خارج الحدود

5 سنوات على مقتله.. “ملك ملوك إفريقيا” لا زال حاضرا

تمر اليوم الذكرى الخامسة لمقتل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي أو “ملك ملوك إفريقيا” كما كان يلقب نفسه، على أيدي مجموعة من الثوار في حادثة لم تتضح معالمها إلى حدود اليوم وتعددت الروايات المفسرة لها، مقتل زعيم حكم طرابلس لـ42 عاما بقبضة من حديد، وجمع السلطات في يده ووزع ثروات البلاد بين أفراد عائلته.

ومع كل ذكرى يسترجع العالم والليبيون مقاطع فيديو تظهر الزعيم “الأخضر” يتوسل لمن وصفهم يوما بالجرذان واتهمهم بالولاء لتنظيم القاعدة، قائلا “حرام عليكم.. حرام عليكم”، لم يؤثر فيهم لأنهم كانوا يعتقدون ولازال البعض منهم يعتقد ويأمل أنه بمجرد سقوط القذافي ستعانق ليبيا سماء الديمقراطية والحرية.

رحل الدكتاتور، لكن نظام حكم الفرد وغياب الاستقرار والصراعات القبلية لم ترحل بل إن إرثه لا زال قائما ولم يهو، فتردت الأوضاع بالبلد أكثر فأكثر، مما جعل الليبيين ينقسمون بين محتفلين بذكرى سقوط العقيد ومترحمين على أيامه وافتقادهم للعيش في كنف الاستقرار الذي لم تنعم به بلدهم منذ 2011.

تحسر والتشفي

اختلفت التعليقات والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي في ذكرى مقتل العقيد، حيث وصفه البعض بـ “فخر ليبيا” و”شهيد العزة”، فيما أطلق أخرون عبارة “أزلام القهرة” للإشارة إلى أولئك الذين يتحسرون على عهد الزعيم السابق الذي لم يمح ذكراه السيئة في أذهان شعبه، الذي ظل يعاني من أربعين سنة من الفوضى ولا زال التشتت والصراع ينهكه.

في هذا السياق، أوضح محمد الجرح الخبير الليبي في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، لوكالة الانباء الفرنسية أن “الليبيين مجبرون على الاختيار بين أمرين يقعان على طرفي نقيض: الفوضى في ظل حكم الميليشيات والمتطرفين أو نظام عسكري”، مضيفا أنه “ليست هناك بدائل مقنعة”.

فيما اعتبر المتخصص بالشؤون الليبية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتيا توالدو أنه “من الصعب تصور أن البلاد يمكن أن تستعيد استقرارها في وقت قريب، بسبب الانقسامات ورغبة أطراف النزاع بالسيطرة على المجتمعات التي تقاومها”.

وأضاف أن الليبيين الذين عاشوا في ظل “نظام مستبد قمعي ومركزي” في عهد القذافي، يميلون على ما يبدو إلى “شكل آخر من الحكم المستبد أكثر مركزية وفوضوية”.

أما الإعلامي عبد الباسط بن هامل المقرب من نظام القذافي والمقيم حاليا في مصر، فقال إن “معمر القذافي كان يفهم جدا التركيبة الليبية وطبيعة الأرض الليبية، والمشهد لم يكن كما هو الآن، فحالة الانقسام السياسي والمجتمعي والقبلي، لم تكن موجودة، فكان القذافي يملك الحنكة والذكاء والحضور، وكان فعلا يملك صفة القائد كما يجب أن تكون، ليس الرئيس بل القائد، فكان عرابا للدولة الليبية”.

واعتبر بن هامل، في حوار مع موقع “سبوتنيك”، أن “القذافي لم يكن شخصا بل كان حالة، رجل لا يتكرر، ونحن نتمنى أن يأتي رجال قادرون على انتشال ليبيا من هذا المستنقع، والتاريخ يقول إن الأمر ممكن وحدث، بداية من عهد عمر المختار ونضاله ضد الاحتلال”، على حد تعبيره.

وولد القذافي في السابع من يونيو سنة 1942 تحت خيمة بدوية في صحراء سرت في عائلة فقيرة من قبيلة القذاذفة ونشأ على تربية دينية صارمة والتحق بالجيش في العام 1965، ليطيح بعد 4 سنوات رفقة أحد عشر ضابطا آخر بنظام الملك إدريس السنوسي، ففرض القذافي نفسه “قائدا للثورة” وحصل على دعم الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر.

في مارس 1977، أعلن القذافي قيام “الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية”، لكنه أضاف الى الاسم “العظمى” بعد أن قصفته الطائرات الأميركية سنة 1988. تميز بسلوكه وتصريحاته ونظرايته الغريبة والمثيرة للجدل وأحيانا للسخرية خاصة انتقاداته لنظرائه العرب من خيمته المتنقلة في الصحراء بحماية وحدات أمنية من النساء بالزي العسكري.

في القمة العربية في 1988 ارتدى قفازا أبيض بيده اليمنى، وقال إنه لا يريد مصافحة “أياد لطخت بالدماء”، ومن ضمن نظرياته أن “كتابه الأخضر” يشكل الحل الوحيد للبشرية ويؤكد أن الديمقراطية لا يمكن إحلالها عبر صناديق الاقتراع، معتبرا أن الانتخابات ليست سوى “مهزلة”.

وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت في يونيو 2011، بحقه وابنه سيف الإسلام وصهره عبد الله السنوسي رئيس الاستخبارات الليبية مذكرة توقيف دولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.