حوارات، مجتمع

بين الهاجس الاجتماعي وغياب المرأة.. أمغار يعدد رهانات هيئة المحامين بالبيضاء قبيل الانتخابات

تستعد هيئة المحامين بالدار البيضاء، لتنظيم انتخابات تفرز نقيبا للهيئة خلفا للطاهر موافق وأعضاء المجلس، وذلك ما بين 14 و15 دجنبر 2023.

وفي هذا الصدد، طرحت جريدة “العمق” مجموعة من الأسئلة تتعلق برهان هيئة المحامين بالدار البيضاء قبيل الانتخابات.

ويجيب عن أسئلة الجريدة، محمد أمغار، العضو وكاتب المجلس الحالي لهيئة المحامين بالدار البيضاء، في حوار يوضح فيه كل الإشكالات المرتبطة بالهيئة التي تتداخل بين البعد الاجتماعي والحقوقي وغياب المرأة في هذه الاستحقاقات التي تعتبرها الهيئة “لحظة ديمقراطية”.

 ماذا تقصد بالمحاماة القوية وعلاقتها بسلوكيات الواقع المر وبما أثاره النقيب الحالي من خروقات؟

شكرا أولا لجريدة “العمق” على الحضور ومواكبة كل ما له صلة بتدبير الشأن العام المحلي والوطني، بخصوص سؤالك حول علاقة المحاماة القوية بالواقع، فإنني كمرشح لمنصب نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء، فكان لا بد من وضع أرضية تعتبر كقراءة مستقبلية لما يجب أن تكون عليه المحاماة هنا والآن، والمقصود بالمحاماة القوية هو أن تخدم المتقاضين والحق والقانون وتخدم العدالة لتكون رسالة حقوقية ورسالة للدفاع.

والأكيد أنه في كل مجتمع مهني توجد مجموعة من السلوكيات قد تكون غير مقبولة وكان لا بد الإشارة إليها لتجاوزها لأ هدفنا هو الإصلاح، وكل شخص يهدف إلى المساهمة في رفع قيمة المحاماة لا بد الاعتراف بوجود تلك السلوكيات للوصول إلى محاماة قوية تضمن المساواة بين المحامين والحفاظ على مبادئ المهنة وأخلاقياتها لتؤدي وظيفتها داخل المجتمع.

هل ستلجأ الهيئة إلى طلب تحقيق قضائي في تجاوزات أثارها النقيب موافق ولمح فيها إلى تورط بعض المحامين؟

كل ما يمكن قوله أن هذا النوع من المشاداة هو رهين باللحظة الإشكالية الحالية المرتبطة بالانتخابات، وكما تعلمون أنه في كل انتخابات يكون نوع من المشاداة والاحتكاكات قد تكون مقبولة في بعض الحالات وقد تكون مرفوضة في حالات أخرى، وفي جميع الحالات هي لحظة ديمقراطية المفروض أن نحترم فيها بعضنا لأن المحامي في طليعة المجتمع وأقرب الناس لمفاهيم الديمقراطية واحترام التداول فيما يخص تدبير المهنة.

ويمكن القول في ما أثرته في سؤالك، أن ما وقع مرتبط باللحظة الإشكالية المتعلقة بالانتخابات أكثر من أي شيء آخر، وفي شق آخر فإن ما يتعلق بحماية المحاماة وتجاوز بعض السلوكيات التي يمكن أن تخالف مبادئها فإن المشرع المغربي وضع مسطرة إجرائية لكل من يريد المتابعة أو المحافظة على أخلاقيات مهنة المحاماة، كذلك بالنسبة لقانون المهنة الذي رصد إجراءات متابعة أي محامي تأكد خرقه لمبادئ المحاماة القائمة على مبدأ الشرف والمروءة.

لماذا تأخرت هيئة الدار البيضاء في الشق الاجتماعي وبالخصوص في ملف التقاعد؟

يمكن القول أن الملف الاجتماعي للمحاماة بصفة عامة، ارتبط بالتحول الذي عرفه القطاع بصفة خاصة مذ الثمانينات، وتزايد كم هائل من خريجي الجامعات اليوم لمهنة المحاماة الذي ينتمي جلهم لطبقة اجتماعية متوسطة أو شعبية طرح اشكال اجتماعي.

النقباء الأوائل في الثمانينات وضعوا أرضية لأنظمة التقاعد للمحامي داخل أو خارج الدار البيضاء، وإذا حللنا تلك الأنظمة الاجتماعية نجد أنهم ركزوا على ثلاثة أنواع، الأول هو صندوق التقاعد لهيئة المحامين بالدار البيضاء، وصندوق التقاعد لهيئات المحامين بالمغرب، وهناك هيئة أكادير التي لها نظام خاص بها يشرف عليها مجلس المحامين.

وبالعودة إلى صندوق التقاعد لهيئة المحامين بالدار البيضاء نجد أنه يتقاطع مع باقي هيئات المحامين بالمغرب، ونجد أنه وضع بصيغة معينة لم يتم احترامها ولا تحسيس المحامين بأهمية هذا المرفق الخاص بالتقاعد وهو ما أدى إلى نتائج كارثية جعلت معدل تقاعد المحامين لا يتجاوز 500 أو 600 درهم، وهذا جعلنا نقود مجموعة من المحاولات بالهيئة للرفع من نجاعة هذا الصندوق ولكن لحد الآن ربما أن طريقة المعالجة كانت بطيئة جدا.

ويطرح في الموضوع، إشكال آخر هو الاصطدام دخول قانون التأمين الإجباري والتقاعد الذي له صلة بالمهن الحرة حيز التنفيذ، والذي مازال موضوع نقاش بين هيئات المحامين بالمغرب والسلطات الوصية على القطاع. إذن الملف شائك جدا خاصة خلال السنوات المقبلة التي ستعرف ارتفاع عدد المتقاعدين الذي سيتجاوز 1000 محامي متقاعد خلال السنوات القليلة المقبلة.

ونتمنى خلال السنوات المقبلة اعتماد مقترحات الإصلاحات التي طرحناها كمشروع وفتح نقاش جدي مع السلطات الحكومية الوصية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتكون هناك نجاعة خاصة بالمحامي الذي يبلغ سن التقاعد.

كيف يمكن لهيئة الدار البيضاء أن تزيد من مداخيلها بدل الاكتفاء بالمشاريع التقليدية كشراء العقارات وكرائها أو بيع الدمغات للمحامين؟

هيئة المحامين مرفق إداري مستقل، ومن هذا المنطلق أعطى القانون للمؤسسات المهنية على رأسها مجلس هيئة المحامين إمكانية إنشاء مؤسسات اجتماعية، إذن عندما نتحدث عن الاستثمار فلا نقصد الاستثمار كما هو معروف لأن الهيئة ليست شركة وا مقاولة، وإنما نتحدث على المؤسسات الاجتماعية لحماية الجانب الاجتماعي للمحامين والرفع من المردودية المادية لأجل ضمان هذه الحماية الاجتماعية للمحامي.

والنقاش الذي أشرت إليه حول التقاعد، فهناك غلاف مالي داخل صندوق التقاعد بهيئة الدار البيضاء وفي إطار علاقتنا بالسلطة التي تقوم بتسيير هذا المرفق أي الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين ” CNRA”، فهذا المبلغ يتم استثماره للرفع من مردوديته لكن هذا المبلغ يظل مرتبط بتقاعد المحامين.

ما هو أكبر رهان أمام هيئة المحامين بالدار البيضاء قبيل انتخابات النقيب والمجلس المرتقبة منتصف دجنبر 2023؟

هناك رهانات، تتعلق بإعادة ترتيب علاقات الزمالة والعودة إلى الوضع الطبيعي، ووضع مؤسسات لإعادة الاعتبار للجان الوظيفية المفروض أن تضم جميع الزملاء والزميلات للعمل داخل المحاكم، لأن الأوضاع التي يشتغل فيها الزملاء غير مقبولة.

وهناك رهان آخر هو الرهان الاجتماعي، خاصة الملف الذي أثرته المتعلق بملف التقاعد، إلى جانب الشق المتعلق بالتكوين والضريبة، وهي الملفات التي يجب أن يكون بصددها تصور وموقف حازم وعقلاني من طرف مجلس الهيئة المقبل، للخروج من الأزمة المتعلقة بهذه الملفات بهيئة المحامين بالدار البيضاء.

أغلب النقباء السابقين كانوا مناضلين سياسيين وحقوقيين، ما الذي تغير اليوم، هل هذا راجع إلى أن مهنة المحاماة بدأت تفقد بعدها الحقوقي؟

لا أظن ذلك، لأن المحاماة بصفة عامة لم تتراجع عن بعدها الحقوقي، هناك متغيرات على المستوى المجتمعي تجعلنا نتحدث على أن المحاماة رسالة ومهنة، لأنه في إطار النظام الرأسمالي والليبيرالية أصبحت الخدمات التي يقدمها المحامي عبارة عن خدمات حرة، لكن المحامي المغربي ما زال يؤمن بالبعد الحقوقي للمهنة.

ظهور نقباء سابقا لهم ارتباط مباشر بجمعيات حقوقية أو أحزاب سياسية، كان مرتبط بلحظة سياسية معينة ربما في الستينات إلى حدود الثمانينات، وتراجع هذا البعد نظرا لتراجع مكانة السياسة بالجامعة المغربية، فالزملاء الذين تخرجوا في السنوات الأخيرة ليس لهم انتماء لأحزاب سياسية، وهو ما يحيلنا أيضا إلى مدى تواجد المحامين في الحقل السياسي ويطرح سؤال مدى ممارسة المحامي للسياسة.

المحاماة كمحاماة لا زالت متشبتة برسالتها ولها بعدها الحقوقي وهذا لا يعني أن المحامون المنتمون سياسيا غير متواجدين كنقباء، بالعكس لو أجرينا قراءة اليوم لاكتشفنا أن عددا كبيرا من النقباء ينتمون سياسيا سواء لأحزاب يسارية أو داخل اليمين. إذن قد يبدو للوهلة الأولى أن هناك تراجع ولكن الواقع لا يعني أنهم لا يوجدون.

لماذا تغيب المرأة عن لائحة المرشحين لمنصب نقيب هيئة الدار البيضاء، ألا تؤمن الهيئة بقدرة المرأة على القيادة؟

السؤال وجيه جدا، وكان موضوع لقاء موسع مع زميلات محاميات تبلور حول إشكالية المناصفة ومشاركة المحاميات في تدبير الشأن العام المهني من خلال الترشح والولوج إلى منصب عضوية مجلس الهيئة في انتظار الترشح لمنصب النقيب.

أسباب تغيب امرأة محامية عن الترشح لمنصب نقيب كثيرة جدا، من بينها ما يرتبط بالمجتمع الشامل ووجود المرأة في تدبير الشأن العام والتحول الذي عرفه، فإذا أخذنا الدار البيضاء نجد أنه في تاريخ الهيئة منذ الاستقلال إلى اليوم هناك 8 محاميات فقط استطعن التواجد داخل مجالس هيئة المحامين بالدار البيضاء مقارنة مع عدد كبير من المحامين الذكور.

في ولايات مجالس الهيئة الأربع الأخيرة، كنا نجد زميلتين في كل ولاية، باستثناء الولاية السابقة التي كانت هناك زميلة واحدة في مجلس الهيئة، وهذا معناه أن سقف حضور المحامية البيضاوية داخل الهيئة يقتصر في حدود زميلتين مع العلم أن هناك هيئات كالرباط استطاعت تجاوز هذا السقف إلى أربع زميلات من أصل 16 عضو وفي هيئة فاس في لحظة معينة، وهذا الوضع يطرح سؤال مدى رغبة المحاميات في تولي منصب المسؤولية داخل قطاع المحاماة، ولكن هناك تحول ووعي طفيف جدا لدى المحاميات لاقتحام هذا المجال في انتظار الوصول إلى مستوى نقيبة.

بالنسبة لترشح محامية لمنصب نقيبة، هناك إشكال قانوني وإشكال واقعي، على المستوى القانوني العدد المخول له الترشح لمنصب نقيبة بالنسبة للمحاميات هو 8 زميلات وللترشح للمنصب يشترط أن يكون المترشح أو المترشحة قضت العضوية بمجلس هيئة الدار البيضاء، والشروط لم تنضج بعد للتحدث عن إمكانية تولي زميلة منصب نقيبة، وأنا شخصيا من الداعين للسير في هذا الاتجاه وأحيي من هنا زميلات في هيئات أخرى اقتحمن العقلية الذكورية وأتمنى لهن التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *