مجتمع

تجاوزات “بوجلود” تصل البرلمان.. ودعوة لحماية الموروث من “اللصوص والمتهورين”

انتقل الجدل الذي خلفته احتفالات بوجلود هذه السنة من مواقع التواصل الاجتماعي إلى مؤسسة البرلمان، حيث وجه النائب البرلماني، حسن أومريبط، سؤالا كتابيا إلى وزيري الداخلية والثقافة والشباب والتواصل حول تفشي سلوكيات وصفت بـ”المشيئة” وسط المحتفلين بهذا الطقس بأكادير الكبير.

وقال أومريبط في سؤاله: “إذا كان طقس بوجلود عريقا ظل يرافق احتفالات المغاربة بعيد الأضحى المبارك لقرون عديدة، خصوصا بقرى ومدن جهة سوس ماسة، فإنه أصبح يثير العديد من الأسئلة بخصوص آليات تنظيمه، حيث بدأ يزيغ عن مبتغاه وبدت خلال هذه الأيام معالم الأزمة واضحة على عناصره ومكوناته التي اختلت ميكانيزمات اشتغالها المعهودة.

وأضاف برلماني حزب الكتاب: “لقد أصبح لبس جلود الأضاحي والأقنعة التنكرية ملجأ لعدد من السكارى واللصوص وذوي السوابق القضائية واليافعين المتهورين، ليتحول هذا التقليد بالتالي من طابعه الفرجوي إلى حالة من الفوضى العارمة في عدد من الأحياء، فلم تستطع الجمعيات المنظمة ضبط عملية المشاركة وتحديد هوية المشاركين وتنظيم تحركاتهم وطريقة تفاعلهم مع الساكنة”.

وقال أيضا إن حركة المرور في عدد من أزقة وشوارع مدينة أكادير و إنزكان والدشيرة الجهادية أصبحت شبه متوقفة، خصوصا خلال المساء. كما عانت ساكنتها من غياب السكينة والطمأنينة طيلة أيام هذه التظاهرة التي استعملت فيها مكبرات الصوت ومنيات السيارات، وتعالت فيها ضوضاء المحركات المعدلة للدراجات النارية بل رافقتها عمليات إجرامية كثيرة، كالسرقة الموصوفة والتهديد بالسلاح والاعتداءات الجسدية التي انتهى بعضها بمستعجلات مستشفى الحسن الثاني بأكادير، مما شكل عبنا إضافيا على الأطر الصحية في هذه الأيام المباركة.

وطالب أومريبط الوزيرين للكشف عن عن الإجراءات التي ستتخذ لضبط وحسن تنظيم هذا الشكل الاحتفالي الذي تعود جذوره إلى قرون عديدة، والذي يعتبر تقليدا سنويا متميزا، كما ساءلهما عن التدابير التي سيتخذونها للحد من تفشي السلوكيات المشيئة المرافقة له، وكذا العمل على جعله كرنفالا وطنيا من شأنه مضاهاة كبريات الكرنفالات العالمية.

يذكر أن عادة “بلماون” التراثيّة، كانت تهدف في السابق إلى الترفيه عن السكان، وجمع التبرعات للقيام بعدد من الأعمال الخيرية في قرى جنوب المغرب، قبل أن تتسلل إليها بعض العادات التي قد تبعدها عن أهدافها الاساسية، وفق ما كشفه باحثين أمازيغ لجريدة “العمق المغربي” الإلكترونية.

وفي هذا السياق، قال الباحث في الثرات والتنمية لحسن بوكردي، في تصريح خص به “العمق”، إن احتفالات “بيلماون” التي تعرفها مدن وقرى جهة سوس ماسة، خلال أيام عيد الأضحى، متأصلة، حيث كانت تمارس منذ القدم، غير أنها معرضة للاندثار خصوصا بعد اختفائها في عدد من مناطق المغرب وعموم شمال إفريقيا، مضيفا: “نسعى كباحثين وفعاليات مدنية، إلى تطوير هذ هذه العادة وتثمينها، بغية جعلها ثراتا لا ماديا معترف به من طرف المنتظم الدولي، ونحميها من كل الظواهر السلبية المرتبطة بها”.

وأوضح ذات الباحث في التراث والتنمية، بأن جميع العادات يشوبها نوع من السلبية، وهمهم في أكادير وعموم جهة سوس ماسة، هو الحفاظ على هذا الموروث الثقافي وحمايته من كل ما من شأنه أن يؤثر على الفرجة التي يوفرها.

من جانبه أكد أحمد صابر، وهو أستاذ جامعي متخصص في التاريخ، بأننا اليوم أمام ظاهرة تأثرت بالعولمة، لكن لبها المتمثل في ارتداء الجلود لازال قائما على ما كان عليه من ذي قبل، غير أنه من الملاحظ أن بعض الأمور المتعلقة بعادة “بيلماون” التراثية، قد تُنوسـِيَت تماما مثل طمس هوية الشخص المرتدي للجلود.

وأضاف العميد السابق لكلية الآداب والعلوم الانسانية بأكادير احمد صابر، أن “بيلماون” لم تعد هويته مجهولة كما في السابق، حيث صار اليوم شخصية معروفة وتتكلم، في حين أن “بوجلود” كان أبكما، ويركض في الازقة لزرع الخوف بين الأطفال والنساء، أما في العصر الحالي فقد أصبح هناك نوع من المحاباة بين هذه الشخصية والجمهور.

يشار إلى أن طقوس “بيلماون” أو ما يعرف بـ”بوجلود”، تهدف في الأساس إلى خلق تلك الفرجة التي تجمع بين الرقص والحركات المثيرة، ويسود فيها الضحك الجماعي والسخرية والتخويف والإثارة، قبل أن يحولها بعض “المتطفلين” إلى مناسبة لنشر الفوضى وممارسة ما يمكن الاصطلاح عليه بالتسول المقنع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *