مجتمع

أرباح “تيك توك” تغري أسر مرضى التوحد.. متاجرة بالمعاناة أم بحث عن مصاريف العلاج؟

أصبح المُصابون باضطراب طيف التوحد بالمغرب، مادة دسمة للتداول على منصة التواصل الاجتماعي “تيك توك”، حيث حوّلت بعض الأسر معاناتها مع هذه الفئة، إلى طريقة لتحقيق مكاسب مادية والبحث عن الشهرة، من خلال إنشاء فيديوهات يومية، أغلبها موغل في “التفاهة” وبعيد عن التوعية بهذا المرض.

وينتقد مُهتمون بهذه الفئة، تصوير بعض الأسر لأبنائها المصابين بطيف التوحد، للاسترزاق بهم على منصة “تيكتوك”، بدل تحسيس المجتمع بمعاناتهم، في حين يرى آخرون، أن تحقيق بعض المكاسب المادي، لا يضر، إذا ما تم استحضار المصاريف الباهظة التي تثقل كاهل تلك الأسر.

بدير الدين أيت الخوي، أب طفل توحدي، قال في حديث مع “العمق”، إن هذه الظاهرة، تُكرس جهل المواطنين بملف التوحد، موضحا أن “طيف التوحد أنواع، ويتم تسليط الضوء فقط حتى في الإعلام على التوحديين الذين نجحوا في مسارهم الدراسي، في حين أن كل حالة لا تشبه الأخرى”.

وأبرز أيت الخوي، وهو رئيس المركز المغربي للأبحاث في مجال الإعاقة، أن الفيديوهات المنتشرة مؤخرا على “تيك توك”، لا تخدم موضوع التوحد، ولا مصلحة الطفل، ولا تخدم حتى المجتمع بل تزيد من تعميق الرؤية السلبية حول هذا المرض، مضيفا أنها “لا تعدو أن تكون طريقة للترويج والاسترزاق”.

وسجل المتحدث، أن “مثل هذه الفيديوهات لا يجب السماح بمرورها، لأنها لا تخدم التحسيس بهذا المرض، وليست منتوجا هادفا بل تدخل في خانة التفاهة”، مضيفا أن الأسر التي تسترزق بهذه الفئة “تقدم صورة خاطئة للمشاهد عن التوحد”.

ومضى مستطردا: “من يقوم بهذه السلوكات لكسب المال لمواجهة الكلفة المالية الباهظة لهذا المرض، فهو مخطئ”، مشيرا إلى حالة طالب جامعي تستغله أسرته على هذه المنصة، حيث قال: “قد يكون والديه غير واعين، وقيل لهم بأنه بهذه الطريقة يمكنهم كسب البعض من المال، لكن هذا ليس حلا، وإنما سيدفع آخرين إلى سلك نفس السلوك”.

وأورد أيت الخوي، أن أسر المصابين بطيف التوحد، متذمرة وتعيش مصيرها لوحدها، في ظل غياب دعم مادي ومعنوي من الدولة، إضافة إلى قلة الموارد البشرية، حيث أن الدخول المدرسي للأطفال التوحديين لم ينطلق لحد الآن، مسجلا اكتفاء تحالف جمعيات التوحد بتخليد اليوم العالمي للتوحد في 4 أبريل، دون القيام بمبادرات أخرى على مدار العام لفائدة هذه الفئة والتخفيف من معاناة أسرهم.

من جهتها، قالت إيمان حادوش، وهي ناشطة اجتماعية في مجال التصدي لمرض التوحد، إن إظهار المصابين بطيف التوحد في وضعيات معينة “تردي أدميتهم” من أجل كسب المشاهدات وخلق “البوز” عن طريق استفزازهم وتصويرهم، “أمر مرفوض”.

وأضافت حادوش في تصريح لـ”العمق”، أنه بالمقابل “يمكن إنشاء فيديوهات تحسيسية للحديث عن صعوبات الأسر في التعامل مع الطفل التوحدي، دون إظهار وجهه، كتقريب المشاهد من “روتينه اليومي”، لكن بطريقة مناسبة تحترم أدميته، ولا تنقص من قيمته”.

وحول موقفها من بعض الأسر التي “تسترزق” بأبنائها المصابين بطيف التوحد، لا ترى حادوش مانعا في ذلك إذا كان محتوى الفيديو توعوي وبعيد عن “البوز” و”التفاهة”، لأن مصاريف الاعتناء بهذه الفئة مكلفة جدا، وفق تعبيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *