اقتصاد، سياسة

المجلس الاقتصادي: ارتفاع أسعار المواد الغذائية يؤدي لاتساع الفوارق الاجتماعية

اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن المنحى التصاعدي لأسعار المواد الغذائية، والتضخم المستمر ومتعدد الأسباب، يمارس ضغطًا على القدرة الشرائية، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود والطبقة الوسطى، ويؤدي إلى اتساع الفوارق الاجتماعية.

وأوصى المجلس في هذا الصدد، بتعزيز عمليات مراقبة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة، مع تطبيق عقوبات رادعة بما يكفي، والإسراع بإصلاح أسواق الجملة، فضلاً عن دعم المدخلات الفلاحية.

جاء ذلك في نقاط اليقظة التي أصدرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ضمن تقريره السنوي الثاني عشر، حول استمرار التضخم في أسعار المواد الغذائية، وضعف معدل نشاط المرأة، ونجاعة الاستثمار، والنقص في الأطر الطبية.

وأوضح المجلس أنه منذ‭ ‬الفصل‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ،‬2021‭ ‬شهد‭ ‬المغرب‭ ‬ارتفاعاً‭ ‬مستمرا‭ ‬في‭ ‬الأثمان‭ ‬عند‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬مع‭ ‬تسجيل‭ ‬معدلات‭ ‬تضخم‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬قصوى‭ ‬تجاوزت‭ ‬10%‭ ‬في‭ ‬فبراير 2022، ‬بعدما‭ ‬سجلت‭ ‬نسبة‭ ‬متوسطة‭ ‬بلغت ‬6‭.‬6‬% سنة 2022.

وأشار المجلس إلى أن‭ ‬هذا‭ ‬المنحى‭ ‬التصاعدي‭ ‬لارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أسعار‭ ‬المنتجات‭ ‬الغذائية،‭ ‬يؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬أقوى‭ ‬على‭ ‬الأسر‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود،‭ ‬نظرا‭ ‬لكون‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات‭ ‬تحتل‭ ‬مكانة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬سلة‭ ‬استهلاكها‭.‬

وبحسب المصدر ذاته، فإن‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى تجد نفسها‭ ‬أكثر‭ ‬تأثرا‭ ‬بالتضخم،‭ ‬نظرا‭ ‬لافتقارها‭ ‬لما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬القدرة‭ ‬المالية‭ ‬وهامش‭ ‬المناورة‭ ‬لمواجهة‭ ‬صدمات‭ ‬تضخمية‭ ‬مهمة‭.‬

‬وعزى المجلس‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬لجوء الطبقة الوسطى، ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الأحيان،‭ ‬إلى‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية،‭ ‬كالتعليم‭ ‬والصحة،‭ ‬التي‭ ‬يوفرها‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بأسعار‭ ‬أعلى،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬خدمات‭ ‬عمومية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬جودتها‭ ‬دون‭ ‬الحاجيات‭ ‬والتطلعات‭.‬

ويرى المجلس أن ‬هذا‭ ‬التضخم يعزى أساسا‭ ‬إلى‭ ‬عوامل‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالعرض‭ ‬وكلفة‭ ‬الإنتاج‭ ‬بالنسبة‭ ‬لبعض‭ ‬القطاعات،‭ ‬لكنه‭ ‬يتأثر‭ ‬أيضا‭ ‬بممارسات‭ ‬محتملة‭ ‬منافية‭ ‬لقواعد‭ ‬المنافسة‭ ‬وكذا‭ ‬لاختلالات‭ ‬في‭ ‬مسارات‭ ‬التسويق.

كما لفت إلى عدم‭ ‬إغفال‭ ‬احتمال‭ ‬ظهور‭ ‬وتطور‭ ‬ممارسات‭ ‬لبعض‭ ‬المنتجين‭ ‬تتعلق‭ ‬بهامش‭ ‬الربح،‭ ‬فيما‭ ‬يعرف‭ ‬بظاهرة‭ ‬الجشع‭ ‬التضخمي.

وفي هذا الصدد، اقترح‭ ‬المجلس،‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬التشخيص‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬وجلسات‭ ‬الإنصات‭ ‬والاستشارة‭ ‬المواطنة‭ ‬التي‭ ‬نظمها،‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التدابير‭ ‬الإضافية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‭ ‬لتعزيز‭ ‬التدابير‭ ‬التي‭ ‬جرى‭ ‬اتخاذها‭.

ومن هذه التوصيات، تعزيز‭ ‬عمليات‭ ‬مراقبة‭ ‬الممارسات‭ ‬المنافية‭ ‬لقواعد‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬تطبيق‭ ‬عقوبات‭ ‬رادعة‭ ‬بما‭ ‬يكفي،‭ ‬واعتماد‭ ‬تدابير‭ ‬كفيلة‭ ‬بالتقليص‭ ‬من‭ ‬مراكمة‭ ‬هوامش‭ ‬الربح‭ ‬المبالغ‭ ‬فيها.

وأوصى المجلس بالنظر‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬مؤقتة‭ ‬لتقنين‭ ‬أسعار‭ ‬بعض‭ ‬المنتجات‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬ارتفاعا‭ ‬مهما،‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬تكتسي‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬بوصفها‭ ‬مدخلات‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬باقي‭ ‬المنتجات،‭ ‬سيما‭ ‬وأن‭ ‬المادتين‭ ‬4‭ ‬و5‬ من‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬104‭.‬12‭ ‬المتعلق‭ ‬بحرية‭ ‬الأسعار‭ ‬والمنافسة‭ ‬تتيحان‭ ‬هذه‭ ‬الإمكانية.

وشدد على ضرورة التصدي‭ ‬للتضخم‭ ‬الذي‭ ‬يهم‭ ‬المنتجات‭ ‬الغذائية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬المدخلات‭ ‬الفلاحية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص (البذور،‭ ‬منتجات‭ ‬الصحة‭ ‬النباتية،‭ ‬علف‭ ‬الماشية).

واقترح المجلس الإسراع‭ ‬بإصلاح‭ ‬أسواق‭ ‬الجملة،‭ ‬عبر‭ ‬إرساء‭ ‬نظام‭ ‬تدبير‭ ‬مفتوح‭ ‬أمام‭ ‬المنافسة‭ ‬وجعل‭ ‬ولوج‭ ‬المهنيين‭ ‬إليه‭ ‬مشروطاً‭ ‬باحترام‭ ‬دفتر‭ ‬التحملات،‭ ‬مع‭ ‬تيسير‭ ‬الولوج‭ ‬اللوجيستيكي‭ ‬لصغار‭ ‬الفلاحين‭ ‬والتعاونيات‭ ‬لهذه‭ ‬الأسواق.

ودعا إلى العمل‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬المراسيم‭ ‬التطبيقية‭ ‬للقانون‭ ‬رقم‭ ‬37‭.‬21‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬يوليوز‭ ‬،2021‭ ‬والذي‭ ‬تسمح‭ ‬مقتضياته‭ ‬بتسويق‭ ‬المنتجات‭ ‬الفلاحية‭ ‬المنتجة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مشاريع‭ ‬التجميع‭ ‬الفلاحي‭ ‬مباشرة‭ ‬دون‭ ‬إلزامية‭ ‬المرور‭ ‬عبر‭ ‬أسواق‭ ‬الجملة.

وأوصى، أيضا، بالعمل‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬شفافية‭ ‬تامة‭ ‬للأسواق،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النشر‭ ‬الدائم‭ ‬للمعلومات‭ ‬حول‭ ‬الكميات‭ ‬المتداولة،‭ ‬والأسعار،‭ ‬وهوامش‭ ‬الربح،‭ ‬وذلك‭ ‬ارتكازا‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬معلوماتي‭ ‬خاص‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر؛

كما اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي منح‭ ‬مساعدات‭ ‬مباشرة‭ ‬للأسر‭ ‬المعوزة‭ ‬لتخفيف‭ ‬تأثير‭ ‬التضخم‭ ‬على‭ ‬قدرتها‭ ‬الشرائية.

ودعا لدراسة‭ ‬جدوى‭ ‬إجراء ‬تخفيض‭ ‬استثنائي‭ ‬لسعر‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة،‭ ‬يهم‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬المنتجات‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬يؤثر‭ ‬ارتفاعها‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬سلة‭ ‬استهلاك‭ ‬الأسر‭ ‬المعوزة‭ ‬والأسر‭ ‬المنتمية‭ ‬للشريحة‭ ‬الدنيا‭ ‬من‭ ‬الطبقة‭ ‬الوسطى‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *