اقتصاد

مجلس الحسابات يشخص ضعف الاستراتيجيات الجهوية لجذب الاستثمار

أناط القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، اختصاصات ذاتية لمجالس الجهات في مجال التنمية الاقتصادية تتعلق بدعم المقاولات وجذب الاستثمارات، بينما أكد القانون الإطار المتعلق بميثاق الاستثمار على دور الجهات في تحقيق الأهداف المتعلقة بتنمية وتشجيع الاستثمار في إطار الاختصاصات الموكولة إليها.

وتعتبر الجهات من أبرز الفاعلين في جذب وتنمية الاستثمار على المستوى الجهوي إلى جانب المصالح اللاممركزة للقطاعات الوزارية المختصة في هذا المجال، والمراكز الجهوية للاستثمار.

واتخذت بعض الجهات عدة تدابير لجذب الاستثمارات وتحسين مناخ الأعمال، سواء من خلال إبرام اتفاقيات شراكة لإحداث مناطق للأنشطة الاقتصادية بالجهة لتسهيل ولوج المستثمرين للعقار، وإحداث صناديق لدعم الاستثمار كما هو الشأن بالنسبة لجهات طنجة-تطوان-الحسيمة وفاس-مكناس والرباط-سلا-القنيطرة وبني ملال-خنيفرة وسوس-ماسة.

عدم توافق استراتيجيات جذب الاستثمار الجهوي

أشار تقرير موضوعي للمجلس الأعلى للحسابات حول “تفعيل الجهوية المتقدمة”، أنه “بالرغم من تعدد الإجراءات المتخذة من طرف الجهات لجذب وتنمية الاستثمار، فقد لوحظ أن هذه المبادرات لا تندرج ضمن استراتيجيات جهوية خاصة بجذب وتشجيع الاستثمارات بالجهة، تتلاءم خصوصياتها مع مراعاة الاستراتيجيات القطاعية في مجال الاستثمار، وذلك بهدف ضمان الالتقائية والتكامل في تدخلات مختلف الفاعلين على مستوى الجهة”.

وذكر التقرير في هذا السياق، جهة كلميم-واد نون، التي أدرجت في إطار برنامجها التنموي (المؤشر عليه سنة 2020) إعداد استراتيجية جهوية للتسويق الترابي لجذب الاستثمار، “غير أن هذه الاستراتيجية لاتزال في طور الإعداد”.

وفيما يخص الإطار التحفيزي المعتمد من طرف الجهات لدعم النسيج المقاولاتي واستقطاب المستثمرين، “بلغت، خلال الفترة 2019-2022، المساهمة المالية المخصصة من طرف الجهات لدعم المقاولات 298 مليون درهم”.

وفي هذا الصدد، ذكر تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أنه “لوحظ غياب إطار مرجعي متوافق بشأنه من طرف جميع المتدخلين على المستوى الجهوي يحدد أنظمة دعم الاستثمار الممنوح من طرف الجهات في إطار اختصاصها الذاتي المتعلق بدعم المقاولة، على غرار أنظمة الدعم التي تم وضعها من طرف الدولة والمحددة في ميثاق الاستثمار سالف الذكر”.

وشدد مجلس الحسابات، على أن “أهمية هذا الإطار تكمن في توضيح المعايير الممكن اعتمادها لدعم المقاولات والآليات اللازمة لتأطير هذا الاختصاص على مستوى الجهات. وقد نتج عن غيابه تباين في حجم الدعم والأنظمة المعتمدة من طرف الجهات للنهوض بالنسيج المقاولاتي خلال الفترة 2019-2022”.

ضعف دعم المقاولات

وأبرز تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن جهتي درعة تافيلالت، والعيون الساقية الحمراء “لم تقم بتفعيل اختصاصها الذاتي في مجال التنمية الاقتصادية المتعلق بدعم المقاولات. كما لم يتجاوز عدد المقاولات التي استفادت من الدعم مقاولة واحدة في جهة الرباط سلا القنيطرة، في حين بلغ عدد المقاولات المدعومة في جهة طنجة تطوان الحسيمة، ما يناهز 300 مقاولة صغرى”.

ومن ناحية أخرى، يضيف التقرير ذاته، “اقتصر الدعم المقدم من طرف جهات طنجة-تطوان-الحسيمة في 20 مليون درهم، وفي جهة كلميم واد نون 3,48 مليون درهم، بينما لم يتجاوز في جهة الداخلة وادي الذهب22 مليون درهم، في إطار اختصاصها المتعلق بدعم المقاولات، على إنعاش الاقتصاد الاجتماعي من خلال دعم الأنشطة المدرة للدخل، ومشاريع التشغيل الذاتي، والمقاولات الصغيرة جدا، والتأهيل والتمكين الاقتصادي للنساء والفتيات في إطار شراكة مع القطاع الوزاري المكلف بالتضامن والتنمية الاجتماعية.

ولفت التقرير إلى أن جهة فاس-مكناس وجهة مراكش-أسفي، خصصتا دعمها بشكل حصري للمقاولات الكبرى من خلال دعم ثماني مقاولات بمبلغ إجمالي قدره 65 مليون درهم واعتمدت جهة واحدة وهي جهة بني ملال-خنيفرة آلية تحويل مساهمتها المالية في هذا المجال إلى المركز الجهوي للاستثمار في إطار تفعيل صندوق دعم الاستثمار وخلق فرص الشغل، باعتباره الشباك الوحيد لعرض الخدمات المقدمة لفائدة المستثمرين والمقاولات، وذلك في إطار القانون المتعلق بإصلاح مراكز الاستثمار (رقم 47.18).

وسجل التقرير أنه  “تم، في يونيو 2021، إصدار دورية مشتركة بين وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي (رقم 30/13)، حددت مجموعة من الآليات لتجويد ممارسة الجهة لاختصاصها المتعلق بدعم المقاولات، من أهمها وضع استراتيجية جهوية لدعم المقاولات وتفعيلها من خلال وضع برامج لدعم المقاولات بتنسيق مع الفاعلين المحليين من القطاعين العام والخاص، لاسيما المركز الجهوي للاستثمار، وإعداد دفاتر للتحملات تحدد فيها الفئات والقطاعات المستهدفة وطبيعة وأجال ومدة الدعم ومعايير الانتقاء وشروط الاستفادة من برامج الدعم،  وإحداث لجنة جهوية تناط بها دراسة ملفات طلبات الاستفادة من الدعم”.

وفي هذا الإطار، لوحظ وفق ما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن “جهة الشرق وجهة فاس-مكناس قامتا ابتداء من سنة 2021 بإعداد والمصادقة على دفاتر التحملات وإحداث لجان جهوية لدراسة طلبات الاستفادة من برامج الدعم، غير أنه إلى حدود شهر شتنبر 2023، لم يتم بعد تنزيل الآليات المنصوص عليها في الدورية من طرف الجهات، رغم أهميتها من أجل التفعيل السليم للاختصاصات الذاتية المتعلقة بدعم المقاولات وجذب الاستثمار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *