مجتمع

باحث تربوي يعدد أسباب رفض النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية

لا تزال ردود الأفعال بخصوص النظام الأساسي للنظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية مستمرة والتي تؤكد معظمها على ضرورة سحبه او على الأقل إجراء تعديلات جوهرية تجيب عن مطالب رجال ونساء التعليم الذين يخوضون إضرابات وطنية للأسبوع الرباع على التوالي.

وفي هذا السياق، أشار المفتش التربوي والباحث في قضايا التربية والتعليم، مصطفى شكري، إلى وجود سبعة أسباب يقول إنها كافية لرفض النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية.

وفي حديثه عن هذه الأسباب، أشار شكري في منشور له على حسابه بالفيسبوك، إلى أن مرتكزات النظام الأساسي  مفروضة ممنوحة متحكم فيها لكونها صنعت بالمنهجية ذاتها التي أعدت بها مختلف إصلاحات التعليم الفاشلة بالمغرب؛ كأحكام القانون الإطار وكتوجهات النموذج التنموي الجديد، وكذا التزامات خارطة الطريق التي تمثل “برنامجا استعجاليا جديدا” لتسريع تنزيل “الرؤية” المتعثرة، والتهام المال العمومي من خلال برامج مستوردة. وكأهداف البرنامج الحكومي الذي تتبدد وعوده يوما بعد يوم في تدعيم “الدولة الاجتماعية” وتتحطم بفعل سياسات تزيد المواطن غرقا في بؤر الفقر والهشاشة والتخلف التنموي.

وأشار أيضا إلى رؤية النظام الجديد في مقاربة سياقات التنزيل “غير صادقة ولا نسقية”؛ إذ في الوقت الذي يتم فيه التركيز على سياق الوضعية “المقلقة” للقطاع، يتم السكوت عن سياق عام ومتردد عنوانه البارز “الفشل” في “إصلاحات” المنظومة التربوية، و”الفشل” في مبادرات التنمية البشرية، و”الفشل” في احتواء تصاعد مظاهر الاحتقان والاحتجاج في المجال التعليمي خصوصا والاجتماعي عموما.

ولفت المفتش التربوي إلى إخفاء وتغييب سياق أعم وأشمل هو المضي في تنفيذ الالتزامات الدولية للمغرب، والاستجابة النجيبة لإملاءات المؤسسات العالمية المانحة، ومن هنا نفهم الصمت المريب عن ذكر “الميثاق الوطني للتربية والتكوين” في المرجعيات المؤطرة لهذا النظام الأساسي الذي تحتوي مضامينه بذور مختلف ما يتم إقراره على مستوى تدبير الموارد البشرية، وفق تعبيره.

أما السبب الثالث، فيتمثل في نظرته التقنوية التجزيئية؛ حين يراهن واضعو هذا النظام ذوو الخلفية التقنية مشربا وتكوينا على النظرة الضيقة التي ترهن واقع التعليم والتربية بالمغرب بإجراءات تدبيرية، لا تسائل من منظور تقييمي علمي مسار النهج الإصلاحي للتعليم منذ عهود، ولا تعي التركيبة المعقدة لـ”بنيوية” الأزمة في المنظومة.

ويرتبط السبب الرابع، بحسب المتخصص في الشأن التربوي، بمنهجيته “غير التشاورية ولا الإشراكية”؛ فالسرية لزمت مسار الإعداد، وذاعت الإشاعات والتسريبات، وكثر اللغط حول البنود والمضامين، وتعددت الرؤى حول المستجدات والمكتسبات، بل لقد قيل إن الانقلاب وقع حتى على النقابات التي أشركت، وكما غابت الديموقراطية في الإعداد غابت في التمرير القانوني بتغييب النقاش المجتمعي، من كان حجم الرفض من طرف الشغيلة التعليمية قويا والاتحاد حول النضال لإسقاطه متناميا.

وقال أيضا إن من بين الأسباب مخرجاته “غير المنصفة وغير العادلة”؛ إذ به سيتم تحطيم ما تبقى من الوضع الاعتباري لرجل التعليم، وتأبيد نهج التحكم في القطاع، من خلال فرض التعاقد والتوظيف الجهوي، وتقييد الولوج لوظيفة التعليم، وتعويم المهام والخلط فيها، وترسيم مهام جديدة من دون تعويض مادي، ورهن الحرية في التنقل بدعوى الاستقرار البيداغوجي، والتهديد في الممارسة المهنية عبر سلسلة العقوبات، وتنزيل برامج تمييزية، وفرض نظام للتقييم والترقي في ظل شروط عمل مجحفة، وغير ذلك من الإجراءات التي تهدد الاستقرار النفسي والاجتماعي للفاعل البشري في مجال حيوي كالتعليم.

وذكر الباحث التربوي ذاته السبب السادس الذي قال إنه يتمثل في مقاربته الإصلاحية غير تربوية؛ لأنها تصدر عن منظور تسليعي للعملية التعليمية التربوية لما يحول النظام الأساسي الفاعلين في القطاع إلى مجرد “موارد بشرية”، ولما يوظف مفاهيم ولغة ذات حمولات مقاولاتية، ولما يتحدث عن تحسين مردودية المدرسة، وجودة الممارسة المهنية، والتحفيز المهني وكلها مقولات تجعل المدرسة كالمعمل، والمعلم كالعامل، والتلميذ كالزبون، والتعليم كالبضاعة. والحال أن التعامل مع الكائن البشري لا يمكن أن يشبه التعامل مع المواد والبضائع التجارية، والحديث عن تثمين الاستحقاق وتحفيز المبادرات الجيدة لا يصح في ظل غياب بنية مادية وبشرية ملائمة متكاملة الأركان تهيء الشرط الموضوعي لممارسة تربوية وتعليمية سليمة.

أما السبب السابع، بحسب شكري، فيكمن في الموارد المالية التي خصصت لهذا النظام والتي وصفها بـ” الشحيحة”، مشيرا إلى أنه “في الوقت الذي نلحظ مسارعة هيئات وظيفية أخرى لتحقيق مكاسب مادية مهمة جدا، نجد الشح والبخل والتقتير سمات تلزم الإنفاق على مجال التربية والتعليم.

وهكذا، يضيف المصدر، إذا كان النموذج التنموي الجديد قد وعد بتعبئة مبلغ مالي قيمته 15.5 مليار درهم سنويا، منها (12 مليار / سنة، بما يمثل 1% من الناتج المحلي الإجمالي) للنظام الأساسي، نجد أن التمويل المادي المرصود الذي تتحدث عنه الوزارة قد حدد التكلفة المالية لتنزيل مقتضيات النظام الأساسي الجديد خلال الأربع سنوات المقبلة ما بين سنة 2024 وسنة 2027 في 9 ملايير درهم. بمعدل سنوي يصل حوالي 2,5 مليار درهم. وهو ما يطرح السؤال التالي: أين تذهب أموال القطاع؟ سواء تلك الموعودة أو المحصلة من الدعم الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *