مجتمع

هيئة: مؤشر الفساد بالمغرب يعكس تنامي الظاهرة.. والغلوسي ينبه لمحدودية التصدي لها

اعتبر المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية المال العام، تصنيف المغرب في المرتبة الـ94 على مستوى مؤشر إدراك الفساد، يعكس تنامي ظاهرة الفساد والرشوة في الحياة العامة.

كما سجل “حماة المال العام” محدودية الآليات القانونية والمؤسساتية الكفيلة بالتصدي ومكافحة الفساد ونهب المال العام، معتبرين ذلك يشكل خطورة حقيقية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب.

وطالب في هذا السياق بتحريك المتابعات القضائية ضد المفسدين وناهبي المال العام وإصدار أحكام قضائية رادعة في قضايا الفساد والرشوة ونهب الأموال العمومية، وتجاوز “التأخر” في الأبحاث التمهيدية و”طول” المساطر وأمد المحاكمات القضائية في قضايا الفساد.

كما دعا التنظيم الحقوقي، وزارة الداخلية بـ”التخلي عن المعايير المزدوجة” في إعمال القانون، فيما يتعلق بتفعيل مساطر العزل في حق رؤساء الجماعات الترابية وأعضائها المتورطين في مخالفات جسيمة للقوانين، الموثقة في تقارير رسمية، من ضمنها تقارير المفتشية العامة لوزارة الداخلية نفسها.

هذا وسجلت الهيئة الحقوقية بإيجابية إخراج المغرب من اللائحة الرمادية من طرف مجموعة العمل المالي، معبرة عن رغبتها في استثمار هذه الجهود في المستقبل لمكافحة ظاهرة غسيل الأموال، وذلك عبر وضع استراتيجية وطنية متعددة الأبعاد ووفق مقاربة تشاركية تهدف لمكافحة الفساد والإفلات من العقاب واسترجاع الأموال المنهوبة.

قوانين ولدت ميتة

في هذا الإطار، قال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، إن معيقات محاربة الفساد بالمغرب راجعة بالأساس إلى محدودية الآليات القانونية والمؤسساتية.

وأوضح الغلوسي في تصريح لجريدة “العمق” أن الحديث عن هذه المحدودية القانونية لمحاربة الفساد، يقصد به في المقام الأول، عدم تجريم الإثراء غير المشروع لحدود الآن. مشيرا إلى أن الحكومة سحبت هذا المقتضى من مشروع القانون الجنائي.

وتابع المحامي والناشط الحقوقي، أن المشكل القانوني الآخر، يكمن في قانون التصريح بالممتلكات، باعتباره آلية لمراقبة نزاهة المسؤولين والموظفين العموميين، معتبرا إياه “يتضمن جزاءات ضعيفة، ويعتري تنزيله العديد من الاختلالات والعيوب”.

ووصف رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، قانون التصريح بالممتلكات، بـ”القانون الضعيف، الذي ولد ميتا، ولم يكن له أي أثر حقيقي على مكافحة الفساد”.

هذه المحدودية، تكشفها أيضا، وفق كلام الغلوسي، جرائم الرشوة وتبديد الأموال العمومية ونهبها، لكون العقوبات الواردة في القانون الجنائي، “عقوبات لا ترقى إلى مستوى خطورة الجرائم المرتكبة، كما أنها تخضع لمنطق التقادم الذي تخضع له الجرائم الأخرى”. مطالبا في هذا السياق بعدم إخضاع جرائم الأموال لمنطق التقادم.

مؤسسات بأثر ضعيف

أما بخصوص الآليات المؤسساتية، يضيف الغلوسي أن محدوديتها تلاحظ في عدم قدرتها مؤسسة المجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، في التصدي للفساد، لأن أثرهما يبقى ضعيفا جدا، وفق تعبيره.

وأوضح الغلوسي أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات لا تصل كلها إلى القضاء، إضافة إلى أن الإمكانيات البشرية وشروط اشتغال المجلس لا يساعده في القيام بدوره الرقابي، نظرا للعدد الكبير من المؤسسات التي يجب أن تخضع للافتحاص.

أما بخصوص الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، فهي تشتغل وفق الغلوسي ، بـ”موارد بشرية محدودة، وإمكانيات ضعيفة، وقانونها واستكمال تركيبتها وتشكيلتها لم يتم إلا أخير”.

وعليه، يستنتج المتحدث أن أثر هذه المؤسسات “يبقى أثرها ضعيفا مقارنة مع حجم الفساد وتطور وتعقد الظاهرة، على اعتبار أن الفساد يأخذ أشكال متعددة، وبالتالي فإن الموضوع يحتاج إلى تظافر جهود كل المؤسسات، من أجل مكافحته”.

جهود الخروج من اللائحة الرمادية

المغرب، بناء على تصريح الغلوسي، بذل جهود مهمة وكبيرة من أجل الخروج من اللائحة الرمادية التي تضعها مجموعة العمل المالي. يقول الناشط الحقوقي ذاته: “نحن نعرف أن وجود بلد في هذه اللائحة يجعله أمام صعوبات كبيرة، سواء في ما يتعلق بالاستثمار وكسب ثقة المستثمرين، أو الحصول على القروض والعمل البنكي، وغيرها”.

واعتبر المتحدث خروج المغرب من هذه اللائحة “خطوة مهمة وإيجابية، ويجب أن تستمر هذه الجهود، وأن لا ترتبط بظرفية معينة من أجل تحقيق نتيجة محددة في المكان والزمان، وبعد ذلك تعود الأمور إلى عادتها”.

وأضاف الغلوسي أن استمرار هذه الجهود من شأنه أن تكسب المغرب ثقة من طرف المستثمرين وأن يجعل مناخ الأعمال يساعد على تحقيق الاستثمار وإنتاج الثروة. ومن شأنه أيضا أن يضفي نزاهة على المعاملات المالية، وأن يشجع على توسيع دائرة الشفافية في المعاملات المالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • ساءح
    منذ 6 أشهر

    من الظروري استحداث هيءة لمكافحة الفساد تكون مستقلة بموجب مرسوم ملكي .تقوم بالتحقق والتحقيق في قضايا الفساد واحالتها ل وزارة العدل لاتخاذ الحكم القضاءي .