنسا والغرب عموما لإفريقيا وعدم التدخل في شؤونها، مشيرا إلى مواقف فرنسية سابقة شككت بنزاهة الانتخابات الرئاسية في الكونغو، حيث قال: “أنتم تتحدثون عن الانتخابات في بلادنا، بينما كانت لديكم فضائح انتخابية في بلادكم، كتلك التي وقعت في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك عندما تم إحصاء أصوات مواطنين فرنسيين تبين لاحقًا أنهم غير أحياء.. عليكم أن تتعاملوا معنا باحترام”.

جولة غير ناجحة

قال محمد تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، في تصريح لجريدة “العمق”، إن جولة ماكرون في إفريقيا، “غير ناجحة على الإطلاق”، و”محاولة لإنقاذ ما لم يعد بالإمكان إنقاذه لسبب بسيط وهو أن جل البلدان الإفريقية استفاقت من غفوتها، لأنها كانت تتعرض لاستعمار تقليدي وبعد ذلك الاستعمار الجديد الذي استمرت فيه فرنسا تهيمن على مقاليد الأمور خاصة في إفريقيا الغربية”.

وأبرز الحسيني، أن “العملية الإفريقية CFA، محكومة من طرف فرنسا، كما أن أكثر من 50 بالمائة من الأرصدة المُدعمة لهذه العملة موجودة في فرنسا، إضافة إلى أن البنك المركزي الفرنسي هو الذي يحدد قيمتها وطريقة التعامل بها ولا يمكن لأي دولة افريقية تخضع لهذا النظام أن تتمتع بعملتها في أي مكان آخر فهي مجرد أوراق عادية”.

رفض جماهيري
الخبير المغربي في العلاقات الدولية، أشار إلى أن فرنسا كذلك “تستغل كل الثروات المعدنية بالمنطقة، ففرنسا ليس لها أي إنتاج لا على مستوى المعدني ولا على مستوى الاستثمار، وتستثمر فقط في خيرات إفريقيا”، مشددا على أن أفريقيا اليوم بدأت تستفيق، وهذا ما وقع في مالي وبوركينا فاسو، وما سيقع في دول أخرى.

في هذا الإطار، يضيف تاج الدين الحسيني “جاءت جولة ماكرون في إفريقيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث أصبح لأول مرة يتحدث عن الندية وعن المساواة بين الأفارقة والفرنسيين، والاستثمار المنتج لرابح رابح”، مبرزا أن “كل هذه المحاولات باءت بالفشل لأن هناك رفضا جماهيريا من طرف المواطنين الأفارقة وهناك نوع من التعنت ضد فرنسا في مواقفها ذات الطبيعية الاستعمارية المعلنة”.

موقف فرنسا من الصحراء

وحول زيارة ماكرون إلى الرباط، قال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، إن “سفير فرنسا بالمغرب أشار بوضوح إلى أن الرئيس الفرنسي سيزور المغرب خلال مارس الجاري، ونحن نقترب من منتصفه، ولا علامات جدية لهذه الزيارة”.

ويرى المتحدث، أن “السفير الفرنسي بالمغرب واثق من نفسه زيادة عن اللزوم، بحيث يقول إن الطرفين بصدد عمليات الإعداد الأولية لتنظيم هذه الزيارة” ولكن أعتقد، يضيف الحسيني، أن “موقف ماكرون في قلب الغابون ربما أفسد هذا التوجه لأنه أشار بشكل واضح إلى أن فرنسا ستبقى محايدة في مواقفها السابقة بشأن الصحراء ولن تغيرها”.

واعتبر الخبير المغربي، أن “مثل هذا التصريح قد يفسد عملية الإعداد لزيارة ماكرون إلى المغرب اللهم إذا كان هذا النوع من التصريح يدخل في إطار المناورة السياسية التي تتطلب تغيرات جد مهمة عند وصوله إلى التراب المغربي”، وفق تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *