آخر أخبار الرياضة، العمق الرياضي، الكرة المغربية

ذاكرة رياضية: تاريخ الرياضة المغربية.. من “حماد موسى” إلى تشييد أول ملعب للكرة

يستحضر أنصار الأندية الرياضية في كل وقت من السنة تاريخا محددا يعد بالنسبة لهم مجدا وكيان يشكل ماضيهم الرياضي وحاضرهم ومستقبلهم ترافقه الإحتفالات ثارة واستقبال التهاني ثارة أخرى.

وتظل الحقيقة الثابثة هي أن هذا التأريخ لميلاد الأندية من الطبيعي أن يسبقه احتفاء على المستوى الرسمي بأولى المنشآت الرياضية والشخوص التي واكبت البدايات عبر تكريمها رمزيا.

في هذا السياق يقول الدكتور منصف اليازغي في كتابه الموسوم ب”السياسة الرياضية بالمغرب 1912-2012″، “إذا كانت أوربا عرفت الرياضة بشكل إرادي وبناء على تراكمات امتدت لسنوات فإن المغرب فرضت عليه الرياضة، في صورتها العصرية، من طرف الفرنسيين منذ بداية القرن الماضي، فقد كانت الممارسة بالمغرب مقتصرة على بعض الرياضات الشعبية من قبيل الشيرة، تكورت، المعابزة، الشريط والجمباز التقليدي من خلال مجموعات احماد أو موسى”.

وأضاف اليازغي في توطئة كتابه حول تاريخ الرياضة في المغرب، “لقد عرف المغرب الرياضة الحديثة في ظل الاستعمار، فبعد إقامة الحماية في 1912، يقول الكتب الفرنسي روجي لوطورنو ( Roger le Toureau تغيرت الأشياء كثيراً، فأصبح الشباب الفاسي مولعاً أكثر فأكثر بالرياضات والحياة في الهواء الطلق، فكان الشبان يذهبون للصيد في ناحية واد قاس بعالية المدينة وسافلتها، وكان آخرون يمارسون المسايفة بالعصا والمصارعة وكرة السلة والسباحة وألعاب القوى، وكان هنالك حتى موقع مخصص للاعبي كرة القدم، كما كانت هناك جمعيات الرماية”.

وتابع اليازغي، “إلى جانب تزايد عدد الهواة في الكشفية، وإذا كان التاريخ الرسمي للحماية الفرنسية على المغرب انطلق بتاريخ 30 مارس 1912، فإن أول دخول لفرنسا في المغرب كان سنة 1907 بعد احتلال مدينة وجدة شرق المغرب، وهي نفس السنة التي شهدت بناء أول ملعب لكرة القدم بالمغرب وكان ذلك بمعسكر الجنود الفرنسيين جاك روزه وجرت به مباريات في كرة القدم بين فرق عسكرية فرنسية، قبل أن يتأسس سنة 1911 أول فريق مدني بالمغرب تحت إسم سبورتينغ كلوب وجدة خاص بالفرنسيين فقط وانضم إلى عصبة وهران الجزائرية التي تأسست سنة 1919”.

وجاء في توطئة الكتاب أنه “شهدت وجدة ممارسة رياضات أخرى كالجمباز وألعاب القوى والمسايفة والكرة الحديدية، قبل أن يتكرس الاهتمام بالرياضة من خلال تدشين الملعب البلدي لكرة القدم بتاريخ 3 ماي 1921 وحمل حينها اسم المارشال ليوطي، قبل أن يحمل ما بين 1934 و 1950 إسم مدير البريد بالمدينة جول رابينو بعد وفاته، ليحمل بعد ذلك اسم الملعب البلدي لوجدة، وهو الملعب الحالي الذي تخوض فيه فرق الهواة بوجدة مبارياتها ويعد واحدا من الملاعب المغربية التي احتضنت مباريات دولية للمنتخب المغربي كما هو الحال سنة 1961 أمام ليبيا”.

وأضاف اليازغي، “شهد المغرب أول مؤسسة مكلفة بتسيير الرياضة سنة 1913 من خلال اللجنة المركزية للرياضات بالدار البيضاء، هذه اللجنة، التي ترأسها العسكري السابق أندريو، تحددت مهمتها في حل المشاكل بين الجمعيات الرياضية وإعداد برنامج المنافسات، وتفرعت عنها بعض اللجان في المدن الكبرى بالمغرب إلى غاية نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1919 التي شهدت تأسيس جامعات رياضية مستقلة بفرنسا”.

وتابع، “هذه الجامعات أسست عصبا ولجانا لتمثيلها في المغرب باعتبارها محمية فرنسية، وكانت وراء تنظيم وتعزيز وجود العديد من الأنواع الرياضية بالمغرب، فبالإضافة إلى كرة القدم، شهد المغرب منذ السنة الموالية لتوقيع معاهدة الحماية رياضات الملاكمة والكرة الحديدية والدراجات وألعاب القوى والجمباز”.

وأوضح الكاتب انه “ستتضح ملامح الممارسة الرياضية في السنوات التي تلت توقيع الحماية، إذ أن الرياضة في المغرب لم تكن آنذاك نشاطا ترفيهيا أو بدنيا صرفا بقدر ما أنها اندرجت بالدرجة الأولى ضمن التمارين التي تجري في إطار الاستعدادات العسكرية”.

وأشار إلى أنه “لم يكن الأمر نتيجة مباشرة للوجود الاستعماري الفرنسي ورغبته في تكوين عساكر من سكان المستعمرات وإنما جاء أيضا نتيجة لمخلفات الحرب العالمية الأولى التي عاشتها أوربا، ذلك أن تنظيما رياضيا شهدته فرنسا يعود إلى سنة 1921 تضمن إنشاء مندوبية للتربية البدنية والاستعداد العسكري، وكانت هذه المندوبية تتبع حينها إلى وزارة الحرب، قبل أن تصبح في مرحلة موالية تابعة لوزارة التربية الوطنية التي كانت برامجها تسري أيضا على المستعمرات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *