خارج الحدود، مجتمع

أكاديميون: إفريقيا قارة شابة وقوية ضيعت فرصا سانحة بسبب استقلالها غير المكتمل

الدولة الإفريقية

أجمعت شخصيات سياسية وأكاديمية وباحثون في قضايا الهجرة والأمن الغذائي والاقتصاد، على أن إفريقيا قارة شابة وقوية ضيعت فرصا سانحة لتحقيق التقدم  بسبب استقلالها الغير مكتمل واستغلال ثرواتها الطبيعية والبشرية، مما انعكس سلبا على الأوضاع السوسيواقتصادية لشعوب القارة السمراء.

وعرفت ندوتين علميتين، من تنظيم كل من الملتقى العام للمنظمات الأهلية العربية الإفريقية والمركز المغربي لحقوق الإنسان، في إطار المبادرة المدنية الموازية للاجتماع السنوي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي برسم سنة 2023، نقاشا وتشخصيا لوضع القارة الإفريقية، ترتب عنهما تقديم توصيات ومقترحات لتحقيق بلدان إفريقيا ريادتها.

استقلال إفريقيا غير مكتمل

خديجة بركات، رئيسة الملتقى العام للمنظمات الأهلية العربية والإفريقية، رحبت في كلمتها الافتتاحية بالحضور، مبرة عن فخرها بتنظيم الملتقى في فضاء علمي أكاديمي تابع لجامعة القاضي عياض بمراكش “وهي إحدى المنارات العلمية الكبيرة والتاريخية بمراكش، مدينة العلم والعلماء وأولياء الله الصالحين”.

واعتبرت بركات أن مراكش وحدت النخب العلمية والأكاديمية مجددا من أجل مناقشة مواضيع ذات راهنية، آنية ومستقبلية، وكذلك حمولاتها المتعددة الأبعاد، عبر محور خاص بالأوضاع السياسية والثقافية والاقتصادية وأثرها على واقع حقوق الإنسان والتنمية بإفريقيا، ظاهرة الهجرة نموذجا، لإثارة مجموعة من الإشكالات والتحديات في إطار المبادرة المدنية الموازية للاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي برسم سنة 2023.

وعبرت بركات عن شكرها وفخرها بالمحاضرين والحضور، وكل الهيئات المدنية والحقوقية التي تشارك نفس الهموم وتتطلع لنفس الطموحات، خاصة المركز المغربي لحقوق الإنسان ورابطة كاتبات إفريقيا وجمعية جنوب لأجل المجتمع.

وقدم رئيس الجلسة، عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عرضا تمهيديا حول موضوع الندوة الأولى، الذي يتناول بالتحولات الجيوسياسية التي تشهدها القارة الإفريقية، وما ترتب عنه من تداعيات اقتصادية واجتماعية وثقافية على الشعوب الإفريقية.

الوزير السابق والقيادي بحزب الحركة الشعبية، إدريس مرون، قال في مداخلة معنونة بـ”التحديات السياسية والاجتماعية والعرقية وإشكاليات الديمقراطية في الدول الإفريقية”، إن القارة الإفريقية عانت تحت نير الاستعمار، وبدأت بنيل استقلالها بين 1950 إلى غاية 1980، وأن مخلفات الاستعمار كانت عديدة وثقيلة.

وأوضح إدريس مرون، أن الاستعمار خلف إثنيات متعددة، ومجتمعات هشة، وترحيل ونهب للثروات الطبيعية الإفريقية وغيرها، مردفا أن “الأخطر من كل هذا أن الاستقلال كان غير مكتملا، وأنه اشترط الاستمرار في استغلال الثروات.

وترتب عن هذا الوضع، وفق تقرير الندوتين التي توصلت جريدة العمق بنسخة منه، “بزوغ حكومات في خدمة المستعمر غير ديمقراطية متشبثة بالسلطة، دفعها ذلك إلى تزوير الانتخابات من أجل البقاء في السلطة، وتبني سياسات بعيدة عن الديمقراطية والشفافية ولا تعترف بالتعددية، سواء السياسية أو الإثنية”.

إفريقيا والفرص الضائعة

وفي مداخلة ألقاها الدكتور محمد نشطاوي، وهو أستاذ الجامعي ورئيس مركز تكامل للدراسات محمد نشطاوي، في موضوع “الأمن الغذائي في إفريقيا، تحالف الطبيعة والفرص الضائعة”، قال إن القارة من أغنى القارات في العالم، لكنها في الواقع أفقرها وأكثرها تخلفا”.

ومن مظاهر هذا التخلف، وفق نشطاوي هو “غياب الأمن الغذائي”، موضحا أن الأفارقة ضيعوا فرص الأمن الغذائي بأنفسهم، إذ أن أزيد من 146 مليون يعانون من سوء التغذية.

وقال نشطاوي إن إفريقيا قارة شابة، وتتوفر على أكثر من 630 مليون هكتار قابلة للزراعة، كما تتوفر على 4050 مليار مكعب من المياه الجوفية، أي ما نسبته 90% من المياه الجوفية العالمية، لكنها لا تستثمر كل تلك المقدرات لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، حيث أن القارة لا تنتج سوى 10% من الإنتاج العالمي.

ويعود هذا النقص المهول في مردوديتها الفلاحية، يضيف المتحدث، إلى الظروف المناخية وإلى سلاسل الإنتاج وسلاسل القيمة التي لا تتحكم فيها القارة الإفريقية.

على الشعوب تحديد مواقعها

بديعة الراضي، رئيسة رابطة كاتبات إفريقيا، بدوها ذهبت إلى القول بأن إفريقيا اليوم ليست إفريقيا الأمس، ورغم وجود قطيعة؛ إلا أنها تضمر استمرارية في المرمى والأهداف، ومن ثمة، فرغم خروج المستعمر من الأراضي الإفريقية ومنحها دولها سيادتها، فإن المستعمر لا زال قائما بمخططاته الاستعمارية، من خلال شركاته العابرة للقارات، وقواعده العسكرية ومصالحه الاقتصادية والسياسية.

ودعت الراضي الشعوب الإفريقية إلى أن تحدد موقعها في الانطلاق نحو تحليل واقعها وتشريحه، والعمل على خلق خرائط عملية، لمواجهة التحديات التي تعيق تقدم القارة، والتصدي للاستهدافات التي تتعرض لها من طرف القوى العظمى.

بدورها قالت رئيسة رابطة كاتبات إفريقيا بأنكولا، مريا سانطوس، إن غياب جسور التعاون بين الدول الإفريقية، سيُبقي إفريقيا ستبقى تعيش على إيقاع استنزاف ممنهج لثرواتها ومقدراتها، وأيضا رأسمالها البشري.

وأضافت ماريا سانطوي أن الوقت قد حان من أجل أن ننظر من حولنا ولنتفهم بعضنا البعض، حتى نحيا جميعا على النزاهة وعلى المصداقية في العيش المشترك كأفارقة، ووضع حد لهجرة الشباب اليائس بسبب إرث مليء بالإخفاقات والانتكاسات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن مؤسسات فشلت في أداء واجبها وتحقيق أهدافها التنموية.

ميثاق الهجرة خطير على إفريقيا

قال الأستاذ المحاضر في الاقتصاد والباحث في مجال الهجرة، عبد الكريم بلكندوز، إن الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي، الذي تمت صياغته في خريف 2020 يتضمن أهدافا خطيرة ضد مصالح القارة الإفريقية، مبنية على الهجرة المختارة.

وأوضح بلكندوز أن الميثاق سيستنزف مقدرات القارة السمراء من الرأسمال البشري، وأنه يسعى بالدرجة الأولى إلى معالجة ما تعانيه الدول الأوروبية المتواجدة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، من تدفقات الهجرة وتداعيات اللجوء، مشيرا إلى أن السياسات الأوروبية رغم ارتباطها بتوجهات التيار الذي يتسلم السلطة، مثل اليمين المتطرف، فإنها تبقى لها نفس الأهداف الكبرى.

وتأسف المتحدث على كون المغرب أصبح يلعب دورا في معالجة الهجرة وفق المنظور الأوروبي، من خلال مؤسسة وكالة إنعاش الشغل، التي أصبحت وكالة لتصدير الكفاءات والطاقات البشرية.
وذهب إلى القول إلى أن هناك من يعتبر بأن ميثاق الهجرة واللجوء الأوروبي غير ملزم، “لكن يبدو أن الأوروبيين يوظفون كل المحفزات اللازمة لتنفيذ استراتيجيتهم المعلن عنها في توصيات الميثاق، بغرض استنزاف المواهب والطاقات البشرية الإفريقية”، وفق تعبيره.

توصيات الندوتين

صدر على ضوء مختلف المداخلات التي أثرت الندوتين توصيات تؤكد على ضرورة معالجة الاختلالات المؤسساتية التي تتخبط فيها، وتطوير سبل التعاون وبناء جسور الثقة بين دول إفريقيا، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وتجاوز الخلافات البينية، عبر الحوار والمفاوضات، بما يخدم مصالح شعوبها.

ودعت الندوتين أيضا إلى وضع مخططات تنموية استراتيجية مندمجة ومتكاملة بين الدول الإفريقية، على نحو يوفر فرص التنمية والازدهار، وخاصة في مجال الطاقة والفلاحة، وتطوير مناهج التعلم من خلال تظافر جهودها فيما بينها، وفق ما تمليه حاجياتها وتطلعاتها، من أجل مواجهة التحديات والإشكالات التي تعترض تنميتها وازدهارها.

كما طالبت المؤسسات المالية الدولية، إلى تخفيف أعباء المديونية على القارة الإفريقية، باعتبارها أحد أهم العوامل المسببة لفشل برامج التنمية بالقارة، مما يتسبب في النزاعات وفي تفاقم ظاهرة الهجرة والنزوح واللجوء.

واتفق المتدخلون على ضرورة رفض الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء الحالي، الذي صيغ لتحقيق أهداف الدول الأوروبية على حساب الرأسمال البشري الإفريقي، بالرغم من كون توصياته غير ملزمة للدول، إلا أنه يبدو أن بعض الدول جسدت أهداف الميثاق من خلال سياساتها المتعلقة بالهجرة واللجوء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبدو
    منذ 6 أشهر

    تغطية غير موفقة . لماذا تم اقصاء المداخلات الاخرى والتعليق عليها ، وكان منكم على الاقل دكر اسماء المحاضرين الاخرين..