سياسة، مجتمع

وسط اتهامات بـ”التواطؤ والتستر”.. وضع مبهم للمحطة الطرقية بآسفي والجماعة لا تستفيد من رسومها

طفت مؤخرا على السطح دعوات لفتح تحقيق حول اختلالات محتملة في تدبير المحطة الطرقية للمسافرين بآسفي، ووجهت أصابع الاتهام لأعضاء داخل المجلس الجماعي و”تواطئهم” مع هذا الوضع بمقابل مادي لـ”التستر على الخروقات والوضعية الغير قانونية للمحطة”.

آخر هذه الدعوات، طلب وُجه لعامل إقليم آسفي تقدمت به المنظمة المغربية للحقوق والحريات، من أجل التدخل لرفع “التعتيم والضبابية” في تدبير مرفق المحطة الطرقية بآسفي، وترتيب الجزاءات حفظا للأموال العمومية من الهدر والتبديد.

وقالت المنظمة إن وضع المحطة الطرقية “لا يتوفر فيه ما يفيد بدفع أي رسوم للجماعة باستغلال وتدبير مرفق المحطة الطرقية للمسافرين بآسفي، علما أن ملكية الأرض والبناية تعود للجماعة”، مشيرة إلى أن ما يقع “يجعل الشكوك تحوم حول نزعة تآمرية لإبقاء الحالة على ما هي عليه”.

وفي الوقت الذي لم يتفاعل رئيس المجلس الجماعي لآسفي مع اتصالات الجريدة، لأخذ رأيه الموضوع، ذهب أكثر من مصدر، بينهم عضو بالمجلس الجماعي لآسفي، في حديثه لجريدة “العمق”، إلى تأكيد “الوضع المبهم” للمحطة الطرقية لآسفي، وأن الجماعة لا تستفيد من رسومها كمرفق عمومي، وأن الموضوع دائم الجدل في دورات المجلس.

جرائم مالية وغدر

الهيئة الحقوقية المذكورة قالت في طلب التدخل الموجه لعامل آسفي إن تدبير المحطة الطرقية يشهد “جريمة” اختلاس أموال عمومية لأن المبالغ المتحصلة من منتوج المحطة لا تعرف طريقها إلى خزينة الدولة حتى يتسنى مراقبة المداخيل والنفقات، وأنه يتم صرف هذه المبالغ التي تجاوزت الملايير منذ سنة 2001 تقريبا دون التوفر على وسائط محاسباتية بالمبالغ المحصلة والمصروفة.

كما أن هناك “جريمة” تبديد أموال عمومية لـ”تنازل إدارة المحطة عن مستحقات مالية في ملف قضائي بحكم نهائي بما لا يحق لها التنازل عنه متصرفة في هذه الأموال تصرف المالك لها”.

وأيضا، يضيف المصدر “جريمة” الامتناع، “ما دام الإحجام عن المطالبة بهذه الأموال من طرف جماعة آسفي يعد تعطيلا لاستخلاصها حتى يطالها التقادم، كما أن تخاذل المصالح الجبائية الجماعية عن التصدي لهذه التجاوزات يعتد به شرعنة لها.

وأضافت أن هناك أيضا “جريمة” الغدر لقيام إدارة المحطة الطرقية للمسافرين بآسفي باستخلاص مبالغ مالية مستحقة للغير المصالح الجماعية دون توفرها على قرار جبائي أو سند قانوني يجعلها متورطة في المنسوب إليها.

وضع مبهم منذ 2005

في 2005، بعد اجتماع عقد في مقر ولاية جهة دكالة-عبدة (تقسيم ترابي قديم)، تم تعيين أعضاء لجنة التتبع في انتظار اتخاذ قرار بشأن التدبير المفوض للمرفق، إلا أنه في ظل غياب أجهزة تقريرية ورقابية أفضى هذا الأمر إلى مركزة عدة صلاحيات واسعة في يد مدير المحطة.

وفي ذلك الوقت، قامت إدارة المحطة الطرقية للمسافرين بآسفي بإجراء توظيفات بهذا المرفق مع غياب دليل لتوصيف الوظائف والمهام التي تتحدد معها الاختصاصات والصلاحيات مع غياب عقود عمل بين إدارة المحطة الطرقية والمستخدمين والذين غالبيتهم يتسم انتسابهم المهني بالشبحية الوظيفية وغير معلوم عددهم والأجر الذي يتقاضاه كل منهم.

وفي الشق المالي، تتوفر محطة آسفي للمسافرين على مجموعة من المرافق ذات صبغة تجارية وخدماتية تعود عليها بمستحقات مالية، من كراء المستغلين لها، “دون أن تعرف قيمتها أو مآلها”، وفق الرسالة التي حصلت عليها “العمق”.

مستشارون ينتفضون

أثار موضوع الاختلالات المحتملة التي تعرفها محطة الحافلات، حفيظة عدد من مستشاري المجلس الجماعي لآسفي، مطالبين بفتح تحقيق في الموضوع، خاصة بعد تصريح اتهام أحد نواب المجلس الجماعي لآسفي، أعضاء معه بـ”تلقي أموالا بصفة دورية نظير سكوتهم عن الفساد داخل هذا المرفق”.

وفي آخر دورة للمجلس الجماعي لآسفي، يوم 15 نونبر 2023، ناقش أعضاء المجلس أسباب انحدار رسوم المحطة للجماعة إلى 500 درهم حسب محضر الدورة المتعلق بميزانية الجماعة، ونال قبول 22 عضوا بينهم الرئيس، فيما صوت بالرفض على الميزانية 19 عضوا.

عرقلة عمل اللجنة

اتهمت المنظمة المغربية للحقوق والحريات ناقوس الخطر بشأن تدبير هذا الملف رغم الإحداث الأخير للجنة خاصة في هذا الشأن والتي لازالت لم تتلق أي ضوء أخضر من رئيس الجماعة لأجل مباشرة عملها.

واعتبرت ذلك “تكريسا لمنطق غض الطرف وترك الأمور على حالها، سيما أنه صدرت مجموعة من الأحكام في مواجهة المحطة الطرقية للمسافرين بآسفي ذات قيمة قطعية بعدما أصبحت نهائية لكنها لم تجد طريقها الى التنفيذ منذ سنة 2008”.

وعن مسؤولية جماعة آسفي في الموضوع، فإن المحطات الطرقية للمسافرين إحدى المرافق العمومية المحلية التي أوكل المشرع إحداثها وتدبيرها للجماعات المحلية بمقتضى القانون التنظيمي عدد 14-113.

وتشكل المحطات الطرقية للمسافرين بالمغرب حلقة وصل أساسية في نظام النقل العمومي بين المدن والأقاليم بالمملكة ، إلى جانب تقديم خدمات على مستوى المرافق المبثوثة بها كالمحلات التجارية والمقاهي و مستودعات البضائع مما يساهم في توفير فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، تجعل منها عنصرا استراتيجيا في التنمية المحلية لا على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *