حوار في العمق

الحلقة الكاملة من “حوار في العمق” مع مدير “نارسا” بناصر بولعجول (فيديو)

متتبعو جريدة العمق المغربي الإلكترونية أهلا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم حوار في العمق.

ألم يتعظ المغاربة بعد من فداحة آلاف القتلى على الطرقات سنويا، وتفويت ملايير الدراهم على خزينة الدولة؟ أيهما المتسبب الأول في حوادث السير القاتلة؟ هل العامل البشري أم وضعية الطرقات وهشاشة بعض المقاطع؟ لماذا يحترم المواطن المغربي القوانين خارج البلاد ويتعمد خرقها في المغرب؟ أي دور يمكن أن تلعبه الدولة للحد من حوادث السير؟ وأي حصيلة للاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية؟ أليست منظومة التكوين والتقييم للحصول على رخصة السياقة متجاوزة بيداغوجيا وقانونيا؟

هذه الأسئلة وغيرها نناقشها اليوم مع ضيف برنامج حوار في العمق، بناصر بلعجول، مدير الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية. الأستاذ بالناصر تفضل، مرحبا بك في ضيافة برنامج حوار في العمق.
_شكرا لك محمد على الاستضافة وعلى الاهتمام بهذا الموضوع الذي يهم جميع المغاربة وأي مستعمل للطريق، يهمنا كأفراد مستعملين للطريق، ولكن يهما أيضا كمسؤولين، كل من موقعه، سواء من موقعك أنت سي محمد أو موقع أي مواطن آخر.

_يبدو أن المغاربة لا يستشعرون فداحة عدد القتلى على الطرقات، وهو عدد ربما يتجاوز قتلى مرضى القلب والسرطان، ولا زلنا لم نضع الحد لهذا النزيف بشكل نهائي وأعتقد أن رقم 3000 قتيل في السنة رقم مفزع.

_ظاهرة حوادث السير ظاهرة كونية، تهم جميع دول العالم بدون استثناء، سواء كانت متقدمة أو في طريق النمو، أو غير متقدمة. وسنويا منظمة الصحة العالمية تحصي مليون و350 ألف وفاة سنويا بسبب حوادث السير، وما يناهز 50 مليون جريح، هذه هي الاحصاءات على الصعيد الدولي، بطبيعة الحال..

_هناك تفاوت بين الدول، وأعتقد أننا في مرتبة غير مشرفة..

_هناك تفاوت بين الدول، لا يمكن أن نقول بأننا في مرتبة غير مشرفة، فكيفما كان الحال لا يجب أن تقع أي حادثة، ومادام هناك وفيات فيجب أن نشتغل ونجتهد، وأن نضع الآليات كي نتحكم في الظاهرة. اليوم على الصعيد الدولي هناك دول نسبها جد محترمة، خاصة الدول الاسكندنافية ودول الشمال…

_ذكرنا ببعض الأرقام بعجالة في هذه الدول الاسكندنافية، وأنت سبق أن ترأست منظمة ذات أبعاد دولية، أي الأرقام المشرقة التي تشير إلى التراجع..

_هناك دول تسجل 600 وفاة أو 300 وفاة سنويا، ولكن طبعا في ارتباط بحجم السكان والمركبات وغير ذلك… على المستوى الدولي نعتمد مؤشرات لأجل المقارنة، فلا يمكن أن نقارن بالمؤشرات الخام كعدد الوفيات وعدد الحوادث، ولكننا نعتمد مؤشرات معيارية، يدخل فيها حجم السكان وحجم المركبات، حجم حركية السير والجولان، وأفضل مؤشر هو الذي يربط عدد الوفيات بحركية السير والجولان، أي ما هو عدد التنقلات اليومية، ووباء كوفيد أظهر انخفاض حوادث السير في جميع دول العالم بنسبة تتجاوز 20%..

_وهذا مؤشر واضح على محورية العامل البشري..

_لا، ارتباطا بالتنقل، فلو كان هناك مليار من المركبات، فهي لا تشكل خطرا إذا لم تتحرك، وبالتالي الخطورة مرتبطة بحركية السير والجولان. عموما، إذا أردنا مقارنة بلدنا بالمستوى الإفريقي، فنحن نمتلك رابع أحسن مؤشر في السلامة الطرقية، والدول التي تتجاوزنا هي دول السيشل وجزر القمر، ولا تضم كثافة سكانية كبيرة، وهناك مصر، ولست أدري سبب تصنيفها، ثم المغرب كرابع أفضل مؤشر.

_مصر، رغم الحوادث الكثيرة ونسبة السكان المرتفعة…

_هذه هي المعلومات المتوفرة، هل هي صحيحة أو لا، لا نعلم، فمنظمة الصحة العالمية قدمت هذه المؤشرات، نحن نقارن أنفسنا بدول أخرى، لكننا نقول لو اعتمدنا مؤشر الوفيات في ارتباطه بعدد السكان، نجد أنه علينا أن نقلص هذا العدد إلى النصف. وإذا ما ربطنا عدد القتلى بعدد المركبات نقول بأنه يجب أن نقسمه على 10، إذن هامش التحسن والتجويد والتطوير والتحكم في الآليات لا يزال كبيرا جدا، وهذا هو الهدف الذي سطرته بلادنا من خلال مجموعة من التغييرات المؤسساتية بما في ذلك إحداث الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية واعتماد ثاني استراتيجية وطنية للعشرية 2017_2026. وكي أعود وأجيبك عن سؤالك حول علاقة الأمر بالسلوكات، أقول لك إن حوادث السير إشكالية مركبة جدا، يتقاطع فيها البشري مع التدبيري، ونجاح أي استراتيجية في مجال السلامة الطرقية كيفما كانت، رهين بالتنسيق بين كل المتدخلين، فهو قطاع يضم عددا كبيرا من الفاعلين…

_أي الإلتقائية التي أصبحت العديد من الوزارات..

_والجانب الثاني هو انخراط الجميع، لا يمكن أن نطالب من المواطن فقط أن يغير سلوكه، فهذا خطأ، هذه طبيعة الإنسان، ودائما ستكون هناك أخطاء بشرية، فمسألة تدبير السلامة الطرقية تنبني على كيف يمكن أن أعطي منظومة متسامحة حتى مع الخطأ البشري، لأنني كمستعمل للطريق داهمني النوم أو شيء من هذا القبيل، فارتكبت خطأً، كيف يمكن أن يكون خطأي أقل خطورة على حياتي، وهذا ما يتم من خلال تدخلات على مستوى البنية التحتية، على مستوى جودة المركبة، المراقبة…

_سنفصل فيما بعد في هذه العناصر، يقال المناسبة شرط، عيد الأضحى، قبله وأثناءه وبعده، وأثناء الصيف، هي من المراحل التي تعرف ارتفاعا في التنقل وربما في الحوادث، ننتظر منكم أن تؤكدوا هذا الموضوع أو تنفوه، كيف تستعد هذه الوكالة لمثل هذه المناسبات؟ هي مرحلة الذروة، كيف تتدخلون؟

_كتوطئة لجوابنا عن هذا السؤال، المتغيرات المباشرة المرتبطة بالحادثة هي عندما لا أحترم السرعة القانونية، فالسرعة تعتبر عامل مؤثر في حوادث السير ومحدد لخطورتها، فالحادثة التي تحدث بسرعة 60 كلم في الساعة ليست هي الحادثة التي تحدث بسرعة 120كلم، تحدث حوادث السير بسبب استعمالنا الهاتف أثناء السياقة حيث يقل انتباهنا، وتبين لنا الدراسات العلمية أن احتمال حدوث حوادث السير يتضاعف أربع مرات في حالة استخدمنا الهاتف النقال. التعب والنوم والعياء أو السياقة تحت التأثير بدورها تتسبب في حوادث السير، فمثلا عدم احترام زمن السياقة والراحة بالنسبة للسائقين المهنيين فيه كثير من الخطورة…

_هل تقصد أن يرتاحوا بعد كل ساعتين من السياقة؟ هل لها أي بعد علمي؟ لماذا ليست ساعة ونصف أو ثلاثة ساعات؟

_تتطلب السياقة مجهودا بدنيا وبصريا وذهنيا، تستلزم التركيز، لأن العقل البشري، أثناء استعمال الفضاء الطرقي، مطالب بتحليل مجموعة من المعطيات بوثيرة متسارعة ليتخذ القرار الصائب، فهذا الجهد الفكري يستلزم الراحة بعد كل ساعتين، فعلى المرء أن يرتاح، سواء بدنيا أو دهنيا.. هناك عوامل تقلل من الخطورة، مثل حزامة السلامة أو الخوذة الواقية بالنسبة للدراجات النارية، فحزام السلامة علميا يقلل من احتمال الوفاة عند وقوع الحادثة بنسبة 50أو 60%، الخوذة الوقاية تقلل من الخطورة بنسبة 45%، فهذه معطيات مهمة جدا يجب أخذها بعين الاعتبار والتعامل معها بشكل مباشر، بغض النظر عن العوامل المؤسساتية والتدبيرية والمقاربة الاستراتيجية للموضوع. نعتبر في الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية وفي إطار شراكتنا مع مجموعة من المتدخلين ومصالح المراقبة أن هذه الفترة فترة التنقلات، مثل عيد الفطر، العطل الصيفية والعطل المدرسية، ومجموعة من فترات السنة هي فترات ذروة…

_والآن تزامن العيد مع العطلة الصيفية..

_فيكون هناك تواجد مكثف في الطرق، ما ينتج عنه عدة عوامل، يكون هناك نوع من التسابق، في حالة الاكتظاظ تكون هناك نرفزة ويريد المرء بأي وسيلة أن يصل، وهو ما يتسبب في أخطاء في السياقة يمكن أن تؤدي لحوادث السير. فبهذه المناسبة، تقوم الوكالة الوطنية بعملية ميدانية مهمة على صعيد جميع المحطات الطرقية للمسافرين مع مكونات المجتمع المدني، وهم شركاء أساسيون في التوعية والتحسيس، فالتوعية والتحسيس عملية مهمة جدا، فالدراسات العلمية تبين أن وقعها لا يتجاوز نسبة 8% إذا كانت مقرونة بعمليات أخرى، فهي ضرورية ومهمة لكنها غير كافية، هي عملية مكملة، لذلك يمثل هنا دور المراقبة، وفي إطار تفعيل المخطط الوطني للمراقبة لدينا مجموعة من مواضيع المراقبة، ومجموعة من المقاطع الطرقية التي تكون فيها مراقبة مكتفة، بتعاون مع مصالح الدرك الملكي والأمن الوطني، والمقاربة المندمجة هي التي تعطينا النتائج المرجوة. نركز في تدخلاتنا الميدانية على هذه العوامل التي ذكرت، وندعوهم إلى ضرورة احترام عدد الركاب المسموح به، احترام مواقيت الخروج من المحطات كي لا يكون هناك ارتباك على مستوى البرمجة الزمنية للحافلات، أيضا المسافة القانونية والسرعة القانونية، أيضا تجنب استعمال الهاتف أثناء السياقة. لكن اليوم، هناك معطى آخر، وهو المسافر، فالمسافر ليس بضاعة تنقل من مكان إلى مكان، ولكن له دور حيوي من شأنه إن يساهم غي سلامته أو العكس..

_سلوكه محدد أيضا..

_لا يجب أن يكون هدف المسافر أن يتنقل وحسب بل أن يتنقل بسلامة، عليه أن يكون ملحا على أولوية سلامته، كأن أرفض ركوب الحافلة في حالة عدم توفر مقعد مخصص لي، ألا أتنقل واقفا عبر الحافلة، علي أن أضع حزام السلامة وهذا اجباري بحكم القانون.

_وإن لم أجده فعلي أن أحتج أو أن أشتكي.

_وأيضا أثناء السياقة، إذا لاحظت سياقة متهورة، يجب ألا أكون سلبيا في التعاطي معها، أن أصمت وأتلقى القدر وكأنه محتم، فعليه أن يكون فاعلا من خلال تقديم نصيحة، لأن الأمر متعلق بسلامته.. وتوجد حالات كان رد فعل المسافرين إيجابي وتفادينا عددا كبيرا من الحوادث.. هذه هي العملية التي نقوم بها حاليا في هذه الفترة التي يتزامن فيها عيد الأضحى بالعطلة الصيفية، فالفترة الصيفية تحصد أكثر من 30% من الحوادث، وإذا تمت مجموعة من التدخلات المهمة في هذه الفترة، يمكن أن نؤثر في المنحى العام للحوادث.

_بلغة المال، البعض لا يعرف خسارة الدولة لملايير الدراهم بسبب هذه الحوادث عموما، هل يمكن أن تقدم لنا لمحة عن كلفة هذه الحوادث في الناتج الداخلي الخام؟ كم تكلف الدولة من مصاريف في الاسعافات وغيرها؟

_نسمي الدراسات المرتبطة بالتقييم بدراسة الكلفة الاقتصادية والاجتماعية، فهناك تكاليف مادية يمكن أن نقيسها ونسجل فيها رقما معينا، وهناك تكاليف أخرى ومخلفات أخرى موازية، وربما وقعها أخطر بكثير، ويصعب أن نقيسها. من الناحية العلمية هذه الدراسات هي من أعقد الدراسات، لسبب بسيط هو تعدد المتدخلين، كما أن جودة التقييم مرتبطة بجودة المنظومة المعلوماتية المتوفرة في مختلف الإدارات، فهناك تكلفة التطبيب، تكلفة النقل، التكلفة الإدارية، تكلفة الخسارة؛ مثلا إذا كان المتوفى طبيبا أو مهندسا في العشرينيات، فما تبقى له على التقاعد يشكل خسارة، كان يمكن أن ينتج فيها قيمة مضافة، بعدما استثمرت فيه الدولة. فهذه من بين أعقد الدراسات، وقد قمنا في المغرب بدراسة خلصنا فيها إلى نسبة تتوازى أو تتناسب مع تقييم البنك الدولي، فالبنك الدولي يقوم بمجموعة من التقييمات بناء على مؤشرات اقتصادية واجتماعية، والتي تحدد في 2,6 إلى 2,7% من الناتج الداخلي الخام، أي 19,5 مليار درهم سنويا من المخلفات الاقتصادية والاجتماعية لحوادث السير. وأظن أن بلدا كالمغرب، والذي يحتاج بشكل كبير لمبلغ 19,5 مليار الدرهم، وفي ظل وجود مشاريع كبرى وهيكلية في البلاد تكلفتها أقل بكثير من هذه القيمة.

أظن أن هناك مخلفات وانعكاسات جد سلبية على الإنسان ونفسيته وتركيبته لا يمكن أن تقاس بالمال، فإن سألتك سي محمد ما هي القيمة التي يمكن أن نعطي لطفل يفقد أباه أو أمه في فترة معينة، خاصة إذا كان طفلا صغيرا؟ لا تقدر بثمن، فالأم التي تفقد طفلها في سنة أو سنتين تعاني كثيرا… لدينا حالات فإطار الجمعيات التي نتعامل معها.. هناك أم فقدت ابنها الوحيد في سن مبكرة، وقد أجرينا معها لقاء، طيلة 18 سنة تدخل وترتب غرفة ابنها وترتب ملابسه، طيلة 18 سنة لم تستطع إزالة صورته… فالمخلفات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية والآلام لا تقاس بثمن، بالتالي، في معجم حوادث السير نقول بأن هناك حياة قبل الحادثة وحياة  بعد الحادثة، فالحياة بعد الحادثة لا تشبه حياة ما قبل الحادثة، هناك مجموعة من المتغيرات، هناك من يصاب بعاهات مستديمة، بعدما كان مستقلا يصبح رهينا بمجموعة من الأشخاص الذين يتكلفون به… فحوادث السير اجمالا تكلف 19,5 مليار درهم كتكلفة اقتصادية، لكن في اعتقادي أن المخلفات النفسية والآلام والمعاناة التي تخلفها حوادث السير تتجاوز هذه القيمة بكثير.

_السؤال الأزلي من يتحمل المسؤولية، الشبكات وجودة الطرقات والحفر، وغياب الإنارة في بعض الملتقيات، طرق السيارة التي تشهد اصلاحات سرمدية، وتسير في الطريق السيار بسرعة أقل من الطرق الوطنية.. إذا أردنا أن نحدد المسؤول من سيكون؟

_بعجالة، من الناحية العلمية، أثبتت جميع الدراسات التي تم اجراؤها على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي بجلاء وبشكل كبير أهمية العنصر البشري، العنصر البشري يكون حاضرا، بداية لنحدد أمرا، لا يمكن أن تقع حادثة السير بسبب خطأ واحد، حادثة السير تحدث بفعل تداخل أسباب متعددة، مثلا كان يسوق وداهمه النوم وخرج عن مساره، وربما لم يجد من ينبهه… إذن هو مرتبط بمجموعة من المتداخلات، لا نجد عنصرا واحدا بشكل مباشر. انطلاقا من هذه المنظومة نجد أن العنصر البشري يكون حاضرا في 85% من الحوادث، وكسبب مباشر بنسبة تتجاوز 60%. عندما نتحدث عن البنية التحتية، فهي كسبب منعزل لا يتجاوز تأثيرها 2% على المستوى الدولي، واليوم أظن أنه ليس بإمكاننا تغييب المجهودات التي قامت بها في البنيات التحتية، سواء داخل المجال الحضري أو خارجه، يجب أن نتذكر قبل 2003 حجم شبكة الطرق السيارة في بلدنا  لم تكن تتجاوز 476 كلم وعلى الأكثر 500 كلم، الآن نمتلك أزيد من 1000 كلم من الطرق السيارة على المستوى الوطني، والتي تمنحنا نوعا من التشبيك من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، وبعض الامتدادات الداخلية مثل بني ملال وآسفي إلى غير ذلك… وهناك كذلك الطرق السريعة التي أصبحت تقدم خدمات ذات جودة كبيرة.

_مثل ما وقع بين مراكش الصويرة، كانت الطريق مكتظة…

_هناك مجموعة من المقاطع.. اجمالا شهدت الطرق في بلدنا تطورا كبيرا، هناك مجموعة من المدن شمالا وفي الداخل تراعي معايير السلامة الطرقية، نحن نقول بأن السلوك البشري يمكن أن يؤطر من خلال مجموعة من المداخل، مدخل التوعية والتحسيس والتربية، فالسلوك البشري لا يتغير بين عشية وضحاها، ويتطلب مواكبة عبر الزمن، وهنا دور التربية الطرقية التي من شأنها أن تؤثر في السلوكات البشرية كرافد مهم، وبالتالي إذا وفرنا تنشئة اجتماعية تنشئ الطفل في سن مبكرة إلى أن يصير شابا يافعا وراء المقود، وكانت هناك مواكبة صحيحة وفي كل سن عمرية نقدم له الكفايات والمفاهيم اللازمة كي يستطيع تدبير نفسه في حركة السير بأمان، ستكون المخلفات بعد 20 سنة، عندما سيصل مستوى الباكالوريا مثلا سيكون قد ضمن رصيدا يسمح له أن يتعاطى بشكل إيجابي مع السلامة الطرقية… أظن أن ما حققه بلدنا في هذا الجانب مهم بصدق، فالتربية الطرقية حاضرة في التعليم الأولي اليوم بفضل التعاون القائم بيننا وبين وزارة التربية الوطنية، اليوم التربية الطرقية حاضرة كمادة مستقلة في الابتدائي، وحاضرة في المواد الحاملة كالرياضيات…

_تعميم التربية كمادة مستقلة لم يعمم بعد أليس كذلك؟

_لا، هي موجودة في المنهاج الدراسي لموسم 2021/2022، وخصصت لها نصف ساعة في الأسبوع لمدة ستة أشهر، كذلك في المواد الحاملة، فإذا أدرجنا موضوعا في الرياضيات ندرج احصائيات حوادث السير، وهو سبب لتناول الموضوع، مثلا نضع خارطة للمغرب ونقدم التوزيع الجغرافي لحوادث السير حسب الجهات، ونقدم أي الجهات تسجل أكثر نسبة من الحوادث أو من الوفيات،  أيضا في التربية على المواطنة وفي التربية الاسلامية، إذن جميع المواد التي تدرس تتضمن فكرة أو مشروع للتربية الطرقية، كذلك في تطوير المهارات الحياتية، فكيفما نقوم بالتربية المالية والتربية البيئية نقوم بالتربية على السلامة الطرقية، وكذلك في الأنشطة الموزاية المنظمة سواء من قبل المجتمع المدني أو من خلال نوادي السلامة الطرقية، وأظن أن المهم الذي نجحنا فيه والحمد لله هو اعتماد الشهادة المدرسية للسلامة الطرقية في مستوى السنة الثالثة اعدادي، ففي نهاية الإعدادي هناك شهادة مدرسية مرتبطة بمنظومة مسار، ويجب على التلميذ أن يتعلم ثم يجب أن يجيب على 45 سؤال من أصل 50 سؤال، كي يحصل على شهادة مدرسية موقعة… التوعية والتحسيس جيد لكنه غير كاف، يجب احترام القانون، وهنا يأتي دور المراقبة، ولدينا المخطط الوطني للمراقبة…

_أي دور لمصالح المراقبة الطرقية التي تدخل تحت مسؤولية نارسا؟ ما هي أدوارها وحدود تدخلها؟ أحيانا يكون هناك تداخل في المهام مع الأمن، نريد توضيحا في هذا الباب.

_لا يوجد أي تداخل، هناك المراقبة خارج المدار الحضري، ويتكلف بها الدرك الملكي، وأيضا في بعض الحواضر التي لم يستلمها الأمن الوطني بعد، هناك أيضا الأمن الوطني داخل المجال الحضري، والمراقبة الطرقية المهنية لوزارة النقل واللوجستيك التي تراقب النقل المهني، وهناك المراقبة الاوتوماتيكية التي تقوم به الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، فكل ما له علاقة بالرادار الثابت على المستوى الوطني مرتبط بنا بشكل مباشر، هناك مركز وطني يسمى بالمركز الوطني لمعالجة المخالفات، نقوم فيه بتتبع أنشطة الرادار الثابت على المستوى الوطني، ويرصد المخالفة وتمضي فيه المسطرة إلى حين الأداء..

_الضباط أيضا يقومون بالرصد وبالتحرير

_هم محلفون يوجدون داخل الوكالة، يقومون بالمصادقة على المخالفات وإرسالها إلى المخالفين في إطار منظومة معلوماتية متكاملة لمعالجة المخالفات، والتي تربط بين الوكالة والأمن والدرك ووزارة المالية بالنسبة للأداءات والمحاكم، وهو الذي يقوم بتتبع رصيد النقط للسائقين… دور الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية في هذه المنظومة هو التالي: نحن متدخلون في المراقبة الاوتوماتيكية وهي اختصاص الوكالة، والتنسيق مع الأمن والدرك وأعوان المراقبة الطرقية من خلال المخطط الوطني للمراقبة، فالوكالة تقوم بعملية تنسيق وتتبع عمل أنشطة المراقبة، فنقوم بإعداد المخطط الوطني الذي نتفق فيه، بناء على التحليل الاحصائي، مع الدرك والأمن، ونرصد أسباب وقوع حوادث السير والمحاور التي تكون فيها الخطورة، ما هي مواضيع المراقبة، أين يمكن أن نقوم بالتدخلات وغيرها، بحيث أن الوكالة تدبر البنك الوطني لمعطيات حوادث السير في بلادنا، انطلاقا من هذا التدبير نقدم تحليل للمعطيات، ونحدد من خلاله المقاطع الطرقية الأكثر خطورة. وفي إطار تنزيل هذا المخطط توفر الوكالة الوسائل المادية للمراقبة، كل ما له علاقة بأجهزة رادار المراقبة، توفر المعدات سواء الرادار أو الأجهزة الخاصة بضبط الحمولة… هناك اجتماعات دورية أترأسها شخصيا، تجرى كل شهر لتتبع تقدم هذه المخططات.. لكن على المستوى الجهوي نقوم بإعداد مخططات جهوية للمراقبة، فالمخطط الوطني يقدم لنا المبادئ والمواضيع العامة، لكن هناك خصوصيات جهوية تؤخذ بعين الاعتبار في إطار التنزيل الجهوي للاستراتيجية الوطنية وفي إطار عمل المخططات الجهوية التي يترأسها المديرين الجهويين للوكالة.

_تحدثتم عن موضوع المخطط الوطني للمراقبة، ما هي أكثر المقاطع الطرقية خطرا في المغرب؟ ما هي المدن التي تعرف أكبر نسبة في حوادث السير؟ وكنوع من التنبيه والتحفيز ما هي أكثر المدن التي يتم فيها احترام قوانين السير؟ والأماكن التي لا تزال تشكل مصدر توتر وازعاج؟

_ الحواضر الكبرى، وكما جاء في بداية البرنامج، هناك ارتباط وثيق بين حركية التنقل والسير والجولان واحتمال وقوع حوادث السير، فالحواضر التي تضم كثافة سكانية مرتفعة، وفيها أنشطة اقتصادية مهمة وتشهد نوعا من حركية المركبات، تكون متصدرة، فعلى المستوى الوطني، تتصدر الدار البيضاء بنسبة 26% إلى 28% من الحوادث والوفيات.

_اذن هناك ألف وفاة سنويا

_لا، لم نصل لهذا الرقم، هناك أيضا في جهة مراكش، حيث نسجل 622 وفاة في الجهة ككل، وهذا راجع لحوادث السير التي تتورط فيها الدراجات النارية، 299 من أصل 622 هي وفيات لأصحاب الدراجات النارية، كي نعرف حجم الخطورة.

_نعرف هذا، لدرجة أن أبناء مراكش يقولون بأن هناك جناح c90 في المستشفى، ماذا يود بولعجول أن يقول اليوم لأصحاب الدراجات عموما، ومراكش بشكل أساسي؟

_نحن حاليا في جولة، قمنا بزيارة تسعة جهات وتبقت ثلاثة جهات، في إطار إعداد المخططات الجهوية للسلامة الطرقية، وهذه مناسبة كي أتوجه بالشكر والتنويه للسادة الولاة في مختلف جهات المملكة، على انخراطهم الكلي.. وكذلك مع السادة العمال في مختلف جهات المملكة، في الإعداد والمصادقة على هذه المخططات الجهوية. تمكننا هذه المخططات أولا من خلال منصة تحليل المعطيات التي سبق أن أعددناها في الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، من معالجة المعلومات…

_لماذا سنعتمد مخططات جهوية في ظل وجود استراتيجية وطنية؟

_حادثة السير تقع في شارع ما داخل مدينة معينة داخل جهة معينة، أو في مقطع طرقي ينتمي لإقليم ما في جهة ما، فالجهوية حاضرة بشكل كبير، إن الحوادث التي تقع في الشمال ليست نفسها الحوادث التي تقع في الشرق وليست تلك التي تقع في الجنوب، إلى غير ذلك… البعد الجهوي يسمح لنا من خلال هذه الدعامة من خلال التشخيص الدقيق أن نعرف الاشكاليات التي تعاني منها هذه الجهة أو تلك، والتي تكون خاصة بتلك الجهة بعينها، فمراكش مثلا، كان من الجلي أن 67% من الوفيات من بين سائقي الدراجات النارية والراجلين، إذا أردت اعداد برنامج عمل، وتخلق قيمة مضافة فعليك التعاطي مع هذا الاشكال، هناك مشاكل أخرى، وهذه خصوصية القطاع…

_يمكن أن تنشئ برنامج وطني يصلح للرباط ولا يصلح لمراكش مثلا…

_فالخصوصيات حاضرة من خلال التدخل على مستوى الجهات، وهذا هو توجهنا اليوم، فلكل جهة مخطط جهوي ينخرط فيه بشكل كلي الولاة والجماعات الترابية والمصالح الخارجية، بالإضافة إلى التأطير والمواكبة التي تقوم به الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية.

_طلبت منك رسالة لمستعملي الدرجات في المغرب

_فيما يخص الدراجات، يلاحظ أنه خلال العشر سنوات الأخيرة أن حوادث السير أصبحت حضرية بامتياز، حيث ارتفعت بنسبة 10%، اليوم 70% تقريبا من الحوادث تحصل في المجال الحضري، حتى الوفيات، اقتربنا من النصف، في وقت ما كانت تشكل الثلث، أما الآن فاقتربنا من النصف، وفي بعض المدن تتجاوز النصف من اجمالي الوفيات. ثم لدينا أصحاب الدراجات الذين أصبحوا يشكلون نسبة 40% على المستوى الوطني، أي 2 من أصل 5 وفيات هم من أصحاب الدراجات النارية. الرسالة التي أوجهها لمستعملي الدراجات النارية والعادية، بمراكش أو بمختلف المدن، هو أنه ما دمت أستعمل مركبة، هذه المركبة تستعمل الفضاء الطرقي، الفضاء الطرقي فيه قوانين، وأنا معني بها على اعتبار أنها تنظم تعاملنا وتنظم المجال، فبالتالي لابد من احترام جميع علامات التشوير، ونحترم السرعة… فيما يخص علامات التشوير، انطلاقا من معطياتنا، احترام الأضواء الثلاثية، فمن بين مهام الرادار أن يرصد احترام أو عدم احترام الأضواء الثلاثية، ترصد أيضا تجاوز الخط المعيب، والسير في الاتجاه الممنوع، بالإضافة إلى السرعة… فيما يخص الأضواء الثلاثية، يتراوح عدد المخالفات المسجلة في عدم احترام الأضواء الثلاثية من طرف سائقي الدراجات بين 72 و80% وفي مراكش فقط 82%. وبالتالي لا يجب أن نستغرب من نسبة الوفيات…

_أن تتجاوز الضوء الأحمر فأنت مشروع وفاة

_لأنك تكون قد اعتديت على حق شخص آخر كان من حقه أن يمر، وما هو الواقي أثناء الحادثة بالنسبة للدراجة النارية؟ الواقي هو جسده، الخوذة تحميه في حالة السقوط من الارتدادات على مستوى الرأس، لكن غالبا ما تكون الصدمة في أطراف الجسد، وللأطراف طاقة معينة من التحمل، فمستوى طاقة استيعاب الجسم البشري وتحمله للاصطدام يتم تجاوزها ابتداء من سرعة 30 كلم في الساعة، فعدد كبير من مستعملي الدرجات يرون بأنهم غير معنيين باحترام الممرات واتجاه السير، وأحيانا يستعملون الأرصفة. أنا أعتقد أنه من الضروري الالتزام بالخوذة الواقية، ويجب أن تكون خوذة معيارية ومصادق عليها، هناك معيار دولي للأمم المتحدة يسمى E2205 الذي يظهر بأن الخوذة مصادق عليها، وتكون مسجلة في الخوذة، وهي التي تضمن حمايتنا..

_أحيانا نشاهد خوذ تشبه خوذ أوراش البناء، كي يستطيع العبور من أمام الشرطة..

_لكننا نراقبها أيضا، وهي كذلك مخالفة، فالتراكمات الإيجابية تتم بالتدريج، ندعوهم أيضا لاحترام السرعة، وكذلك عدم تغييرقطع الدراجة ، وهذا خطأ كبيريقوم به أصحاب c90، هذه دراجات نارية تمت المصادقة عليها وبيعها على أساس أنها لا تتجاوز 50 سنتمتر مكعب في سعتها، لكنهم يفككونها ويضعون (كيت) آخر، فتصبح بسرعة 90 كلم في الساعة و100كلم، وهذه مخالفة، وتسمى في مدونة السير بالتغيير في معالم مركبة وتحتاج تصديقا آخر، والذي يجب أن ينتقل بموجبه إلى صنف آخر… وفي إطار الوكالة، سيتم تطبيق برنامج “الدراجة الآمنة”، وسيكون هناك مجموعة من التدخلات، جانب التوعية والتحسيس مهم جدا لكنه غير كافي، سيتم التدخل على مستوى المراقبة، والتدخل على مستوى الجماعات لتوفير بنية تحتية تأخذ بعين الاعتبار هذا الصنف من المركبات..

_هل هذا مشروع سيأتي في الطريق؟

_إن شاء الله.

_الشيء بالشيء يذكر، أشرت إلى الشمال، وعادة ما يذكر الشمال تذكر تطوان، ونتفاجأ نحن مغاربة الداخل والوسط عندما نذهب إليها، ما تفسيركم لظاهرة احترام ممر الراجلين بهذه المدينة؟ طبعا ليس بنسبة 100%، ولكن عند مقارنتها بالدار البيضاء والرباط والمدن الأخرى يظهر الفارق كبيرا جدا..

_ظاهرة الشمال عدوى ايجابية بدأت تنتقل إلى مجموعة من المدن الأخرى، ربما ليس بنفس الحدة. يرجع هذا الأمر أولا إلى جودة ومعيارية البنيات التحتية، خصوصا على مستوى المجال الحضري، فعندما تكون هناك بنية تحترم المعايير تسهل المقروئية والتعامل لا بالنسبة للسائقين ولا بالنسبة للراجلين وأصحاب الدراجات الأخرى. تمتاز مدن الشمال باحترام المعايير، فإذا ما لاحظنا المدارات، هي مفهوم في معجم السلامة الطرقية، فليس عبثا يتم وضع المدار. يمكن للطرق التي تؤدي للمدار أن تكون في أحجام مختلفة، فتصبح المدارة تؤدي دورا عكسيا… على المدارات أن تحترم معايير السلامة الطرقية سواء في تهيئتها أو تشويرها، وعندما نتحدث عن التشوير فهناك التشوير الذي يهم المدارة، وهناك التشوير الموضعي الذي يكون بجانب وداخل المدارة، وكذلك التشوير القبلي، الذي يخبرك قبل 30 إلى 50 متر أن هناك مدارة لها خصائصها.

فعندما تكون المدارات منسجمة والبنية التحتية منسجمة، تتطور لدى المتلقي عادات في السياقة، فعندما أكون في فضاء طرقي معين بخصائص معينة أدرك بأن هذا هو السلوك الذي عليَّ أن أعتمده.. كان هناك تغيير في السلوك منذ تثنية الطريق، هناك الطريق السريع المداري الذي يربط بين الفنيدق والمضيق ومدينة تطوان، وكذلك الطريق السيار الذي خفف الضغط.. وهذه سلوكات ساهم فيها المجتمع المدني بتنسيق مع مصالح المراقبة، وقد أصبح اليوم سلوكا مكتسبا، ونحن مغاربة الداخل نتكيف مع ذلك السلوك..

_هل للقرب من أوروبا أي تأثير؟ لماذا هذا السلوك موجود في تطوان وغير موجود في مراكش مثلا؟

_اليوم، يتميز ساكنة الشمال بالمطالبة بالأمن الطرقي، عندما يصل شخص ما للمدار أو لممر الراجلين يعلم أن من حقه أن يعبر ويمارس حقه، فالأمر لا يتطلب وقتا كبيرا عندما يتم فرضها، وعندما تفرض تصبح تلقائية… لنأخذ مثال حزام السلامة، قبل 2004 لم يكن هناك من يضع حزام السلامة، ولكن بمجرد أن فرض وكانت هناك مواكبة ومراقبة والتوعية أصبح الجميع يضعه، ونادرا ما نجد شخصا ما لا يضعه..

_الاشكال الآن مرتبط بالراكبين في الخلف، أما الراكبين الأماميين فيلتزمون به، ربما هذه مرحلة ثانية…

_35% خارج المدار الحضري، هي غير اجبارية في المجال الحضري، ولكن بمنظور السلامة الطرقية نتمنى أن تكون اجبارية في المقاعد الخلفية أيضا، كما قلت فهو يساهم بتقليص خطر الوفاة بين 50 و60%.

_لماذا المغاربة يحترمون القانون في الخارج، تجد المغاربة في فرنسا وأمريكا، هم نفس المغاربة، ينضبط للقانون، وبمجرد أن يلج إلى المغرب تبدأ سلوكات التجاوز والخروقات؟ هل يرتبط الأمر بحزم الدولة؟

_لا يمكن أن يكون هناك عون المراقبة الطرقية في جميع الطرقات، وإلا سنكون في حالة طوارئ، ما نلاحظه هو أن مستعمل الطريق يحترم عون المراقبة وبمجرد أن يتجاوزه يخرق القانون، وقد قمنا بدراسات في هذا الباب حيث قمنا بقياس السرعة في نقطة المراقبة وبعد نقطة المراقبة، فهناك سلوكيات مع الأسف… هذه الدول وصلت لهذا المستوى من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وفي أي مدينة أوروبية، وحتى في غياب أعوان المراقبة ستسجل عليك المخالفة وستؤديها، وستؤديها بثمن باهض، وبالتالي ستكون درسا لن تنساه. ففي مجموعة من الدول الأوروبية إذا لم تحترم موقف السيارات ستغرم 400 أورو، الهاتف النقال 150 اورو، فحجم المخالفات خيالي، وآلية رصد المخالفات تجمع بين البشري ولكن بجانب كبير ما هو تكنولوجي، اليوم عندما قمنا بإجراء الرادار الثابت والمكننة وادخال التكنولوجيا الحديثة في عملية للمراقبة أصبحنا نلاحظ الفرق وهناك تطور ايجابي.

فاليوم إذا لاحظنا المنحى الايجابي العام لعدد الوفيات، سنجد أن هناك تطورا ايجابيا، لم نصل بعد للهدف الذي نريد بلوغه، لكننا نسير في الاتجاه الصحيح، وهذا يحيلنا سي محمد على تأطير السلوك البشري من خلال التربية والتوعية والتحسيس، من خلال المراقبة، ومن خلال ادخال التكنولوجيات الحديثة، وكذلك من خلال تجويد البنيات التحتية، فالبنية التحتية ليست الطريق الواسعة بل أن تفرض عليَّ البنية التحتية سلوكا معينا وهو السلوك اللازم، من خلال المدارات والمحدبات التي تراعي المعايير وغيرها من التدخلات التي تفرض على مستعمل الطريق أن يتبنى سلوكا معينا.

_على مستوى الاستراتيجية الطرقية الوطنية 2017_2026، قمت بإشارات لبعض الانجازات في التعليم وغيرها، هل ترون أنكم تتجهون نحو هدفكم الرامي إلى تقليص حوادث السير إلى النصف؟ أم ربما سنخفق في وصول هذا الرقم؟

_السنة الماضية خفضناها بنسبة 10%، أذكر فقط أن سنة 2011 كنا نسجل 4222 وفاة، في السنة الموالية سجلنا 4200، اليوم نتحدث عن 3400 و3500 وفاة، فهذا الانخفاض من سنة 2011 إلى الآن مؤشر على أننا في الطريق الصحيح. إذا ما قارنا بلدنا اليوم بالمعطيات المرتبطة بحوادث السير، هي نفس النسبة التي كنا نسجلها سنة 2001 و2002، علما خلال هذه العشرين سنة تضاعف عدد المركبات للضعف، وتضاعفت حركة السير والجولان، الشبكة الطرقية أيضا تضاعفت، والساكنة أيضا ارتفعت بشكل كبير.. فهناك مجموعة من المتغيرات التي تسير في منحى ايجابي، ويجب أن تمضي فيه لأن هذا مرتبط بالتطور الاقتصادي للبلاد. بالتالي، هناك نوع من التحكم.

_عدد المركبات مفهومة، لكن ماذا تقصدون بحركة السير والجولان؟

_هو التنقل، أي عدد الكيلومترات المقطوعة في اليوم بالنسبة للمركبات، ونسجل في المغرب ملايي الكيلوميترات، فلدينا حركية كبيرة، نقيسها خارج المجال الحضري، لأن المديرية العامة للطرق تقوم بقياس هذا المؤشر سنويا، ولكن لا نملك معطيات داخل المجال الحضري.

_المغاربة أحيانا يشككون في كل شيء، هل عدد الوفيات هو رقم دقيق؟ فهل يتم رصد كل متوفى على الطرقات، سواء في المجال الحضري أو المجال القروي؟

_الضامن هو أن لأي حادثة تبعات اقتصادية، وفي حالة الوفاة، فإن كل متورط في الحادثة أو الضحايا يطالبون بمستحقاتهم، لذلك من الصعب ألا ترصد الوفاة.. المغرب من الدول القلائل على المستوى الدولي التي تتوفر على منظومة معطيات قوية عن حوادث السير، حتى خلال فترة الاستعمار، والآن لدينا معطيات من سنة 1960 إلى اليوم، تم تسجيل تطور عدد حوادث السير والوفايات إلى غير ذلك. من الجيد أنك طرحت هذه المسألة، فكيفما كان الحال نخرج بمعطيات رسمية، ومنظمة الصحة العالمية تقول لك لا يوجد اكراه، وفي تقديراتها تقدم ضعف المعطيات التي نقدم، نحن الآن نشتغل مع منظمة الصحة العالمية كي نتقارب في التقديرات.. فالأمر مرتبط بمعدلات رياضية، مثلا تعتمد نسبة البطالة، وغيرها من المتغيرات التي لا يظهر أن لها علاقة بالمعايير، ثم تعطيك مؤشرا… اليوم قارنا معطياتنا مع المعطيات التي حصلنا عليها من شركات التأمين اجمالا، ولم نجد فرقا كبيرا، علما أننا نحترم التعريف الدولي لحادثة السير، سواء الحادثة أو الوفاة، فالوفيات التي نحتسبها هي الوفيات التي تحصل أثناء الحادثة أو 30 اليوم الموالي للحادثة، وهذا هو المعتمد دوليا.. فإذا ما اعتمدت هيئة معينة على الوفيات التي تحدث فقط أثناء الحادثة، أو أثناء عملية النقل، أو أثناء التكفل الطبي بهم، سيكون هناك تباين في النسب… فهناك معايير متفق عليها دوليا، وهي الوفيات التي تقع في 30 يوم بعد الحادثة.

_هل الموارد البشرية التي تخصص لنارسا كافية؟

_أظن أن مشكل الموارد البشرية ليس مرتبطا بالوكالة فقط، وهذه مناسبة كي أشكر مصالح وزارة المالية بكل صدق، فالسنة الفارطة قاموا بمجهود استثنائي من خلال توفير ممتحنين على مستوى المراكز، وكان هناك توظيف ل120 منصب لمهندسي المعلوميات والهندسة الميكانيكية، أي التخصصات التي لها علاقة بعمل الوكالة، خاصة المعلوميات، وتصورنا واضح في هذا الباب، مهما كانت الموارد البشرية فلن تكفي، ففي بداية الاشتغال وجدنا أن الخصاص يمكن أن يصل لألف مورد بشري، ولن تستطيع الدولة، مهما كانت امكانياتها، أن توفر جميع الموارد البشرية… نتعامل مع بعض الخدمات من خلال التفويت، ليس بالضرورة أن نقوم بها نحن كإدارة، والتفويت هو الذي جعلنا نوقع اتفاقية مع بريد بنك وبريد كاش لأجل تقريب الخدمات للمواطنين، وبالتالي انتقلنا من 75 نقطة لتوفير الخدمة بالنسبة للمرتفقين التابعة الوكالة إلى 800 نقطة، وهو ما مكن مواطنين في تانسيلت والرماني ويبعدون عن المركز بمئات الكلومترات من الاستفادة من الخدمة، وبالتالي ركزت الوكالة على المراقبة والمصادقة على الملفات، اليوم أنجزنا استثمارا كبيرا في الرقمنة، فاليوم لدينا العديد من البوابات الالكترونية التي تمكن المواطنين من العديد من الخدمات، هناك البوابة المختصة بتتبع المخالفات، والبوابة الخاصة بتتبع النقاط، بوابة خاصة بتفويت الملكية في حالة بيع السيارة، كي يتأكد المواطن من وضعية المركبة ما يقلص من النصب والاحتيال، فهذا هو توجهنا، يمكن أن تكون الموارد غير كافية ولكن تحديد المهام مهمة يمكن أن تقدم لنا قيمة مضافة وتقلص الاحتياجات، وتوفر خدمات عن بعد.

_المحور آخر في تقييم الاستراتيجية، هو رخص السيارات، وفيها كلام كثير لا أود الخوض فيه، تمت مراجعة الأسئلة وانتقلنا من 600 سؤال إلى 1000 سؤال، ولم تدخل حيز التطبيق بعد، أولا أود التطرق للحديث عما يقال عن الفساد في رخص السياقة، وأصبح شبه معروف أنك كي تجتاز امتحان في عدد من المدارس والمراكز يجب أن تعطي 300 درهم، وغيرها من الألاعيب، فما الذي قمتم به فيما يخص هذه الظاهرة كي لا يحصل الناس على رخص مغشوشة ويرتكبوا بعدها الكوارث في الطرقات؟

_أولا قمنا بحذف الصفة المادية عن المساطر، وتقليل تدخل العنصر البشري والرقمنة، هذا هو هدفنا اليوم، نود أن نقضي مصالح المواطن وأن يتم اتخاذ قرارات في ما يخص آلية السياقة بشكل أوتوماتيكي دون تدخل العنصر البشري.

_لا يوجد تلاعب في عملية الإجابة عن الأسئلة..

_اليوم يقال بأن الأسئلة أصبحت محفوظة ولو أن هذا حق يراد به باطل، لأن هذا المواطن إذا استطاع حفظ 100 سؤال فهذا جيد لنا، يجب أولا أن يحفظ ويعرف، انتقلنا من 600 سؤال إلى1000 سؤال، وتلك 600 سؤال كانت تضم سواء في تصويرها أو وضعها أشياء تجاوزتها مدونة السير، وتم حذفها، هذا مشروع مهم جدا، نغير الآن النظام المعلوماتي لتدبير رخصة السياقة، والبطائق الرمادية، نقوم بالتجارب في بعض المراكز الكبرى كالدار البيضاء الرباط وتمارة، وفي غضون شهر أو شهرين سنعممها، كان من المفترض أن ننطلق في شهر يونيو لكن تأخرنا بفعل بعض التعديلات التي كان من اللازم القيام بها في النظام.. 1000 سؤال أقحمنا فيه لأول مرة فيديوهات نقيس بهم خبرة وأهلية المترشح في وضعية معروضة عليه بناء على حركية، وليس فقط صورة ثابتة ونسأله عن الصحيح والخطأ، كذلك نتجه إلى مكننة الامتحان التطبيقي، بحيث قمنا بإنجاز مشروع مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات بن غرير أبانت أنه بإمكاننا أن نجهز مركبة ترصد جميع المناورات التي يمكن أن يقوم به المترشح، والنظام هو الذي سيحدد نجاح المترشح أو لا… سيرصد جميع تحركاته… فعملية التقييم نحن في مرحلة التصنيع كي نعممه، أي أن تكون جميع المركبات التي سيجرى بها الامتحان تابعة للإدارة، ونفك هذا الارتباط، ليس فكا نهائيا، ولكن نريد أن تكون مؤسسة تعليم السياقة مؤسسة للتعليم فقط. تقوم بتكوين المترشح، وهناك آليات لضبط التكوين، وتمنحه الشهادة، أي أن تكون منظومة التكوين مستقلة عن منظومة التقييم.

اليوم تأتيك مؤسسة تعليم السياقة بمترشحيها ومركبتها وتقول لك سيجتاز في هذه المركبة. على المواطن الذي يمتلك جرأة، إذا ما تمت مساومته، عليه أن يتصل بالرقم الأخضر وأن يبلغ عن الرشوة، كي لا يكون هناك تواطؤ… فأنا عندما أجري مراقبة على مستوى المراكز أجدهم يشتغلون في ظروف صعبة، وفي حالة من الاكتظاظ، ولكن لا أجد شيء ملموسا عن هذه الخروقات، وبالتالي نعتقد أن فك الارتباط، المكننة وللرقمنة وحذف الصفة المادية وادخال التكنولوجيا الحديثة هو الحل لهذه المشكلة.

_ألا نحتاج لفضاءات خاصة بالتدريب؟ نجد مثلا فضاءات في مداخل المدن وفي أماكن معزولة..

_الهدف الأسمى هو أن يمر الامتحان كما تتم السياقة في الواقع، وهذا ما سيتم من خلال مشروع السيارة الذكية، حيث سيتم تقييم أهلية المترشح في الظروف العادية للسياقة، فحلبات الامتحان، هناك بعض المناورات التي تحتاج للوقت ولظروف آمنة، مثل الانعطاف وغيرها، لكن العادي هو أن على السياقة أن تتم كما في الحياة العادية داخل المجال الحضري وخارجه.

_ما هي محددات سحب النقط؟ هناك بعض الغبش في هذا الموضوع..

_هذه مناسبة للحديث عن الأمر.. فاليوم من خلال التكنولوجيات الحديثة ومن خلال نظام رصد المخالفات، يرصد الدركي المخالفة في أي مكان من تراب المملكة ويدخلها في النظام المعلوماتي، وتوضع بشكل مباشر في نظام معالجة وتتبع المخالفات، ويترتب عليها الحسابات المتعلقة برصيد النقط، وهناك بوابة، وهذه مناسبة كي أشير لها infraction routière، يمكن لأي مواطن أن يقوم بتحميلها على هاتفه وتتبع رصيد نقاطه، وأطلب من السائقين أن يتوجهوا إليها كي لا يتفاجؤوا في حالة توصلهم بإشعار انتهاء رصيد نقاطهم. تم سحب اليوم أزيد من 1000 رخصة سياقة، ويتم هذا السحب بناء على الاعتراف بالمخالفة لحظة الأداء، فبعدما أؤدي عن مخالفة فأنا أقر بأني قمت بها، وهناك محضر محرر، ومن انتهى رصيد نقطه عليه أن ينتظر ستة أشهر ويجتاز دورة تكوينية لمدة ثلاثة أيام للتربية على السلامة الطرقية، ويعيد الامتحان من جديد، لأن الامتحان الأول يلغى بشكل مباشر.

_هل المشكلة هي أنهم لم يضبطوا القوانين، هم يعرفونها، هل هو نوع من التأديب؟

_هذه طريقة بيداغوجية في التجارب الناجحة، اليوم التدبير في بلدنا يرتكز على التجارب الدولية الرائدة، بعد غذ الأربعاء لدينا اجتماع لرؤساء والمديرين العامين لوكالات السلامة الطرقية على المستوى الدولي، وسيكون المغرب كذلك ممثلا، وبالتالي نلاحظ أكثر من تجربة، وبعد الملاءمة يمكن أن نضع تجربتنا، فإن كانت تجربة ما ناجحة فالظروف تختلف والبيئة تختلف، بعد الملاءمة تعطي النتائج. فنظام رصيد النقط معمول به بجميع دول العالم.

_في إطار تنوير الرأي العام، كم تضم الرخصة من نقطة؟ وما هي المخالفات الأكثر وقوعا؟

_هناك 30 نقطة، والجدد لديهم 20 نقطة فقط خلال السنتين الأولتين، وغالبا من ينال الرخصة لا يتجه للسياقة مباشرة، فمثلا ينجح تلميذ في الباكالوريا فيقوم أبوه بدفع تكاليف اجتياز الرخصة كهدية له. وسحب النقط يتم بناء على درجة خطورة المخالفة، ويمكن أن تصل إلى ستة نقط.

_موضوع ترشح المغرب لاستضافة المؤتمر العالمي للسلامة الطرقية، كيف تمضون فيه؟ هل سنكسب هذا الرهان؟

_لقد كسبنا هذا الرهان، بحيث سيعقد المؤتمر العالمي للسلامة المرورية بالمغرب يومي 18 و19 فبراير 2025، حيث ينظم كل خمس سنوات، نظم المرة الأولى بموسكو سنة2009، وبرازيليا في 2015، ونظم كذلك في 2020 في دورته الثالثة.  اللقاء الأول كان من أجل إعلان عقد العمل الأول للسلامة الطرقية 2011_2020، وسنة 2015 كان التقييم نصف المرحلي، وسنة 2020 كان تقييم العقد الأول وإعلان العقد الثاني، وسنة 2025 سيكون التقييم نصف المرحلي لعقد 2020_2030.

_يداهمنا الوقت لذلك سنرفع الإيقاع قليلا، هل ستشهد مدونة السير أي تعديلات؟ هل هناك تشاورات مع المهنيين؟

_مدونة السير كائن حي، لا توجد مدونة قارة في العالم لأنها مرتبطة بمنظومة السلامة الطرقية التي تتغير، تتطور البنيات التحتية، تتطور التكنولوجيات الحديثة، وكذلك سلوكات المواطنين، فيجب أن تكون حية تتلاءم مع ما يحصل، وفي هذا الإطار، باشرت الوزارة مشاورات مع جميع  المهنيين بناء على الحاجيات وبناء على تنزيل وتطبيق مدونة السير الحالية، منذ 1953 لم تتغير مدونة السير إلى سنة 2010، وبعد ذلك كان هناك تعديل سنة 2016، وحاليا هناك بعض الأمور التي تحتاج للتعديل لأجل التطبيق السليم ولأجل التأثير في سلوك مستعملي الطريق.

_فيما يتعلق بالطرق والجولان هناك مجموعة من الاشكاليات، سندرجها ضمن المختلفات، نريد أن نناقشها سي بولعجول، عدد من الناس يلاحظون أحيانا أن الدرك أو الأمن يضع الرادار قبل اللافتة التي تعلن عنه..

_التشريع ينص على التشوير أو الاخبار بمناطق المراقبة، وكي لا يكون لدينا تشوير في كل مناطق المراقبة نضع التشوير في مقاطع طرقية، نضع مثلا أن المراقبة ستكون على مدى 30 كلم، بحكم القانون، لا يمكن أن يتواجد دركي في مكان غير مشار له..

_هذه النقطة المتعلقة باختباء الدركي وراء الأشجار أو في أماكن معينة، هذه المباغتة من الناحية القانونية، هل يجب أن يكون في مكان يراه الناس أم ماذا؟

_ لا يوجد نص قانوني يقول بضرورة رؤية الناس للدركي، بل إن القانون يقول إن المواطن يجب أن يحترم القانون في أي مكان، وآلية المراقبة في التكنولوجيا الحديثة يكون في أماكن عديدة، يمكن أن نجده في مكان الأزبال للتمويه، ومسؤولية الدركي هي مراقبة السائقين في أي مقطع طرقي سواء داخل المجال الحضري أو القروي، لا يوجد شيء غير قانوني، فنحن نتحدث عن الشرطة القضائية والضابطة القضائية.

_فيما بتعلق بما يسمى (تريبي) الرادار، نجد أن الدركي إما لن يضع الرداد فوق كتفه أو يضعه فوق الأرض، هل من الضروري إذا أراد أن يكون في وضعية قانونية ان يكون في وضعية ثابتة أم.

_كيفما كان الحال، يجب على الدركي أن يثبت الرادار لكي يعطيه القياس، وإذا لم يعطيه القياس لا يستطيع مراقبته، مثلا حين يوقفك الدركي يريك السرعة التي كنت تقود بها ولكي يعطيه تلك السرعة يجب ان يحترم طريقة اشتغال الآلة إما على دعامة، فلا يقدم فقط سرعته فقط بل يعطيه كذلك مقطع فيديو يظهر له كيف تتغير سرعته طول تلك المدة.

_سيارات فارهة بعداد يتجاوز 300 كلم في الساعة أحيانا، هناك سؤال، ما الذي تفعله هذه السيارات في المغرب؟

_هي موجودة عبر العالم..

_في العالم نجد التجربة الألمانية التي تفتح ممرات يسمح لك فيها بتجاوز 120 كلم، ونحن قانوننا ينص على 120 كلم..

_تصنع سيارات خاصة بكل بلد، هناك شركات لصناعة السيارات تصدر نموذج ما وتسوقه على المستوى الدولي، أما بعض الخصائص التقنية فتدخل في جانب المصادقة. بالنسبة لأوروبا وألمانيا، فأظن أيضا أن هذا حق أريد به باطل، ليست جميع الطرق مخصصة، هي فقط بعض المقاطع الخاصة جدا هي التي تحظى بهذه الخاصية، ودون ألمانيا لا توجد دولة أخرى تعتمد هذه الخاصية. فالسرعة في المعجم على المستوى الدولي عامل مسبب لحوادث السير ومضاعف للخطورة، فهذا تصنيع لأجل التسويق، وأظن أنه لا يجب أن تكون هناك مساومة في توفير شروط السلامة الطرقية، فأنت بسرعة 300 كلم إذا صدمت شخصا ما ستكون المخلفات وخيمة.

_لما لا نوفر طرق بين الرباط والبيضاء مثلا يسمك لك فيها بالسير ب 200 كلم في الساعة.

_الظروف تختلف والبيئة تختلف، سأعطيك مثال بسيط جدا، سأخصص مقطعا طرقيا يمكن السير فيه إلى غاية 300 كلم في الساعة، فالذي لديه سيارة تسمح له بالوصول لهذه السرعة سيعتمدها، ومن يمتلك سيارة لا تسمح لذلك سيصبح يصارع كي يصل لتلك السرعة، حتى يجد نفسه مصطدما بمكان ما… فلا يمكن، لا نمتلك الرفاه كي نوفر حلبات من هذا النوع، لنقم بتوسعة الطرق بداية.

_البعض يقول، تمر سيارات السفارات وبلوحات معينة لا تحترم قانون السير وتتجاوز السرعة وترصدها رادارات…

_هناك من يدفع مقابل المخالفة وهناك من يدخل في إطار المعاملة بالمثل، فمثلما يعاملون سفراءنا على المستوى الدولي نتعامل نحن أيضا، فإن كان في إطار مهمة مستعجلة، حتى بالنسبة لسيارة الدرك والاسعاف ليدهم استثناءات في التعامل، فمثلا إذا كانت لديه مهمة معينة كمتابعة مخالف يسمح له بتجاوز السرعة المحددة لكن وفق شروط. أي سياة تتحرك على المستوى الوطني كلها مضبوطة من صاحبها وهل تابعة للدولة أو ملك خاص..الخ.

_النقل السري من الظواهر المتفشية، في الرباط مثلا نرى هذه الظاهرة تكديس الناس في نوع معين من السيارات ولا يحترمون التشوير أصلا، هذه ظواهر ترصد باستمرار، ما هي خطورة هذه الممارسات وكيف يمكن الحد منها؟

 _ليس من اختصاصي الحديث عن النقل السري، أظن أن الدولة قامت بمجهود كبير لتوفير النقل المزدوج على مستوى الأقاليم وتوفير التراخيص، وبالتالي عوض الذهاب للنقال السري يحصل على ترخيص على مستوى العمالات والأقاليم لكي يمارس عمله في احترام للقانون، ويكون معروفا لدى الدولة ولدى أعوان المراقبة، الظواهر الشاذة موجودة في جميع القطاعات، أنا لا أعتقد أن رجل درك أو أمن سيرصد رجلا يمارس النقل السري وسيتعامل معه تعاملا مغايرا للقانون، ونحن اليوم لدينا عدد كبير لرخص السياقة التي يتم حجزها بحكم أن صاحبها يمارس مهمة غير مرخص لها مثلا أصحاب النقل السري وتطبق في حقه المساطر. أنا أظن أنها ليست ظاهرة عمومية ومقلقة، ربما في بعض القرى بحكم طبيعة التضاريس. لكن اليوم هناك عدد كبير من التراخيص التي تمنح على مستوى الأقاليم لأجل توفير النقل المزدوج الذي يتلاءم مع طبيعة العالم القروي ولكي يستجيب للحاجيات، ما عدا ذلك أعوان المراقبة لا يتجاوزون عن مثل هذه السلوكات.

الفقرة الأخيرة من برنامج حوار مع العمق سي بناصر هي فقرة أسماء وتعليقات.

الاسم الأول: محمد عبد الجليل وزير النقل واللوجيستيك.

_سي محمد عبد الجليل ابن الوزارة والقطاع، يمارس فيه منذ سنة 2003 لديه دراية ورؤية وتوجه ونشتغل معه، هو رجل تقني علمي بامتياز، يؤمن بالأفكار التي لديها دليل مادي، فإذا قدمت له فكرة ولم تقنعه سوف يرفضها، لذا لابد تقديم فكرة مبدعة بحجج ضامنة ومبنية على أساس علمية.

 –عبد الكريم غلاب: وزير النقل الأسبق، باعتبار أن المدونة وضعت في سياق توليه المسؤولية، وقد عرفت احتجاجات وسيرورة أنت تعرفها.

 _أي رجل دولة في لحظة معينة قد يتخذ قرارات قد تكون لا شعبية ولكن أظن أن ما قام به سي عبد الكريم غلاب سوف يشهد له به التاريخ، والله سيجازيه، لأنه قام بتغييرات هيكلية مهمة جدا، فمشروع مدونة السير ليس من السهل أن تخلق حوله إجماعا، ففي نهاية المطاف رغم الانتقادات والمعارضة وكل ما صاحب المشروع وهي مسألة طبيعية في مشروع مثل مدونة السير، فأنا أظن في نهاية المطاف أن بلادنا تتوفر على مدونة عصرية وما المدونة إلا آلية توفر آليات أخرى قانونية لاشتغال مجموعة من القطاعات، بالإضافة إلى مجموعة من الاصلاحات الهيكلية التي قام بها سي غلاب فيما يخصص مكننة الامتحان النظري وفيما يخص توسعة البنية التحتية بمستوى أكثر من مئة كلم في السنة المتعلقة بالطرق السيارة ولا من خلال اصلاح نظام الفحص التقني . انا اظن أن الرجل يستحق كل التقدير والاحترام.

_سي بولعجول عواشرك مباركة، ونقول للسائقين أن يرفعوا صوت الراديو ويخفضوا السرعة.

 إذا سمحت سي محمد إضافة بسيطة جدا، اليوم يجب أن نكون متسامحين تجاه أخطاء الآخرين، في بعض الأحيان يظهر لنا شخص يقوم بسلوكات فيها رعونة واختلالات فلا يجب أن نعانده، بل يجب أن نتسامح لأن التسامح يمكننا من التعايش لكي يسود الأمن والسلام.

الأستاذ بناصر بولعجول مدير الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية شكرا جزيلا لك.

هل كان حوارا في العمق أم مجرد حوار في العمق؟ أنتظر تفاعلاتكم، أودعوكم إلى حلقة جديدة وضيف جديد في برنامجكم حوار في العمق، ترقبوه مساء كل جمعة على الساعة السادسة، إلى اللقاء.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *