آخر أخبار الرياضة، العمق الرياضي

العنصرية تلاحق “فينيسيوس” بإسبانيا.. أنشلوتي غاضب وتضامن واسع ومطالب بفتح تحقيق

“هذه الواقعة لم تكن الأولى ولا الثانية ولا الثالثة.. العنصرية أمر طبيعي في الدوري الإسباني”، بهذه الكلمات علق البرازيلي فينيسيوس جونيور، على الأحداث التي شهدتها مباراة ريال مدريد وفالنسيا الإسبانيين.

وأضاف اللاعب فينيسيوس في بيان نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، أن “الرابطة تعتقد أن هذا أمر طبيعي، والاتحاد يفعل ذلك أيضًا ويشجع الخصوم. أنا آسف جدا. البطولة التي كانت ملكًا لرونالدينيو ورونالدو وكريستيانو وميسي، اليوم تنتمي إلى عنصريين”.

وأشار اللاعب إلى أن إسبانيا أصبحت تُعرف في بلاده بـ”بلد العنصريين”، مردفا: “لسوء الحظ، ليس لدي دفاع عن كل ما يحدث كل أسبوع. لكنني قوي وسأذهب حتى النهاية ضد العنصريين. حتى لو كان بعيدًا عن هنا”.

مباراة مشحونة

بالعودة إلى ما جرى، استضاف أمس الأحد نادي فالنسيا ضيفه ريال مدريد في الجولة 35 من الليغا، مباراة كانت على صفيح ساخن.

ففي الدقيقة السبعين وعلى أرضية ملعب “ميستايا” في مدينة بلنسية بإسبانيا، ذهب فينيسيوس إلى مدرجات الملعب، وتوجه إلى أحد المشجعين قائلا “إنه أنت، أعرف أنه أنت”. وحسب صحيفة “آس” الاسبانية، فإن ذلك المشجع تلفظ بعبارات عنصرية في حق اللاعب.

ورفض فينيسيوس استكمال اللعب، لتتوقف المباراة 9 دقائق تقريبا، بعدها استأنف الحكم المباراة بعدما أقنع أنشيلوتي وطاقمه باستكمال اللقاء، قبل أن يحتسب 10 دقائق كوقت بدل ضائع، وفيه ستزداد الأحداث إثارة.

ففي الدقيقة السابعة بعد التسعين، وبعد سلسلة من الالتحامات والاشتباكات بين اللاعبين، تحصل فينيسيوس جونيور على أول بطاقة حمراء له هذا الموسوم، عقب دخوله مع لاعب فالنسيا في مشادات بالأيادي، وسط محاولات اللاعبين الفصل بينهما. وانتهت المباراة بخسارة الريال بهدف لصفر.

أنشيلوتي يثور

كارلو أنشيلوتي، مدرب ريال مدريد، بدوره عبر عن غضبه الشديد بسبب ما تعرض له لاعب فريقه، فينسيوس جونيور، وقال في الندوة الصحفية التي أعقبت المباراة: “لا أريد أن أتحدث عن كرة القدم، فأنا غاضب للغاية، ما حدث اليوم عار”.

وأضاف المدرب الإيطالي: “الجماهير الحاضرة وصفت فينيسيوس بالقرد، وأعتقد أن رابطة الليغا لديها مشكلة خطيرة للغاية مع هذا الأمر”، مشيرا إلى أنه أخبر اللاعب بأنه “ليس الجاني، وليس عليه المغادرة”.

تضامن واسع

على إثر هذا الحدث الذي تم تداوله في جميع وسائل الاعلام، تهاطلت رسائل التضامن مع اللاعب من طرف زملائه في الميدان.

ونشر الدولي المغربي، وظهير باريس سان جيرمان الفرنسي، أشرف حكيمي، رسالة تضامنية أدان فيها تعرض مهاجم الريال للعنصرية. وقال في تدوينة نشرها على حسابه على الانستغرام: “نحن معك يا أخي”.

من جهته، عبر النجم الفرنسي، كيليان مبابي، عن تضامنه مع اللاعب البرازيلي، ونشر عبر حسابه الرسمي على الانستغرام صورة للاعب معلقا عليها بـ”لست وحدك.. نحن معك وندعمك”.

في نفس السياق، عبر الدولي الإنجليزي ونجم مانشستر يونايتد السابق، ريو فرديناند، عن استيائه الشديد لما يحدث مع جونيور في الملاعب الإسبانية.

وعلق ريو على الحادث في تغريدة قائلا: “أنت بحاجة إلى الحماية، من يحمي فينيسيوس في إسبانيا؟ لقد حصل على بطاقة حمراء بعد أن تعرض للاختناق وتلقى إساءات عنصرية خلال المباراة”.

وأضاف: “كم مرة نحتاج لرؤية هذا الشاب يتعرض لهذا الوضع المزري؟ أرى الألم، أرى الاشمئزاز، أرى أنه يحتاج للمساعدة، والسلطات لا تبذل أي جهد لمساعدته. يجب على الناس أن يقفوا معًا ويطالبوا بالمزيد من السلطات التي تدير لعبتنا. لا أحد يستحق هذا، ومع ذلك أنتم تسمحون به. يجب أن يكون هناك نهج موحد لهذا، وإلا سيتم تجاهله مرة أخرى”.

الفيفا تتدخل

في هذا السياق، أعلن جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، عن تضامن “الفيفا” مع فينيسيوس جونيور نجم ريال مدريد، عقب ما عاشه في ملعب ميستايا.

وقال إنفانتينو، في بيان صحفي: “نتضامن بشكل كامل مع فينيسيوس. لا مكان للعنصرية في كرة القدم أو في المجتمع، والاتحاد الدولي لكرة القدم يدعم جميع اللاعبين الذين يواجهون هذه المواقف”.

وأشار إلى الخطوات الثلاث التي وجب اعتبارها في مثل هذه الواقعة، وهي “أولاً، يتم إيقاف المباراة. ثانياً، يترك اللاعبون الملعب ويعلن المذيع أنه إذا استمرت الهجمات، سيتم تعليق المباراة. بعدها تُستأنف المباراة، ثم في المرحلة الثالثة، إذا استمرت الهجمات، ستتوقف المباراة وستذهب الثلاث نقاط للفريق المنافس”.

الناديان يعلقان

بدوره، عبر نادي ريال مدريد عن إدانته لما تعرض له المهاجم البرازيلي من هتافات عنصرية، وقال في بيان رسمي: “يدين النادي بأشد العبارات ويرفض بشدة أحداث الاعتداء العنصري التي وقعت بالأمس ضد لاعبنا فينيسيوس جونيور”.

وأضاف النادي الملكي، أن مثل هذه الأحداث تشكل “هجوما مباشرا على نموذج التعايش في دولتنا الديمقراطية والاجتماعية التي يحكمها القانون”، مشيرا إلى أن مكونات النادي تعتبر هذه الهجمات بمثابة “جريمة كراهية، ولذلك قدم النادي البلاغ المناسب إلى مكتب المدعي العام، وتحديدا إلى مكتب المدعي العام لمكافحة جرائم الكراهية والتمييز، للتحقيق في الأحداث وتوجيه المسؤوليات”.

من جهته، أدان نادي فالنسيا في بيان رسمي، الأحداث التي وقعت، قائلا: “ندين علنا أي نوع من الإهانة أو الهجوم أو التقليل من مكانة كرة القدم.. ونأسف للأحداث التي وقعت خلال مباراة الجولة 35 من الدوري الإسباني”.

وأشار البلاغ إلى أنه “على الرغم من أنها حادثة فردية، إلا أن الإهانات الموجهة لأي لاعب في الفريق المنافس لا مكان لها في كرة القدم ولا تتناسب مع قيم وهوية فالنسيا، ونحن نحقق في الأحداث وسنتخذ أشد الإجراءات، ولكن وعلى نفس المنوال نطالب بأقصى درجات الاحترام تجاه جماهيرنا”.

كما رفض النادي تعليقات المدرب الإيطالي، كارلو أنشيلوتي، التي قال فيها إن جماهير “الخفافيش” وصفت اللاعب بـ”القرد”، وجاء في البيان: “نادي فالنسيا لا يتسامح مع شخص يتهم جماهيرنا بالعنصرية، ونحن نرفض بشدة تعليقات أنشيلوتي”.

العنصرية المدمرة

لطالما كانت العنصرية، أكثر فيروس يجتاح جسم الكرة العالمية، وبسببها يتعرض مجموعة من اللاعبين، لا سيما ذوي البشرة السمراء، لأعنف الكلمات والعبارات القدحية في حقهم.

وعند حديثنا عن أبرز اللاعبين الذين يصنفون أنهم “ضحايا العنصرية”، لا يمكن ألا يتبادر إلى أذهاننا، اللاعب الذي اشتهر بصورته وهو يظهر عبارة “Why Always Me?”. إنه ماريو بالوتيلي، صاحب البشرة السمراء الذي كانت دائما الهتافات العنصرية تطوله رغم أداءه الجيد، ودفعته إلى التساؤل “لماذا دائما أنا؟” في حركته الشهيرة ضد مانشستر يونايتد.

عانى ماريو من العنصرية طيلة فترة لعبه في الملاعب الإيطالية والإنجليزية، ولسوء حظه أن طبيعة الجماهير في البلدين معروفة بانتشار كبير للفكر العنصري، وهو ما أدى إلى جعله شخصا كثير المشاكل داخل الملعب وخارجه.

ردود فعله جراء الهتافات التي كان يسمعها دائما من الجماهير، دفعت أغلب مسيري الفرق التي كان يلعب فيها إلى تصنيفه كـ”لاعب مهمته افتعال المشاكل”، رغم أن علاقته مع المدربين واللاعبين كانت جيدة، والمشكلة في الأساس كانت مع الجماهير، وهذا ما نتج عنه تراجع في مستوى اللاعب، الذي أضحى يعد “موهبة قوية دمرتها العنصرية”، حسب متتبعي الكرة العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *