خارج الحدود

أمنستي ترسم صورة قاتمة عن حقوق الإنسان بتونس

قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي) إن الرئيس التونسي، قيس سعيِّد، يواصل بذل الجهود لتركيز السلطة في يديه بعد هيمنته على السلطة في عام 2021. كما أصدر مراسيم لتفكيك ضمانات مؤسسية أساسية لحقوق الإنسان، وهاجم بصورة خاصة استقلال القضاء والحق في حرية التعبير.

وأشارت المنظمة الدولية في تقريرها السنوي أصدرته أول أمس الثلاثاء، إلى أن الرئيس قيس سعيِّد جدد يوم 18 فبراير 2022 حالة الطوارئ حتى نهاية العام، وجددها مرة أخرى في 30 دجنبر من نفس العام، ومرة ثالثة حتى 30 يناير 2023. كما منح نفسه سلطات جديدة من خلال الإشراف على اعتماد دستور جديد، في 17غشت، ركَّز السلطات في أيدي السلطة التنفيذية.

وفي 30 مارس، يضيف التقرير، حل الرئيس قيس سعيِّد البرلمان الذي كان معلقًا آنذاك، بعد أن عقد حوالي 120 عضوًا، من الأعضاء البالغ عددهم 217، جلسة عامة عبر الإنترنت كبادرة تحدٍ له. وفرضت السلطات أوامر تعسفية بحظر السفر على ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص، من بينهم أعضاء في البرلمان، الذي كان قد حُل قبل فترة قصيرة، وهم ينتمون إلى أحزاب عارضت الرئيس سعيّد علنًا.

وأشارت “أمنستي” إلى أن السلطات التونسية لجأت إلى استعمال القوة غير المشروعة لتفريق محتجين، واستهدفت شخصيات بارزة من منتقدي الرئيس والأعداء المُفترضين له بالملاحقة القضائية والاحتجاز التعسفي. وهُدّد الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.

ولفت التقرير إلى أن قيس سعيِّد أصدر مرسومين جديدين يمنحانه، مع بنود في الدستور الجديد، سلطات تتيح له التدخل في المسارات الوظيفية للقضاة، وعزل القضاة بإجراءات موجزة، وإقرار التعيينات القضائية، مما يعني تقويض استقلال القضاء.

وفي 1 يونيو من العام الماضي، عزل الرئيس قيس سعيِّد 57 قاضيًا بإجراءات موجزة، متهمًا إياهم بسوء السلوك، بما في ذلك تعطيل تحقيقات والفساد والزنا. وألغت المحكمة الإدارية التونسية 49 من قرارات العزل، لكن وزارة العدل رفضت إعادة القضاة إلى عملهم.

وذكر المصدر ذاته أن الرئيس قوض حرية التعبير بإصدار مرسومين يفرضان عقوبة السجن لنشر “أخبار كاذبة” بشكل مغرض أو الإدلاء بتصريحات تتضمن تشهيرًا.

ويقضي المرسوم عدد 14 لسنة 2022، الذي دخل حيز التنفيذ في 21 مارس، بالسجن مددًا تتراوح بين عشر سنوات ومدى الحياة لأي شخص “يباشر أنشطة اقتصادية” يروِّج عمدًا “لأخبار أو معلومات كاذبة أو غير صحيحة” بخصوص إمدادات السلع.

ويقضي المرسوم عدد 54 لسنة 2022، الصادر في 13 شتنبر، وهو قانون جديد بشأن الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، بفرض عقوبة السجن مددًا تصل إلى 10 سنوات لإساءة الاستخدام المتعمدة لشبكات الاتصالات بغرض إنشاء، أو إرسال، أو نشر “أخبار كاذبة” أو أي محتوى آخر كاذب أو يتضمن تشهيرًا. ويسمح للسلطات بحل الهيئات التي يثبت مخالفتها له.

وأشار التقرير إلى أن هذا المرسوم يهدد الحق في الخصوصية من خلال منح السلطات صلاحيات واسعة لمراقبة كيفية استخدام الأفراد للإنترنت، واعتراض الاتصالات الخاصة، ومشاركة البيانات الشخصية مع حكومات أجنبية.

ووبحسب المنظمة، فقد أجرت السلطات القضائية تحقيقات مع ما لا يقل عن 32 شخصية بارزة من منتقدي الرئيس أو خصومه المُفترضين أو لاحقتهم قضائيًا، وذلك لممارستهم حقهم في حرية التعبير. ومن بينهم أعضاء في البرلمان، المنحل حاليًا ومحامون وصحفيون.

وسجلت الهيئة ذاتها تقاعس السلطات التونسية إلى حد كبير عن محاسبة أفراد قوات الأمن الذين وُجهت إليهم اتهامات موثوقة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وقالت المنظمة إن المحاكم لم تصدر قرارات أو أي أحكام أخرى في أي من المحاكمات العشر التي بدأت في عام 2018 بعد أن أحالت هيئة الحقيقة والكرامة إلى محاكم متخصصة قضايا أفراد من قوات الأمن اتُهموا بارتكاب انتهاكات خلال الثورة التونسية، من دجنبر 2010 إلى يناير 2011.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *