وجهة نظر

من يعيد للأسر تألقها وأدوارها الحقيقة؟

بما أن الأسرة أول وأهم وسيط لعملية التنشئة الاجتماعية ، لكونها  تحدد هويته الاجتماعية ومركزه الاجتماعي على أساس وضعها في المجتمع،  وبما أننا نلاحظ بشكل يومي جيل يتمرد على كل القيم التراحمية و التضامنية والقيم الجامعة بأسلوبه الخاص الرمزي والعنيف أحيانا أخرى، وما السلوكات والمواقف التي تحدث بين أعضاء الأسرة الواحدة والتي تنتج عنها أحداث وجرائم لا يقبلها العقل البشري، وقس على ذلك مختلف مظاهر التصرفات بين الأقران و في مختلف الفضاءات الخاصة والعامة، ويحق لنا مع هذا الواقع الملموس أن نتسائل:

من يتحمل مسؤولية تدهور قيم التربية والأخلاق الفاضلة داخل الأسر؟

هل يمتلك  الآباء الثقافة الوالدية التي تؤهلهم لبناء ذاك الإنسان في مختلف مراحل عمره؟

هل الصراع بين الرجل والمرأة يؤثر على تأهيل الأبناء نفسيا و اجتماعيا؟

هل استسلم الوالدين لهاجس الاستهلاك وشراء بقعة أرض على حساب الاهتمام بعقول وأرواح أبناءهم؟

هل الوعي و المعرف شرط  لتحقيق التربية المتوازنة؟ علما أن أجيال سبقت ساعدتها فطرتها الصافية و عزيمتها الحقيقة على تأهيل أبناءها ودمجهم بشكل إيجابي داخل محيطهم ؟

هل ستكفي ولوج دورات تكوينية من طرف واحد لتأسيس بنيان التربية الصحيحة؟

ومن هنا  تضح أن مسؤولية استعادة الأسرة لأدوارها الحقيقة مسؤولية الجميع ،  لكونها هي المسئولة المباشرة  عن تحديد سمات شخصيته وسلوكه في المستقبل  وذلك من خلال أنماط أو أساليب المعاملة و التربية  التي يتبعها الوالدان في توجيه  أبنائهما في مراحل العمر المختلفة  من الطفولة للمراهقة وصولاً لمرحلة الشباب.

ومن المفاهيم التربوية التي تساعد على تغير الواقع المعاش ، هو تطبيق و تنزيل  مفهوم ” الوالدية التربوية ” ، التي تعد عملية تفاعلية متعددة الأفراد متشابكة العلاقات؛ وليست عملية ثنائية التفاعل. فالوالدية علاقة تفاعل بين الوالدين وبعضهما البعض وبينهما وبين أبناءهم وبين الأبناء وبعضهم البعض، وهكذا تتعدد العملية التفاعلية لعدة ثنائيات.

والتفاعل ينطلق من الحوار و الاحترام بين الوالدين، فهما بمثابة المرآة التي تعكس كل الاقوال والأفعال المقدمة للأبناء على شكل نصائح و توجيهات ، فكثير من الآباء يطالبون أفراد الأسرة بأمور وأشياء لا يلتزمون بها أصلا، فالقدوة تتطلب المصداقية والتوافق بين المقولات و التصرفات.

والتفاعل يكون بشكل دائري، أي بمثابة روح تسود بين جميع أفراد الأسرة الواحدة دون تمييز أو تحقير لقدرات أحد منهم، ويضمن تفعيل هذا المفهوم بمثابة صمام أمان اتجاه كل أشكال الانحرافات السلوكية لأنها تؤسس لمناخ صحي طقسه الحرية والعدل والسواسية كأسنان المشط الواحدة.