مجتمع

منتوجات تعكس تنوع القارة السمراء.. مهاجرون يسلكون التجارة طريقا للاندماج بالمغرب

خلف طاولات صغيرة مكتظة بسلع معروضة للبيع، يجلس العديد من الباعة القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، على طول الرصيف بساحة باب شالة بالعاصمة الرباط. فالتجارة بالنسبة لهذه الفئة وسيلة للبحث عن لقمة العيش وجسر لربط شمال القارة بجنوبها، ووسيلة للاندماج في المغرب.

يبيع هؤلاء المهاجرين سلع وخدمات تختلف عن باقي المنتجات المحلية، وتعبر عن ثقافات بلدانهم، كالمراهم وكريمات الوجه إضافة إلى إكسسوارات و منتجات غذائية تعكس أسلوب العيش في بلدانهم.

في هذه الساحة، يتواجد العشرات من المهاجرين الذين قرروا الاستقرار بالمغرب و الاندماج مع شعبه بربط علاقة معهم عن طريق التجارة. حيث معظمهم ينحدرون من السنغال، بحسب ما أكده أحدهم لجريدة “العمق”، فلا يمكن المرور من هذا المكان دون سماع حواراتهم بلغتهم الخاصة وملاحظة مدى تنوع المنتجات الخاصة المعروضة للبيع.

منتجات فريدة

و ما يلفت الانتباه في هذا المكان، هو المنتجات الفريدة التي يمتلكها التجار المتجولون، حيث يبيعون مواد متشابهة بكميات مختلفة وبأسعار في المتناول، فمنهم من يضع تلك المواد على طاولات صغيرة الحجم و منهم من يتركها داخل أكياس كبيرة مملوءة عن آخرها.

ويقول مالك ديالو، وهو مهاجر يتحدر من السنغال، مقيم في المغرب منذ أربع سنوات، إنه يبيع مراهم و إكسسوارات مستوردة فقط من السنغال، يقتنيها من تجار الجملة في الدار البيضاء الذين يقومون ببيع هذه المنتجات تحديدا، والذين يشترونها من تجار يتنقلون بين داكار و العاصمة الاقتصادية للمغرب.

وأضاف أن هذا الشاب الثلاثيني، في حديث لـ”العمق”، “غالبا ما يشتري المغاربة منتجاتنا”، وهو ما يعكس درجة تعايش المغاربة مع المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء ومع ثقافاتهم. كما أنه لا يرى فرقا بين المغرب والسنغال، “فهما يشكلان شعبا واحدا لا اختلاف بينهما إلا في اللغة”.

مأكولات إفريقية متنوعة

و من الأمور التي يمكن اكتشافها أيضا عن هؤلاء الباعة، تلك المأكولات الأفريقية المتنوعة. خلال جولتنا، قابلنا عائشة، وهي سنغالية في العشرينيات من العمر تبيع “الدخن” السنيغالي، و هو نوع من الحبوب، يمكن مزجه بالحليب ليعطي “مذاقا رائعا”، إضافة إلى “بيساب” أو “كركادي”، الذي هو عبارة عن مشروب أحمر يستخدم في الطبخ ويتم تحضيره بخلط زهور الكركدية والنعناع والسكر.

و قالت عائشة في هذا الصدد، “إني أبيع هذه المواد منذ عام تقريبا والمغاربة يقتنوها بشكل متكرر لأنهم يستخدمونها أيضًا في الطهي”، و تضيف بنبرة امتنان “هذه المهنة هي مصدر دخلي، أعيش من خلالها أنا وعائلتي الآن بعد محولات عديدة في البحث عن عمل”.

وبحسب عائشة، فإن هناك إقبال كبير على هذه المواد مما يجعل العديد المهاجرين يمتهنون تجارتها في أماكن مختلفة من العاصمة الرباط.

فهذه الساحة، بالنسبة للعديد من المهاجرين الأفارقة والمواطنين المغاربة، تعد فضاء تتلاقح فيه الثقافات و تظهر أواصر التعايش مع جنسيات متعددة من خلال عملية البيع والشراء، حيث يقدم المغاربة و كذا المهاجرين على اقتناء منتوجات قادمة من عمق القارة السمراء، وهو ما يساهم في التعريف بثقافة بلدان هذه القارة وتعزيز مكانة منتوجاتها في السوق المحلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *