سياسة

محامون يستنجدون بالبرلمان لمراجعة مقتضيات بقانون السجون تقيد الدفاع

أطلعت فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب، عددا من الفرق البرلمانية بمجلس النواب من الأغلبية والمعارضة، على ملاحظاتها حول مشروع قانون تنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، خصوصا في الشق المتعلق بحق نزلاء هذه المؤسسات في الاتصال بمحاميهم في ظروف وشروط معينة.

وسجلت فيدرالية جمعيات المحامين الشباب ضمن مذكرة سلمتها للفرق البرلمانية، أمس الثلاثاء، أن مشروع مشروع قانون تنظيم وتدبير المؤسسات السجنية قيد من ممارسة الدفاع لعدد من الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية، وتراجع عن ظروف كانت مكفولة بمقتضى القانون رقم 23.98.

كما أشارت إلى أن “مشروع القانون رقم 10.23 حد من مجال تدخل المحامي داخل المؤسسة السجنية وقزم دوره في محطات مختلفة نذكر منها المادة 200 من المشروع والتي أعطت الحق لجميع من لهم حق الاتصال بالمعتقل من أسرته ومعارفه مؤازرته والحضور معه لجلسات التأديب وهو ما يتعارض مع المادة 30 من قانون مهنة المحاماة التي جعلت من مؤازرة الأطراف في المجالس التأديبية حكرا على المحامين دون غيرهم”.

ولفتت المذكرة التي تتوفر “العمق” على نسخة منها، إلى أن المادة 76 من مشروع القانون المذكور، نصت على أنه “يتصل محامي المعتقل الاحتياطي بموكله بناء على ترخيص تسلمه السلطة القضائية المختصة”، في حين أنه “لا وجود لعلاقة مباشرة بين قضاء الحكم والمؤسسة السجنية التي تتلقى أوامرها القضائية من قضاة التحقيق والنيابة العامة”.

وبحسب المصدر ذاته، فإن هذه المادة “يفهم منها أن قضاة الأحكام أصبحوا مختصين بتسليم هذه التراخيص، وهو ما سيطرح عمليا عدة إشكالات خصوصا في حالة تغيب القاضي المختص أو المقرر لسبب من الأسباب، أو في الفترات التي تصدر فيها الأحكام الابتدائية وقبل أن تحال الملفات على الغرف الاستئنافية، مما قد يعيق ممارسة هذا الحق الذي يتطلب في كثير من الأحيان عنصر الاستعجال”.

وسجل المحامون، أن المادة 76 فيها تقييد لحق الزيارة، حيث جاء فيها أنه “يجرى الاتصال داخل قاعة معدة لهذا الغرض تحت أنظار الموظف وليس على مسمع منه”، مؤكدين أن “هذه الصيغة جاءت حمالة أوجه وقد يعرف تطبيقها العملي اختلافا من مؤسسة سجنية إلى أخرى وفق التفسير الذي قد تقدمه لهذه المادة”.

وفي هذا الإطار، أكدوا أن المشروع لم ينص على ضمان سرية الاتصال بين المعتقل والمحامي وإلى ضمان عدم التصنت عليه من طرف الغير سواء مباشرة من طرف الموظف المكلف بالمراقبة أو بواسطة أجهزة المراقبة أو التصنت التي يمكن أن تضعها الإدارة السجينة لاعتبارات أمنية.

وسجلت فيدرالية المحامين الشباب أن “ضمان السرية وحسن الاتصال يقتضي كذلك التنصيص على مجموعة من الضوابط أقرتها المواثيق الدولية من قبيل عدم إمكانية تفتيش المحامي أو تجريده من وثائقه ومستنداته بما فيها الالكترونية، خصوصا أن عددا من المؤسسات السجنية ومخافة تصوير فضاءها تمنع المحامين من إدخال هواتفهم وأجهزتهم الالكترونية إلى المؤسسات السجنية”.

وهو ما يعيق، بحسب المحامين الشباب “عملية الاتصال في بعض الحالات خصوصا عرض ومناقشة المحامي مع موكله المعتقل مستندات الكترونية أو أشرطة مصورة “فيديو” قد تكون حاسمة في القضية باعتبارها وسائل إثبات أو نفي يقتضي الدفاع عرضها على المتهم المعتقل وأخذ رأيه فيها قبل مناقشتها في الجلسة”.

وأبرزت الفيدرالية ضمن المذكرة ذاتها، أن “اتساع استعمال هذه الوسائل كأدلة جنائية، يقتضي السماح بإدخالها مع ما يقتضيه احترام فضاء المؤسسة السجنية والتقيد بالقوانين وبأعراف المهنة وأخلاقها تحت طائلة المساءلة التأديبية والقانونية”.

وبحسب المصدر ذاته، فقد نصت نفس المادة على المنع من تسليم أو تسلم أي شيء من المعتقل، وهو ما يعتبره المحامون تقييدا على اعتبار أن “اتصال المحامي بمؤازره يهدف في حالات عدة إلى مناقشة وثائق ووقائع قد تحتاج إلى وصف أو تحديد دقيق لمكان معين، أو وقائع متداخلة ومعقدة وهي الأمور التي يتطلب تفصيلها وتوضيحها كتابتها من طرف المعتقل حتى يستعين بها المحامي في تحليل الوقائع المعروضة عليه، كما قد تكون للمعتقل ملاحظات مكتوبة يرغب في تسليمها لمحاميه، وهي وسائل تواصل لا تختلف عن المراسلات التي شملها المشرع بالسرية”.

وسجلت المذكرة أن “المنع الذي أشار إليه المشروع يشمل حتى تبادل المكتوبات مباشرة بين المحامي ومؤازره، في تعارض مع المقتضيات المشار إليها ومع قواعد نيلسون مانديلا لاسيما القاعدتين61 و120. إن هذا المنع بالصيغة الواردة في المشروع يعتبر تضييقا على حرية الاتصال بالمحامي وفعالية هذا الاتصال مما يتعين معه حذف هذه الفقرة”.

ومن الملاحظات التي سجلتها الفيدرالية على المشروع في هذا الباب عدم تضمينه حقوق بعض الفئات الخاصة التي قد لا تسعفها إعاقتها على التحدث والكلام ولا تملك إلا الكتابة أو الإشارة للتواصل.

واقترح المحامون الشباب “صيغة للمادة 76 تتوفر فيها الشروط الضرورية لتنظيم الزيارة”، وتنص هذه الصيغة على أن “يتواصل محامو المعتقلين الاحتياطيين بموكليهم، بناء على ترخيص تسلمه السلطة القضائية المكلفة بالتحقيق، أو النيابة العامة المختصة”، وأن “يسمح للمحامين بالاتصال بالمدانين، بناء على ترخيص يسلمه لهم وكيل الملك الذي تقع المؤسسة السجنية ضمن دائرة اختصاصه”.

الصيغة التي اقترحها المحامون نصت كذلك على أن “يجرى الاتصال داخل قاعة معدة لهذا الغرض في ظروف تكفل السرية التامة، وبأوقات كافية دون استعجال ولا تدخل ولا مراقبة، ويجوز أن تتم هذه الزيارات تحت نظر الموظفين ولكن ليس تحت سمعهم، ولا يمكن تجهيز قاعات الزيارة بأية أجهزة مراقبة أو التسجيل الصوتي والمرئي”.

ونصت أيضا على أنه “لا يخضع المحامي في إطار هذه الزيارة لأي تفتيش أو منع أو احتفاظ بأشيائه أو وثائقه وأجهزته الالكترونية التي قد يستعملها في اتصاله مع موكله كما يمكنه أن يتسلم مباشرة من موكله كافة الوثائق والمكتوبات والصور الورقية والالكترونية بقصد استعمالها في الخصومة المعروضة على القضاء”.

وطالبت الفيدرالية ضمن الصيغة المحينة للمادة 76 بأن “يسمح للمعتقلين ذوي الاحتياجات الخاصة بالاستعانة حسب نوع الإعاقة بما يحتاجونه لتحقيق التواصل مع المحامي بما في ذلك تعيين خبراء الإشارة يتعين توفير ترجمان بالنسبة للمعتقلين غير القادرين على التواصل باللغة العربية سواء كانوا أجانب أو مواطنين مغاربة بناء على طلب يتقدم به المحامي أو المعتقل ويعين فيه الترجمان الذي يتحقق فيه شرط ضمان السرية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *