وجهة نظر

عودة الامتحانات الإشهادية والحقيقة التائهة

لعل التحول الدراماتيكي في ثقافة النجاح والرسوب في منظومتنا التعليمية، أمسى يتمظهر في الرغبة العنيدة في النجاح وبأي ثمن! بل تجاوز ذلك ربما وبدون مراعاة التمكن من اكتساب مختلف الكفايات الضرورية للانتقال للمستويات الموالية، فالكثير من الأسر بدأت تزيغ عن اتجاه البوصلة، لا تنخرط في محاربة ظاهرة الغش، بل ربما هناك البعض ممن يشجع على هذا الغش بحد ذاته، وبطرق كثيرة تميل في بعض الأحيان إلى التباهي باستعمال حيل غير مكتشفة، وبطرق كثيرة ومتنوعة، زد على ذلك ظاهرة التباهي وتحقيق الأرقام القياسية في النقط العددية، ودعوة البعض لتخفيض عتبة النجاح لفتح الباب على مصراعيه لتحقيق مسار مليء بتعثرات الفشل..فحقا هناك خلل كبير.. فمن الأجدر أن تعمل الجرأة على وضع النقط فوق الحروف بشكل صحيح!!

فإذا كانت الامتحانات الإشهادية تميل للسهولة الغريبة، وتقتصر على جزء من المقررات ويبتعد عن الشمولية في كل شيء، فما الفائدة منها أصلا !
وإذا كان الميول والتشجيع يتم بعيدا عن المنطق الذهني، ومرتبطة فقط بالحفظ والشهرة المظهرية للتوجيه لنيل الاعتراف داخل المنظومة والمجتمع، فهذا خلل كبير يحتاج لرجة عميفة اسمها الإصلاح الجوهري لامتحانات أمست مكلفة في كل شيء، وغير منطقية فيما يخص تكافؤ الفرص وتحقيق المبتغى والجودة المنشودة من قبل شعارات الجميع!!

وما قلنا سابقا في الكثيى من المقالات، فالنقط العالية جدا، والمرتبطة بسهولة المواضيع، من الأمور المجانبة للحكمة.

فنظام الامتحانات، وجب اصلاحه بشكل بنيوي، حتى لا تصبح الامتحانات هالة تؤثر على نفسية التلاميذ والأسر ككل.

كما أن هاجس الولوج إلى المدارس العليا، عليه أن يتخلص من نظام النقط العددية للباكالوريا، وتقام مباراة يمتحن فيها جميع الناجحين الراغبين في ولوج تلك المعاهد!

فلا يعقل أن تحدد نقطة عددية في الباكالوريا مسار حياة دراسية كاملة للتلميذ، الذي تعرض لنكسة أو هفوة، جعلته غير قادر على الحصول على نقطة عددية كبيرة، تسمح له بالمشاركة، أو الولوج لتلك المعاهد ذات الاستقطاب المحدود.

وفي بعض الأحيان يزداد استغرابي في واقع التقويمات الإشهادية، ونسبة النجاح والانتقال بين المستويات الدراسية التعليمية، ففي التقارير الرسمية الموضوعية والواقعية، نجد خلاصات كثيرة، من بينها ان نسبة 70% من المتعلمات والمتعلمين المنتقلين للسلك الإعدادي غير متمكنين من الكفايات الأساسية، وهناك خلاصة اخرى تؤكد ان اغلبية المنتقلين لمستوى السلك الإعدادي لا تستحق النجاح والعبور لهذا السلك، بحكم عدم تمكنها من الكفايات الضرورية والاساسية، لكن في المقابل نجد نسبة النجاح مرتفعة، نفس الشيء بالنسبة للنقط العددية في جميع الاسلاك تقريبا خصوصا نقط المراقبة المستمرة، مقابل هدر مدرسي مرتفع في هذا السلك بالأساس (الإعدادي)! فأمام هذا التناقض اظن ان الجراة تقتضي تحمل المسؤولية، وترتيب المسؤوليات، من خلال وضع سكة التقويمات في مجالها المضبوط، بعيدا عن النفخ في النقط العددية لتحقيق الانضباط أو نيل الاعتراف أو كسب ود التلاميذ واوليائهم أو الحفاظ على ديمومة استمرارية التسجيل في بعض المؤسسات بعينها وزد على ذلك كثير..فيا حقيقة! كم أنت مؤلمة وصعبة عندما يتم وضعك في خانة واحدة مؤطرة بكلمة واقعية اسمها “الحقيقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *