مجتمع

شهيد يرصد “تناقضات” بمواد مدونة الأسرة وينتقد “محدودية” اجتهادات القضاة

انتقد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، عبد الرحيم شهيد، ما سماه التناقض بعدد من مواد مدونة الأسرة، مسجلا “محدودية” اجتهادات القضاة وغلبة الطابع المحافظ لدى الكثير منهم.

جاء ذلك في كلمة لشهيد على هامش ندوة نظمها الفريق الاشتراكي بمجلس النواب لمناقشة موضوع “المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة: نحو تعزيز الحقوق والمساواة في المجتمع”.

وأوضح شهيد أن مدونة الأسرة الحالية شكلت قطيعة حقيقية مع مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية، حيث تضمنت العديد من المقتضيات التي أنصفت المرأة المغربية، من خلال تعديل وتفصيل وإدراج العديد من الأحكام، التي شكلت وبكل موضوعية، على حد تعبيره، ثورة حقيقية حينها.

وأشار إلى أن “المتغيرات التي عرفها المجتمع المغربي بعد مرور 19 سنة على إقرارها، أظهر القصور والضعف بل وحتى التناقض على العديد من موادها، بالإضافة إلى محدودية اجتهادات القضاة، وغلبت الطابع المحافظ لدى الكثير منهم، وتناقض المحاكم فيما بينها، وعدم مسايرة البعض منهم للتطور العلمي وعدم الالتزام بروح الدستور، خاصة على مستوى احترام حقوق الانسان وسمو المواثيق الدولية”.

وشدد رئيس الفريق الاشتراكي على أن هذه المتغيرات باتت تفرض اليوم مراجعة شاملة لها، وهو ما أوضحه، على حد قوله، وبشكل مباشر الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير حينما قال “وإذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية؛ لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها، ومن بينها عدم تطبيقها الصحيح، لأسباب سوسيولوجية متعددة‘‘.

وأضاف: “إن نقاش مدونة الأسرة في هذه الظرفية والدفع في اتجاه مراجعة كاملة لمقتضياتها لا يجد أهميته فقط في تجاوز الزمن للعديد من أحكامها، بل إن أهمية هذا النقاش ترتبط بالغاية من وضع مدونة للأسرة المغربية في الأصل”

وزاد أيضا: “هذه الغاية التي تتجاوز مسألة تنظيم وتقنين العلاقات داخل الأسرة إلى مسألة كيفية جعل الأسرة المغربية دعامة أساسية في عملية تحقيق التنمية، خاصة أن بلادنا منكبة على الدخول في تحول تنموي شامل، وهو ما يفرض ضمان مساهمة جميع مكونات الأسرة في عملية خلق التنمية، وما لا يمكن تحقيقه إلا بضمان وحماية حقوق جميع هذه المكونات”.

إن مطلب المراجعة الشاملة يجد أهميته أيضا، يؤكد شهيد، في كونه يتعلق بأحد أهم المؤسسات الاجتماعية، وبالخلية الأساسية للمجتمع المغربي طبقا للمادة 32 من الدستور، أي بتنظيم الأسرة المغربية، التي عملت الدولة المغربية ومنذ فجر الاستقلال على تنظيمها وتأطيرها وحمايتها، في تفاعل دائم ومستمر مع التحولات التي عرفها المجتمع المغربي، من خلال العديد من النصوص القانونية التي تعتبر مدونة الأسرة آخرها.

وذكر النائب البرلماني بأن مسار تنظيم العلاقات بين مكونات الأسرة المغربية ابتدأ مع إصدار مدونة الأحوال الشخصية سنة 1957، وهي المدونة التي لم تعدل، حسب شهيد، حتى سنة 1993، بالرغم من المحاولات العديدة التي هدفت إلى تعديلها، كان دائما يصاحب بنقاش عمومي مفتوح، وهو أمر صحي ومطلوب بل إنه أمر ضروري، وهو ما عرفته أيضا عملية إقرار مدونة الأسرة الحالية سنة 2004.

وأوضح شهيد أنه متشبت بالمراجعة الشاملة لأحكام مدونة الأسرة، مضيفا أن ذلك سيكون لا محالة حلقة أخرى من حلقات كل من مسلسل البناء الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب منذ حكومة التناوب التوافقي، ومسلسل تعزيز موقع المغرب من داخل المنتظم الدولي، وذلك من خلال تكريس إضافي لمبدأ المساواة أمام القانون بين المغاربة رجالا ونساء، ومن خلال احترام أكثر لبنود الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والمهتمة بتقوية مكانة المرأة داخل المجتمعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *