مجتمع

دراسة تنبه لخطورة إغفال العنف الرقمي وارتفاع ضحايا الاغتصاب الزوجي

كشفت إحصائيات ضمن دراسة حول القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء أجرتها جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، أن 74 في المائة من النساء المعنفات هن ضحايا الاغتصاب الزوجي.

وقالت مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة بشرى عبدو في توضيح للدراسة ضمن ندوة عقدت صباح اليوم الثلاثاء بالبيضاء، أن “النساء المعنفات كسرن جدار الصمت ووصمة العيب وحشومة وتحدثن صراحة عن العنف الجنسي الممارس عليهن من طرف الزوج”.

كما نبهت الدراسة إلى خطورة إغفال العنف الرقمي في القانون المذكور وارتفاع عدد ضحاياه من النساء تتراوح أعمارهن ما بين 18 إلى 28 سنة جلهن عازبات، لأن هذه الفئة هي الأكثر استعمالات لمنصات التواصل الاجتماعي.

وقالت عبدو، إنه عند الحديث عن العنف الرقمي، فإننا أمام ضحايا وليس ناجيات من العنف، لأن العنف الرقمي عكس باقي أنواع العنف الممارس ضد النساء، لأنه مستمر في الزمان والمكان، وتظل دائما المعنفة رقميا ضحية ترفض التبليغ عن المُعنف رقميا خوفا من الفضيحة والطرد من بيت الأسرة ورفض المجتمع.

إغفال العنف الرقمي

أشارت الدراسة إلى أن القانون 103.13 للعنف ضد النساء تطرق للعنف بمختلف صوره الجسدي والاقتصادي والنفسي والجنسي، إلا أنه أغفل تعريف العنف الرقمي، ورغم تزايد حالات تعرض النساء والفتيات إلى العنف الرقمي، إلا أنهن قد يحجمن في العديد من الأحيان على التبليغ خوفا من إمكانية تجريمهن.

ويلاحظ أن الإطار القانوني المنظم للعنف الرقمي يبقى موزعا بين عدة نصوص، وتعديلات متفرقة على فصول القانون الجنائي أو قوانين جنائية خاصة، ويتم إخضاع طريقة إجراءات البحث والتحقيق والمحاكمة فيه للقواعد العامة، دون استحضار خصوصية هذا العنف، وآثاره على نفسية الناجية منه، وعلى استقرارها النفسي والاجتماعي.

وتطرقت الدراسة إلى أن الناجيات من العنف يواجهن تحديات إجرائية في الوصول إلى المحاكم، “مثل عدم وضوح النصوص القانونية، وعدم سهولة الحصول على المساعدة القضائية وبالأخص الحق في الدفاع، واشكالية عبء الاثبات، فضلا عن زمن وكلفة التقاضي، وهو ما يجعل عددا منهن يحجمن عن تتبع قضاياهن أمام المحاكم، أو ممارسة الطعون بالاستئناف أو بالنقض”.

وذكرت الدراسة أن “معاناة النساء والفتيات من العنف الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي لا تتوقف وانما يواجهن أيضا عنفا قانونيا تعتبر مدونة الأسرة مجالا خصبا لممارسته، نتيجة مظاهر التمييز بين الجنسين، خاصة في قضايا النيابة القانونية، كما أن الثغرات الواردة في القانون 103.13 تسهم في تأزيم المركز القانوني للمرأة والفتاة، وهو ما يبدو في قضايا النسب وتزويج الطفلات والنفقة والطلاق والتطليق.

أثار العنف على الناجيات

رصدت الدراسة أرقاما مختلفة لضحايا العنف الجنسي بمختلف أنواعه، حيث بلغ عدد المتحرش بهن جنسيا 117 حالة، وفق أرقام الجمعية، و202 حالة ضحية الاستغلال الجنسي و18 ضحية التحريض على الفساد، و212 ضحية للاغتصاب الزوجي، و247 زوجة ضحية الاغتصاب الزوجي أجبرن على وضعيات جنسية مرفوضة.

وتطرقت الدراسة إلى أثار العنف على الناجيات اللواتي بلغ عددهن 2659 ناجية من العنف بمختلف أشكاله استمعت إليهن الجمعية، تعرضن للعنف الاقتصادي والنفسي والجسدي والجنسي والرقمي، موضحة أن أثار العنف على الصحة النفسية هي النمط الأكثر شيوعا، حيث تعرضت له 89 في المائة من الناجيات.

ويأتي أثار العنف السوسيو اقتصادي في المرحلة الثانية بنسبة 78 في المائة “مما يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك الفقر والبطالة وصعوبة الحصول على الرعاية الصحية والتعليم.

كما رصدت الدراسة أن 48 في المائة من آثار العنف على الصحة الجسدية، بما في ذلك الإصابات والألم المزمن والمشكلات الصحية المزمنة، و45 في المائة نسبة تأثير العنف على صحة الأبناء”.

وبشكل عام، تقول الدراسة، إن “هذه النتائج تشير إلى أن العنف ضد المرأة له آثار مدمرة على العديد من جوانب حياة المرأة، ويبدو أن الآثار على الصحة النفسية هي الأكثر شيوعا، مما يشير إلى أن العنف اللفظي والإيذاء العاطفي قد يكون له تأثير عميق على الصحة العقلية والرفاهية للمرأة”.

وفي تحليلها لآثار العنف على الصحة النفسية، أشارت المعطيات إلى أن معدل 89 في المائة من تأثير العنف على الصحة النفسية، “يمكن أن يؤدي إلى مجموعة واسعة من المشاكل النفسية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق والاضطرابات المرتبطة بالصدمة”.

توصيات للسلطة التشريعية

خلصت الدراسة حول القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء أجرتها جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، إلى تسطير توصيات للسلطة التشريعية، أبرزها “تعديل قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، ليضمن الوقاية والحماية وجبر الضرر مع عدم الإفلات من العقاب “.

وأشارت إلى ضرورة تعريف العنف الرقمي الذي غفله القانون المذكور، وذلك بإضافة تعريف له في المادة 1 من القنون 103.13 باعتباره “كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة، يتم داخل الفضاء الرقمي، أيا كان مرتكبه”.

كذلك دعت الدراسة السلطة التشريعية إلى “توسيع نطاق خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف لتشمل أيضا قطاع الشغلـ وتعريف التحرش الجنسي وحذف شرط الامعان”.

وأكدت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة على مخرجات دراستها حول العنف الرقمي بالمغرب لسنة 2020، وأوصت بضرورة “تجميع النصوص المتفرقة المتعلقة بالعنف الرقمي ضد النساء والفتيات في قانون خاص، وهو قانون العنف الرقمي، والتنصيص على أجال طويلة لتقادم جرائم العنف الرقمي، استحضارا للعوامل التي تجعل بعض الضحايا يتأخرون في التبليغ عنه”.

ودعت الجمعية في دراستها إلى “تجريم سرقة الحسابات الشخصية، واعتبار وجود علاقة زوجية أو صداقة أو خطبة أو سلطة أو تبعية بين الطرفين ظرفا مشددا في ارتكابها”، مع “التنصيص على مقتضيات تتعلق بالوقاية من العنف الرقمي وخاصة التزام المتدخلين في المجال الرقمي باتخاذ كافة التدابير الفعالة لحماية النساء من العنف الرقمي، واعتماد برامج للذكاء الاصطناعي تكافح التنمر الرقمي ضد النساء ونشر الصور النمطية للتمييز أو التحريض على ذلك”.

كما أوصت الدراسة بأهمية “التنصيص على مقتضيات إجرائية خاصة في طريقة البحث والتحقيق والمحاكمة في قضايا العنف الرقمي تستحضر خصوصية هذا النوع من العنف وآثاره النفسية على الناجيات منه من قبيل، التطبيق التلقائي أو بناء على طلب الضحية لقانون حماية الضحايا والشهود، بعدم الإشارة إلى اسم الضحية وحماية معطياتها الشخصية بعض الضحايا يتأخرن في التبليغ عنه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *