سياسة

ضعف التفاعل مع مقترحات القوانين.. أدمينو يدين الحكومة والمعارضة تهدد بالمحكمة الدستورية

يتجدد كل سنة النقاش حول “ضعف” تعاطي الحكومة مع مقترحات القوانين التي تتقدم بها الفرق البرلمانية، خصوصا من نواب المعارضة، حيث ظلت عدد من المبادرات التشريعية حبيسة “ثلاجة البرلمان” منذ أزيد من سنة، في انتظار أن تحدد الحكومة موقفا بشأنها سواء بالقبول أو بالرفض.

وتتهم فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، الحكومة بـ”مخالفة الدستور” بسبب عدم تفاعلها مع مقترحات القوانين التي تتقدم بها، كما احتجت على عدم حضور بعض الوزراء لاجتماعات اللجان الدائمة لمناقشة مقترحاتها وتقديم رأي الحكومة بشأنها، مهددة هذه الأخيرة باللجوء إلى المحكمة الدستورية.

وتطالب المعارضة، مكتب مجلس النواب بتفعيل الحقوق المخولة لها في الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب. ويضمن الفصل 10 من الدستور للمعارضة المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لاسيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان.

رفض بدون تعليل

في هذا الإطار، قال رئيس الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية، رشيد حموني، إن “الحكومة تكتفي بتوجيه مراسلات إلى مكتب مجلس النواب عبارة عن جدول يتضمن مقترحات القوانين المقبولة والمرفوضة بعد التداول بشأنها داخل لجنة وزارية، دون إعطاء أي تعليل عن سبب رفضها”.

وشدد حموني، في تصريح لجريدة “العمق”، على أن النظام الداخلي لمجلس النواب، وحتى الدستور يتحدث على أن مقترح القانون يخضع لنفس المساطر التي تمر منها مشاريع القوانين، كما يتوفر على نفس القوة القانونية التي تحظى بها مشاريع القوانينالصادرةعن الحكومة، حيث أن الفصل 79 من الدستور يعطي حق التشريع لرئيس الحكومة وللنواب والنائبات أيضا.

وسجل المتحدث، وجود تمييز بين مقترحات القوانين النواب ومشاريع القوانين التي تتقدم بها الحكومة، حيث تعطى الأولوية لهذه الأخيرة، في حين أن مقترحات القوانين لا تتفاعل معها الحكومة، وحتى الوزراء لا يحضرون لاجتماعات اللجان، مضيفا أن حضور الوزير الهدف منه ليس قبول المقترح ولكن تبرير عدم رفضه وإقناع النواب.

التهديد بالقضاء الدستوري

وأبرز رئيس الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية، أنه خلال اجتماع ندوة الرؤساء مع رئيس مجلس النواب، كان الكل يلح على أن مقترحات القوانين يجب أن يسلك نفس المسطرة التي تسلكها مشاريع القوانين، مضيفا أن رئيس مجلس النواب ذهب مع نفس الطرح.

وزاد المتحدث، أنه تم اتخاذ قرار في ندوة الرؤساء، وبدأت جميع اللجان في عقد اجتماعات لتقديم مقترحات القوانين، ومناقشتها، وتسلك المسطرة التشريعية، مضيفا بالقول: “الحكومة إذا حضرت فمرحبا، وإن تخلفت عن الحضور، فستكون مجبرة على الحضور خلال الجلسة العامة وتعطي تبريراتها”.

وفي حالة عدم حضورها، يضيف حموني، فإن فرق المعارضة ستلجأ عن طريق مجلس النواب إلى المحكمة الدستورية، مبرزا أن “الفصل 79 ينص على أنه إذا كان خلاف حول بعض مقترحات القوانين، وترى الحكومة أنها تدخل في سلطتها التنظيمية، ونرى نحن العكس فسنلتجئ إلى المحكمة الدستورية”.

الأولوية للمعارضة

من جهته، قال أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس الرباط، عبد الحفيظ أدمينو، إن “مسألة تعاطي الحكومة مع مقترحات القوانين كانت حاضرة دائما في كل الانتدابات والولايات البرلمانية لكن التحول المهم الذي أحدثه دستور 2011 أنه نص على أنه تعقد جلسة شهرية لدراسة مقترحات القوانين بما فيها تلك المقدمة من المعارضة”.

وأوضح عبد الحفيظ أدمينو ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أنه من الناحية الدستورية، البرلمان ملزم أن يعقد على الأقل جلسة كل شهر لمناقشة مقترحات القوانين، مضيفا أنه “على الأقل على مستوى تخطيط الحيز الزمني في الزمن التشريعي فهو منصوص عليه دستوريا”.

ويرى أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس الرباط، أن “الإشكال المطروح دائما هو أن معظم الأنظمة البرلمانية تكون لها أغلبية برلمانية لها امتداد حكومي بمعنى أنه على مستوى المبادرات التشريعية تحسم دائما بعدد الأصوات أي بالأغلبية”.

وسجل أن النظام الداخلي لمجلسي البرلمان وانطلاقا من الحقوق التي منحها الدستور من خلال الفصل 10 للمعارضة البرلمانية حاول إيجاد مجموعة من الصيغ التي تمكن المعارضة البرلمانية من المشاركة في عملية التشريع، مؤكدا أن “النظام الداخلي اليوم يضمن للمعارضة أن تقدم مقترحات القوانين وتمنحها الأولوية في المناقشة”.

وأشار أدمينو إلى مقتضى تم تضمينه في النظام الداخلي والذي يجعل أن المقترحات تحظى بنفس القيمة في المناقشة ويمكن أن تقدم على مشاريع القوانين إذا تم تسجيلها بالأسبقية لدى مكتب المجلس، مشددا على أنها كلها ضمانات تعزز من دور المعارضة على الأقل على مستوى المبادرات التشريعية.

مصادرة حق النواب

وبحسب المتحدث، فإن الإشكال اليوم هو في تعاطي الحكومة مع مقترحات القوانين، إذ أنه منذ الولاية التاسعة والحكومة اتجهت إلى تشكيل لجنة وزارية تحت رئاسة رئيس الحكومة تتولى النظر في مدى إمكانية قبول الحكومة لمقترحات القوانين المقدمة من طرف البرلمان.

ومضى مستطردا: “هذا يبقى عملا حكوميا محضا لا يجب أن يكون له تأثير على البرلمان بمعنى أن الحكومة من حقها أن تنسق ما بين أعضائها فيما يتعلق بقبول أو رفض مقترحات القوانين سواء تلك المقدمة من طرف الأغلبية أو المعارضة”.

وبالمقابل، شدد أدمينو على أن الحكومة لا يمكنها أن تصادر حق النواب في تقديم مقترحاتهم وتمتنع عن حضور الوزراء في اللجان الدائمة من أجل مناقشة المبادرات التشريعية، مضيفا أن المعارضة لا تقبل أن تراسل الحكومة مكتب مجلس النواب أو المستشارين وتخبر النواب بأن مقترحاتهم غير مقبولة دون تقديم أسباب رفضها.

وفي هذا الإطار، أحال أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس الرباط، بدوره على المادة 79 من الدستور والتي تنص على أنه “للحكومة أن تدفع بعدم قبول كل مقترح أو تعديل لا يدخل في مجال القانون. كل خلاف في هذا الشأن تبت فيه المحكمة الدستورية، في أجل ثمانية أيام، بطلب من أحد رئيسي المجلسين، أو من رئيس الحكومة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *