خارج الحدود، مجتمع

“إعلام ما بعد الحقيقة”.. مركز بحثي: تغطية الغرب لحرب غزة أحادية الاتجاه وشديدة التحيز

اعتبر المركز العربي لدراسة الأبحاث وتحليل السياسات، أن الملامح الأساسية لتغطية وسائل الإعلام الغربية للحرب على غزة، وتحديدا الأميركية والبريطانية منها، تكشف أنها تغطية “أحادية الاتجاه، وشديدة التحيّز إلى الرواية الإسرائيلية، واقعة في فخ الأخبار الزائفة والتضليل.

جاء ذلك في دراسة صادرة عن المركز، قدم خلالها الباحث باسم الطويسي قراءة أولية لتغطية الإعلام الغربي لحرب إسرائيل على غزة في الأسابيع الثلاثة الأولى، خلصت إلى أن هذا الإعلام يقدم سلوكا إعلاميا جديدا يضعه فيما أسماه “إعلام عصر ما بعد الحقيقة”.

وسجل أن وسائل إعلام رئيسية غربية كـ “سي إن إن” الأمريكية و “بي بي سي” الإنجليزية تجاوزت التغطية الإعلامية في فيها معايير أساسية في الصحافة الإخبارية، مثل التحقق، ووقعت في فخ الأخبار الزائفة والتضليل، وفي فوضى تعريف الأحداث”

رواية ناتنياهو

وأوضحت الدراسة أن وسائل الإعلام الغربية الرئيسة عهدت إلى التحيّز العميق إلى الرواية الإسرائيلية، وصل إلى حدّ تبنّي وسائل إعلام رئيسة هذه الرواية، والتأطير الإعلامي لطرفي الصراع، وإعادة إنتاج الأطر التقليدية، وإنتاج أطر جديدة، مسجلة غياب التوازن الفعلي.

وقالت إن وسائل إعلام غربية رئيسة “Mainstream Media” في فخ التوجيه السياسي منذ اللحظة الأولى لبناء الرواية الإخبارية، إذ تبنّت الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الغربية الرواية الإسرائيلية التي قدمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وردّدها مسؤولون غربيون من دون أدنى تفعيل لقواعد التحقق الإخباري.

وسجلت الدراسة عدم وجود صوت الطرف الآخر أو الحد الأدنى من تمثيله، وتحديدًا في الأيام الأولى، وتصوير الصراع خارج سياق حقائق التاريخ والاحتلال؛ ما جعل تلك الوسائل تتحول فجأة إلى منصات دعائية للآلة العسكرية الإسرائيلية.

هذه السلوكات شملت وسائل الإعلام التي طالما وصفت بأنها أكثر ليبرالية، فضلًا عن تلك المحافظة:  كما تجاوزت الظاهرة، حسب الدراسة، ما بات يُعرف بـ “الصحافة المدمجة بالجيش” “Embedded Journalism”، مثلما حدث في حربي أفغانستان والعراق وهي ممارسة يكون فيها الصحافيون تحت سيطرة الجيش خلال نزاع مسلح، حيث “بثّت شبكات إخبارية كبرى سلسلة تقارير يروي فيها الجنود والضباط الإسرائيليون وحدهم تفاصيل ما حدث”.

تغطية المعمداني

بدأت المواقف السياسية تشهد بعض التغيير المحدود في منتصف الأسبوع الثاني من الحرب، وأخذت وسائل الإعلام الغربية تفتح مجالاً محدوداً لروايات أخرى غير إسرائيلية، وتحديدًا بعد القصف الجوي للمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) مساء يوم 17 تشرين الأول/ أكتوبر، الذي راح ضحيته 471 فلسطينيًا. وبدأت تظهر أصوات تلفت الانتباه إلى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة. والمفارقة

بخصوص القصف الجوي لمستشفى المعمداني، رصدت الدراسة تبني وسائل رئيسة مقولة الدعاية العسكرية الإسرائيلية، التي تحدثت عن هجوم وأكاذيب تمارسها حماس، وتصور أن الأخيرة تملك آلة إعلامية قوية تتلاعب بالرأي العام العالمي وجاء ذلك في محاولة مبكرة لنفي جريمة قصف المستشفى المعمداني، وتحميل المسؤولية للمقاومة الفلسطينية.

ونقلت وسائل الإعلام الغربية تأكيد الجيش الإسرائيلي أن الانفجار كان نتيجة إطلاق صاروخي فاشل من حركة الجهاد الإسلامي، وبعد تبيني الإدارة الأميركية الرواية الإسرائيلية في اليوم الثاني، رددتها وسائل الإعلام الأميركية أيضًا من دون أي دليل واقعي، حيث عدلت صحف نيويورك تايمز والغارديان والتايمز تقاريرها الإخبارية بعد ظهور البيان العسكري الإسرائيلي مباشرة.

في السياق ذاته، أوضحت الدراسة ضمن ما أسمتها المفارقات، أن هيئة الإذاعة البريطانية وصحيفة التايمز اعتذرتا مباشرة بعد البيان العسكري الإسرائيلي بخصوص مجزرة مستشفى المعمداني، عن تغطيتهما المبكرة اللتين اعتمدتا فيها على مصادر الدفاع المدني الفلسطيني، لتعتمدا لاحقًا على الرواية الإسرائيلية من دون أي تحقق من صدقيتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *