آخر أخبار الرياضة، العمق الرياضي

هل تؤجج قرارات منع تنقل الجماهير ظاهرة العنف في الملاعب المغربية؟

تواصل السلطات المحلية والأمنية لعدد من المدن المغربية إصدار قرارات منع تنقل الجماهير لتجنب نشوب أحداث شغب وعنف خاصة في المباريات بالغة الحساسية بسبب العلاقة المتوترة بين أنصار مجموعة من الفرق المغربية.

وتجد السلطات في منع تنقل الجماهير آلية للحد من أحداث الشغب سواء داخل الملاعب أو خارجها، حيث تسهر السلطات الأمنية على مواجهة هذه الأعمال التخريبية بإجراءات استباقية قبل المباريات الكبيرة والحساسة لمنع حدوث شغب بين الجماهير.

آخر القرارات في هذا الشأن، هو قرار سلطات مدينة الدار البيضاء منع جماهير الجيش الملكي من مؤازرة فريقها أمام الوداد الرياضي في قمة “الكلاسيكو”، على أرضية المركب الرياضي محمد الخامس، غدا الأربعاء بداية من الساعة السابعة والربع، لحساب مؤجل الجولة 24 من البطولة الاحترافية لكرة القدم.

وجاء قرار المنع تفاديا لإمكانية نشوب أحداث الشغب بين جماهير الفريقين، لا سيما في ظل حساسية اللقاء وتأثيره على صراع لقب البطولة الاحترافية لكرة القدم.

تأجج العنف

سبق للباحث في السياسات الرياضية، حمزة الكوندي، التأكيد أن قرار منع الجماهير من التنقل لتشجيع أنديتها في مدن أخرى سيولد العنف بين الأنصار لما في القرارات المذكورة من “تمييز” بين جماهير على حساب أخرى، حيث ترى هذه الجماهير نفسها “مضطهدة” وتتخذ هذه القرارات في حقها فقط.

وأضاف الكوندي، في تصريح لجريدة “العمق”، أن المشجعين يرون في هذه القرارات خدمة لمصالح فرق دون غيرها، مشددا على عدم وجود أي مبرر لمثل هذه القرارات، داعيا إلى الحسم في هذا الموضوع عبر منع تنقل الجماهير بصفة نهائية أو السماح به لجميع أندية البطولة الاحترافية لكرة القدم.

وأشار الباحث في السياسات الرياضية إلى أن “جماهير أندية متضررة أصبحت تطالب بعدم تنقلها لجميع مدن المملكة مقابل منع جماهير الفرق المنافسة أيضا من زيارة ملعبها، مشددا على أن “توجه السلطات نحو منع الجماهير يخدم مصالح أندية بعينها، حيث لا تمنع جماهير بعض الفرق رغم علاقتها المتوترة بجماهير فريق مدن معينة”.

غضب الجماهير

ما إن أعلنت السلطات عن قرار منع التنقل، حتى اشتعل غضب جماهير الجيش الملكي، حيث اعتبرت أن القرار لم يحترم مبدأ “المعاملة بالمثل وضمان تكافؤ الفرص”، في ظل حضور جمهور الوداد إلى الرباط لمؤازرة ناديه في مباراة الذهاب، مشددة على أنه يلزم التعامل بالمثل وضمان حضور جمهور الجيش في مباراة الإياب، من أجل إعمال مبدأ تكافؤ الفرص.

وتساءل عدد من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي: “هل سلطات الرباط لها القدرة على تدبير مباريات ملعب مولاي عبد الله، في حين أن سلطات المدن الأخرى غير قادرة على تنظيم المباريات في مدنها ؟”

وبات من المستحيل، منذ فترة طويلة، تنقل جماهير مجموعة من الفرق لملاعب فرق أخرى، بمبرر حفظ الأمن، وتفادي أحداث الشغب، حيث طالب الأنصار بمراجعة القرار خاصة أن مثيري الشغب تتم معاقبتهم طبقا للقوانين المعمول بها، معتبرين أنه لا يوجد سبب لمنع كل الجماهير من التنقل.

واعتبرت الجماهير المتضررة أن هذه القرارات قاسية، خاصة على جماهير تعشق فرجة كرة القدم، ولا علاقة لها بالشغب والفوضى، محذرة من أن هذه القرارات دائمة، وأن يتم منع تنقل الجماهير نهائيا في البطولة الوطنية، ما سيضر، على حد تعبيرها، بميزانيات أندية كرة القدم.

“تحدي” السلطة

رغم صدور قرار المنع في عدد من المباريات، إلا أن الجماهير تتحدى قرارات السلطات وتتنقل لمؤازرة أنديتها، حيث يصل غضب بعض جماهير الفرق الوطنية، إلى تحدي هذه القرارات في بعض المباريات، منهم من ولج الملاعب، ومنهم من منع في أبوابها، وآخرون يتم منعهم قبل الوصول للمدينة.

ولا يقتصر على فرق بطولة القسم الأول، وإنما حتى بعض مباريات بطولة القسم الثاني، ويصل إلى القسم الوطني هواة، حيث تبرر السلطات ذلك بـ”تهديد الأمن العام وتفادي الشغب”.

وفي هذا الصدد، قرر فصيلا “إلترا عسكري” و”بلاك آرمي”، تنقلهما إلى الدار البيضاء لمؤازرة فريق الجيش الملكي في مباراته أمام الوداد الرياضي، لحساب مؤجل الجولة 24 من البطولة الاحترافية لكرة القدم.

وقال الفصيلان في بلاغ مشترك: “يوم الأربعاء لا بديل عن الإنتصار ولن نتقبل غير العودة بالزاد الكامل، أما من جهتنا ستجدوننا مجندين خلفكم، لن نبخل أو نتهاون في تقديم الدعم والمؤازرة”.

وأضاف البلاغ: “وعليه نضرب لكم موعدا بمركب محمد الخامس لحسم هذا اللقاء المصيري، وفي هذا الصدد نعلن لأطياف الجمهور العسكري أنه سيتم الإعلان عن نقطة وتوقيت التجمع قصد انطلاقة موكب العساكر تجاه البيضاء”.

غياب السند القانوني

الكوندي، شدد على أن قرار المنع لا يستند لأي سند قانوني وهو غير ملزم لأن عدم تطبيقه لا يترتب عنه أي عقوبة، عكس بعض الدول مثل إيطاليا وفرنسا، حيث ينص قوانين هذه البلدان، على حد تعبيره، على منح السلطات حق إعلان حالة الطوارئ أثناء المباريات لمواجهة أي أحداث شغب أو عنف.

وأوضح الكوندي أن “الجهات الموكولة لهم حق إصدار قرار المنع، هم أشخاص في الولاية أو غيرها من الجهات التي تصدر قرار فرديا بمنع الجماهير، دون العودة إلى أي لجنة أو مجلس”.

كما شدد الكوندي على أن قرار السلطات بالمنع هو في الأصل يهدف لمنع التنقل الجماعي وليس الفردي، غير أن الإشكال، على حد قوله، هو ما إن تتنقل للمدينة التي أصدرت قرار المنع حتى تبدأ حملة الاعتقالات ويمنع دخول الأفراد كذلك، حتى وإن لم يكن لهم علاقة بحضور اللقاء ودخول الملعب.

خطوة استباقية

من جانبه، وجه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت تعليمات صارمة للولاة والعمال في مختلف مدن المملكة للتحرك بشكل استباقي في مواجهة ظاهرة الشغب، من خلال عدم التردد في إصدار قرارات بمنع تنقلات الجماهير في المباريات التي تشهد تهديدات بحصول أعمال شغب، خصوصا تلك التي تجمع بين فرق سبق أن حصلت مواجهات بين جماهيرها.

كما سبق لوزير الداخلية التأكيد على أن السلطات تتجند في المواجهات المحتمل وقوع أحداث شغب فيها، عبر أخذ الاحتياطات اللازمة للحد من تداعياته على الأمن العمومي، إضافة لمنع تنقل الجماهير للمدن الأخرى بل وإجراء عدد من المباريات دون جمهور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *