مجتمع

وفاة الطفلة سلمى ضحية “خطأ طبي” بالمضيق ووالدها يحمل وزير الصحة المسؤولية

لفظت الطفلة سلمى اليسيني (8 سنوات)، أنفاسها الأخيرة، مساء اليوم الأربعاء، بمستشفى “سانية الرمل” بتطوان، بعدما ظلت تصارع الموت في قسم الإنعاش منذ زهاء 80 يوما، بسبب عملية جراحية بسيطة لاستئصال اللوزتين بالمستشفى الإقليمي لمدينة المضيق.

وكشف سعيد اليسيني، والد الطفلة سلمى، في اتصال لجريدة “العمق”، أن ابنته فارقت الحياة مساء اليوم، بعد معاناة دامت حوالي 3 أشهر، مشيرا إلى أنه كان يتوقع هذا النبأ منذ مدة، بسبب ما تعرضت له الطفلة أثناء العملية الجراحية بمستشفى المضيق.

وقال والد الطفلة إنه ظل يناشد ويصرخ طيلة 3 أشهر من أجل أن تتحمل وزارة الصحة مسؤوليتها في إنقاذ الطفلة، لكن بدون أي جدوى، مشيرا إلى أن ابنته تعرضت لإهمال كبير، انتهى بوفاتها، حسب قوله، لافتا إلى أنه ألقى نظرة على جثمانها قبل لحظات، في انتظار إجراءات دفنها.

وأضاف بالقول: “ابنتي توفيت في المضيق بسبب خطأ طبي، وتم نقلها إلى مستشفى تطوان جثة إلا من روح تسري في جسدها، حيث حاول الأطباء إنعاش قلبها ووضعها تحت التنفس الاصطناعي، لكنها ظلت في وضع شلل كلي، دماغيا وجسديا، بعدما توقفت خلايا دماغها”.

والد الطفلة الذي كان يتحدث بتأثر كبير، استنكر ما اعتبره تجاهل وزير الصحة لهذه الواقعة، وحمله مسؤولية ما حدث، قائلا: “الوزير الذي أمر بإعداد تقرير في الموضوع، عليه أن يحضر الآن على موتها”، مضيفا: “خلاصة القصة أن ابنتهي دخلت حية إلى المستشفى وخرجت ميتة”.

تفاصيل المأساة

تحولت العملية استئصال اللوزتين التي خضعت لها الطفلة سلمى (8 سوات)، إلى مأساة وصدمة كبيرة لدى الرأي العام المحلي، بعدما فقدت الطفلة مختلف وظائف الدماغ، فيما وصل الملف للبرلمان، بينما طالب والدها بفتح تحقيق.

وبدأت الواقعة يوم 21 دجنبر الماضي، حينما دخلت الطفلة إلى غرفة العمليات بالمستشفى الإقليمي للمضيق، من أجل استئصال اللوزتين، غير أن الطاقم الطبي احتفظ بالطفلة لأزيد من 3 ساعات داخل غرفة العمليات بسبب عدم استفاقتها من التخدير.

وعقب ذلك، قرر الطاقم الطبي نقلها على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي“ سانية الرمل ”بتطوان في حالة غيبوبة، ليكتشف الأطباء تعرضها لشلل حركي، وتوقف وظائف الدماغ، وفقدان القدرة على السمع والنطق، وهو الوضع الذي استمر منذ ذاك التاريخ وإلى غاية وفاتها، اليوم الأربعاء.

وبعد حوالي شهر من الواقعة، أصدر وزير الصحة والحماية الإجتماعية، خالد أيت الطالب، أول قرار له في الموضوع، وأوفد لجنة تفتيش مركزية إلى كل من مستشفى محمد السادس بالمضيق، ومستشفى سانية الرمل بتطوان، للبحث العاجل في ظروف وملابسات المضاعفات التي تعرضت لها الطفلة.

وتكونت اللجنة الوزارية من المفتش العام لوزارة الصحة، ومفتشين اثنين (طبيب وصيدلاني)، وأستاذ مبرز في التخدير والإنعاش بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، وذلك للوقوف عن كتب عن ظروف وملابسات التكفل بالطفلة سلمى اليسيني.

احتجاجات ومطالب بالتحقيق

وكان نشطاء حقوقيون من العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قد نظموا وقفة أمام المستشفى الإقليمي محمد السادس بمدينة المضيق، بحضور والدي الطفلة، مباشرة بعد الواقعة، تنديدا بما تعرضت له الراحلة، معتبرين أن ما وقع “مهزلة وفضيحة طبية”.

وفي الرباط، نظمت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، ندوة صحفية لتسليط الضوء على هذه القضية، بحضور والدي الطفلة سلمى.

وخلال تلك الندوة التي حضرتها جريدة “العمق”، طالب سعيد اليسيني، والد الطفلة سلمى، وزير الصحة خالد أيت الطالب بالتدخل العاجل لإنقاذ ابنته والكشف عن تفاصيل الواقعة، حتى وإن تطلب الأمر إجراء تشريح طبي، مناشدا الملك محمد السادس التدخل في الملف.

وفي سرده لتفاصيل الحادث، قال الأب إن ابنته كانت بكامل قواها العقلية والجسدية، وفي هدوء تام قبل إدخالها إلى غرفة العمليات بمستشفى المضيق لإجراء العملية، كما لم تكن تعاني من أي أمراض أو أعراض جانبية.

وأضاف أنه بعد الحادثة، قام باستصدار تقرير من مدير المستشفى الإقليمي بالمضيق، وآخر من مدير مستشفى سانية الرمل بتطوان، ليتقدم بشكاية لدى نائب وكيل الملك بتطوان، غير أنه تم رفض الشكاية بدعوى أن القضية لا ترقى إلى مستوى الجريمة.

وخلص التقرير الطبي الأول الصادر من مشفى المضيق، إلى أن قلب الفتاة توقف عن العمل لثلاث دقائق قبل إجراء العملية الجراحية، أما التقرير الثاني من مشفى تطوان فأوضح أن الفتاة دخلت مستشفى سانية الرمل بعدما توقفت وظائف دماغها وتعرض جسدها لشلل شبه تام.

الملف يصل البرلمان

ووجه البرلماني عن دائرة المضيق الفنيدق، محمد العربي المرابط، سؤالا كتابيا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، للمطالبة بفتح تحقيق حول ما تعرضت له الطفلة سلمى داخل مستشفى محمد السادس بالمضيق، مشيرا إلى أن أسرتها تعيش كابوسا حقيقيا.

وقال عضو فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، إن عملية استئصال اللوزتين تحولت إلى كارثة صحية، فقدت على إثرها الطفلة المعنية حاستي البصر والسمع وأصيبت بشلل في الحركة، مطالبا بفتح تحقيق في هذه النازلة التي قلبت حياة الطفلة وأسرتها رأسا على عقب، وذلك لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات.

من جانبه، وجه البرلماني عن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، عبد النور الحسناوي، سؤالا كتابيا إلى وزير الصحة في نفس الموضوع،، مسائلا الوزير عن الإجراءات العاجلة التي ستتخذها وزارته لإنقاد الطفلة سلمى اليسيني.

واعتبر أن “الوضعية الكارثية لمستشفى محمد السادس بالمضيق، فضلا عن اللامبالاة التي يتعامل بها مسؤولو المستشفى، ساهما في كارثة صحية غير مسبوقة، بعدما فقدت الطفلة سلمى اليسيني لِحاستي البصر والسمع فضلا عن إصابتها بشلل في الحركة”.

وقال الحسناوي في سؤاله، إنه “في ظل هذا الاستهتار الذي أصبح يميز خدمات هذا المستشفى، من المتوقع أن تسجل حالات مماثلة”، مشددا على أن هذا الأمر يتطلب إيفاء لجنة خاصة لمعاينة الوضع وتحديد المسؤوليات مع ترتيب الجزاءات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *