مجتمع

هل يصلح الدعم التربوي ما أفسده الإضراب ضد نظام بنموسى الأساسي؟

يبدو أن وزراة التربية الوطنية ماضية في تطبيق قرار الدعم الذي أعلنت عنه لفائدة تلاميذ المؤسسات التعليمية بمختلف الأسلاك، وذلك لاستدراك الزمن المدرسي الذي ضاع منهم بسبب الإضرابات التي دخلت أسبوعها السادس احتجاجا على النظام الأساسي الجديد.

وأعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، عن إطلاق البرنامج الوطني للدعم التربوي لفائدة التلميذات والتلاميذ بالمؤسسات التعليمية العمومية بجميع جهات المملكة، وذلك خلال فترة العطلة البينية الثانية الممتدة من 4 إلى 10 دجنبر 2023.

ويشمل هذا الدعم التربوي ست صيغ، هي الدعم الممول في إطار الساعات الإضافية، والدعم باعتماد مقاربة التدريس وفق المستوى المناسب “Tarl”، والدعم الممول من لدن الشركاء، والدعم الرقمي “عن بعد”، ثم الدعم في إطار البرامج المحلية، إلى جانب دعم يقوم به طلبة الإجازة في التربية، وفق بلاغ أصدرته الوزارة في هذا الشأن.

وأثار موضوع الدعم الذي أعلنت عنه الوزارة جدلا واسعا وسط المهتمين بالشأن التربوي، الذين شككوا في جدواه لان المتعليمن يحتاجون أولا إلى إرساء الموارد وتقويمها، ولأن مرحلة الدعم هي أصعب مرحلة تحتاج لخبرة في ميدان التربية والتعليم، وفق تعابيرهم.

واعتبر بعض النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي تنظيم حصص الدعم عبر آلية برنامج أوراش “جريمة تربوية”، لأن الدعم الدعم هو أصعب محطة في سيرورة التعلم، ولا يمكن أن يقوم به إلا الذي أشرف على بناء التعلمات، أو من تلقى تكوينا في بيداغوجيات الدعم، ويبني استراتيجياته وفق ما يمده به من أشرف على بناء التعلمات، على حد ما جاء في تدويناتهم.

الدعم لا يتقنه إلا الأستاذ الممارس

وفي هذا السياق قال الباحث التربوي، مصطفى شكري، إن الدعم عند العقلاء يلزمه تلقي التعلمات، فتقييم المكتسبات، فتحديد التعثرات، فبناء استراتيجيات اعتمادا على بيداغوجيات.

وأضاف الباحث في المركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات في تصريح لجريدة “العمق” أن هذا لا يمكن أن يتقنه إلا الأستاذ الممارس الذي تلقى تكوينا نظريا وتطبيقيا في الدعم التربوي تخطيطا وتنفيذا وتقويما.

وقال المصدر ذاته: “أما ما يتحدث عنه الآن من استباحة المؤسسات التعليمية فلا وصف يليق به إلا العبث، والقرار اللامسؤول الذي يجعل من التعليم وهو الحياة والمستقبل كـ”الموقف” للاسترزاق اليومي، ويكشف بوضوح الوضع الاعتباري الحقيقي لمجال التعليم عند المدبرين”.

وتابع بالقول: “وإلا لو أضرب غير المعلمين من أطباء وممرضين و فلاحين ومحامين، هل نفتح مهنهم لتكون نهبا لكل من أراد”، مضيفا: “نحن بصدد تضييع الوقت ليس إلا، والحل أن نحاور رجال التعليم ونحل مشاكلهم لا أن نرقع التعليم ونخيط ثقوبه بحبال الأوهام”، وفق تعبيره.

دعم استدراكي أو تعلم استدراكي
أما المفتش التربوي، محمد تكونسى، فقد أوضح أنه من الناحية التربوية، يصعب إيجاد تعريف محدد لما يسمى بالدعم الاستدراكي، مشيرا إلى أنه تلفيق لمصطلحين متداولين في الحقل التربوي، وهما الدعم التربوي، والتعلم الاستدراكي.
وقال في تصريح لجريدة “العمق” فإذا كان التعلم الاستدراكي، هو استدراك التعلمات التي فقدها المتعلم أو المتعلمون، في ظروف ما، مرض، وباء، حرب، كارثة وطنية، عبر التركيز على تخصيص حصة كبيرة من زمن التعلم على التعلمات الأساس، وذلك لتمكين هؤلاء من مواكبة التعلمات المقدمة في المستوى أو السلك بشكل عادي، فإن الدعم التربوي هو عملية تهم بالأساس التعلمات المفقودة، أو غير المرساة في إبانها، وهي عملية تابعة للتقويم بنوعيه، التفاعلي( وهو مجموع الملاحظات المسجلة على سير الدروس وأداء المتعلمين أثناء ارساء الموارد..) والأداتي، عبر اختبارات شفوية أو كتابية أو تطبيقية، ترتكز على الأهداف المدرسة ودرجة تحققها”.
وعليه، يضيف تكونسى، “تكون عملية الدعم في طبيعتها، فارقية، إذ إن درجة تحقق الأهداف، أو مستويات الصعوبة التي يواجهه لا يمكن أن تكون موحدة، مؤكدا على أن الدعم هو عملية تابعة أولا للتدريس، وثانيا للتقويم، مضيفا أن ابتداع مفهوم الدعم الاستدراكي، هو في الحقيقة تحريف لمفهوم الدعم بكل أنواعه، وهو نوع من التعلم الاستدراكي في أحسن الأحوال”.
واستطرد المتحدث قائلا: “التعلم الاستدراكي، يفترض من الأستاذ معرفة دقيقة بالمعرفة المراد تدريسها، وانتظامها في مسار التعلم والمتعلم أيضا، كما يقتضي معرفة ديدكتيكية دقيقة، تستحضر التعلمات السابقة التي تم إرساؤها، والتي تحتاجها التعلمات الجديدة، كما تستحضر الأهداف الوسيطية لهذه التعلمات، وامتداداتها داخل المكون والمادة الدراسية، في السنة والسلك الدراسي، فضلا عن امتداداتها العرضانية في المواد الأخرى.
وأوضح المتخصص في الشأن التربوي أنه من الناحية التربوية الصرفة، فإن مواصفات الأستاذ الذي يقدم الدعم تفوق من حيث الاتساع والدقة مواصفات الاستاذ المعني بالإرساء، فاستاذ الدعم فوق المواصفات المعرفية والديدكتيكية والتواصلية المطلوبة من الأستاذ أثناء إرساء الموارد، مطالب، أيضا بمعرفة دقيقة في إدراك أخطاء المتعلمين ومصادر نشوئها، وكيفيات معالجتها، والتحقق من مستويات الأداء قبل وبعد الدعم. وعليه فإن هذه العملية تتطلب تكوينا رصينا ومهارات دقيقة لا يزال بعض الأساتذة يجدون صعوبات في تنفيذها نظرا لتعقدها، وصعوبتها.
وخلص تكونسى إلى أن تكليف أستاذ لم يقوّم إنجازات التلاميذ لا تفاعليا ولا أداتيا، ولا يتوفر على أي معطيات تهمهم، ولا تربطه بهم علاقة بيداغوجية وتربوية وتواصلية، ليست فقط عملية مصيرها الفشل، بل هي تهدد العلاقة البيداغوجية ومجمل التعاقدات الديكتيكية مع الأستاذ الرئيسي أو الطبيعي المعين منذ بداية السنة، وفق تعبيره.
دعم لتكافؤ الفرص

في المقابل، ترى الوزارة أن هذا البرنامج “يروم تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المتعلمات والمتعلمين، ويهدف إلى تمكينهم من المكتسبات والمهارات الأساسية اللازمة لمواصلة مسارهم الدراسي دون تعثر وتجاوز كافة العوامل المؤدية للهدر والتكرار، كما يعتمد على تنويع أشكال التدخل والمقاربات المعتمدة وملاءمة حصص الدعم التربوي لتستجيب لحاجيات الفئات المستهدفة”.

ولضمان النجاعة التربوية لهذا البرنامج، أعلنت الوزارة عن وضع وتنفيذ برامج جهوية وإقليمية ومحلية للدعم التربوي تستند إلى أربعة محددات.

يتمثل المحدد الأول في إجراء عملية التقويم التشخيصي من أجل تحديد مكامن القوة ومكامن الضعف في المكتسبات الدراسية للمتعلمات والمتعلمين، وتفييئهم حسب مستويات التحكم في التعلمات والكفايات المستهدفة.

وأشارت إلى أن المحدد الثاني يشمل استثمار وتحليل النتائج الدراسية السابقة ومختلف عمليات تقييم المكتسبات المنجزة منذ انطلاق الموسم الدراسي الحالي 2023/2024.

فيما يروم المحدد الثالث استثمار العُدد الرسمية المعتمدة في تنزيل برامج الدعم، ولاسيما التي تم إنتاجها بشراكة بين الوزارة ووكالة حساب تحدي الألفية بالمغرب.

في حين يهدف المحدد الرابع إلى وضع وتكييف برامج الدعم حسب الخصوصيات المحلية والحاجيات الفعلية للمتعلمات والمتعلمين.

كما يندرج هذا البرنامج، وفق بلاغ للوزارة، “في سياق مواصلة إصلاح منظومة التربية والتكوين، وتنفيذا لأحكام القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتفعيلا لالتزامات خارطة الطريق 2022-2026 “من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع” وإطارها الإجرائي لسنتي 2023 و2024″.

ومن أجل تحقيق الأهداف المتوخاة من البرنامج الوطني للدعم التربوي، دعت الوزارة جميع التلميذات والتلاميذ وأمهاتهم وآبائهم وأولياء أمورهم، وكذا كافة الأطر التربوية والإدارية، للانخراط المكثف في هذه العملية، تعزيزا للمكتسبات الدراسية للتلميذات والتلاميذ، وتحقيقا لأهداف الإصلاح التربوي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • سعيد
    منذ 5 أشهر

    الدعم في هذا الوقت ضحك على الذقون والطنز .راه الدعم كيكون للتلاميذ لي قراو شي حاجة وندعموهم لزيادة الفهم ماشي الدعم لي مزال ماقرا وكاين لي شاف ما استاذ ديالو الى حد الساعة غير مرة او جوج !!! وشكون كَاااع غاد يدير الدعم.تسويق اعلامي وكذب على آباء التلاميذ

  • ماطن
    منذ 5 أشهر

    الأولى بالدعم هي هذه الحكومة التي اغلب قراراتها عبارة عن سلسلة من التعثرات ناتجة عن سوء نيتها في التعامل مع قضايا الشعب بالإضافة إلى ضمها مجموعة من الشعبويين وضعيفي الكفاءة.