منتدى العمق

المتملــق

الشخص المتملق “البلحاس/البحلاس” شخص سيء جدا في نظر الأغلبية وإن كان الجميع ربما لا يخلو من درجة تملق بشكل ما ظاهرا أو خفيا.. لكن في العموم فالعاديون يبغضون هذا المتملق، لكن المتملق لا يبغض نفسه، فهو شخص مصلحي واقعي يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف فيأكل الكتف، ولا يهمه بعد ذلك ما يقال خلف ظهره ففي النهاية يصنف ناجحا، وقد يلجأ إليه من يكره المتملقين ليقضي به غرضا ما لا يحسن قضاءه.

الحقيقة أن هذ النوع من البشر يظهر منذ الطفولة، إذ يسهل أن ترى أطفالا كيف يتصرفون بمكر ويتملقون لطفل آخر لمجرد أنه يملك كرة أو في جيبه درهم، ويمتد هذا إلى المدرسة فيتملق للتلميذ المتفوق أو لابنة المدير… إلى حد الآن هذه الأمور مستاغة أو تُتَجرع بشربة ماء خاصة أن ظروفا ما قد تجعل الشخص متملقا مكرها كما يتحول شريف إلى وضيع أو تسقط امرأة فجأة في زلة غير محسوبة أو..

الأمر غير المستساغ عندي أن تكون مدارسنا وجامعتنا تنتج سيلا من المتملقين، فليس كل التلاميذ الذين يفضلون أن يمسحوا السبورة أو ويحملوا محفظة الأستاذ يفعلون ذلك طيبة، وهو فعل حسن يستحق الثناء لكنه يظهر أنه تملق طفولي أحيانا عندما يحرص المتعلم أن يترك الأزبال مثلا تحت قدميه، بل ويساهم في تلويث القسم بكل ما يستطيع لكن بمجرد أن يلمح الأستاذ داخلا يتحول إلى ولد وديع فيقوم يحمل سلة ويدور على زملائه ليجمع الأوراق… وليس كل التلاميذ والتلميذات وكل الطلبة والطالبات عندهم أسئلة ويحتاجون توجيهات بعد نهاية الحصة… لكن بعض المتملقين منهم يختارون الوقت المناسب ليتقربوا من الأستاذ أكثر من غيرهم فيسألون أو يتصنعون ذلك بعد نهاية كل حصة ليظهروا أنهم أحرص وأكثر اجتهادا من زملائهم الذين يغادرون القاعة بعد نهاية الدرس أو المحاضرة…

ولست أعيب على بعض التلاميذ والتلميذات وبعض الطلبة وكثير من الطالبات حلوات اللسان مع الاستعانة بالمؤهلات البدنية أحيانا هذا الفعل .. فمن حقهم وحقهن أن يسألوا ويتقربوا ويتملقوا و… لكن ما لا أستسيغه هو كيف يقنع الأستاذ نفسه بتحويل هذه الدردشة العابرة بعد نهاية الحصة إلى امتياز لهؤلاء يحصلون بها على نقط أفضل من غيرهم وثناء أعظم، وإقرار بتفوق ونباهة الطالب أو الطالبة ليحصل على البكالوريا والإجازة ثم الماستر والدكتوراه وكأن الآخرين ارتكبوا جرما حين احترموا الأستاذ ودرسه ووقته. فما كل الناس يملكون لسانا حلوا يوزعون به المجاملات ولا كل الناس يملكون “وجها مسنطحا”.

على أي فهؤلاء المتملقون يكبرون ويصبحون شخصيات مهمة في المجتمع وستجدهم في كل المهام والمناصب يحظون بالحظوة من قبل الرؤساء والإداريين وأرباب الشركات والتلاميذ المتملقين… إنها دورة حياتية يا صاحبي فالتملق صناعة وتجارة رابحة وأصحاب “النفس” تنقطع أنفاسهم بسرعة فنادرا ما يعيشون طويلا، وإن طال عمرهم فغالبا “لا يعيشون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *