حوارات، مجتمع

اقترح 5 إجراءات مستعجلة لمواجهة الوضع.. خبير بيئي: المغرب يعرف جفافا طويلا نادرا ما كان يحدث

اعتبر الخبير المغربي في البيئية والتنمية المستدامة، أحمد الطلحي، أن تراجع الموارد المائية بسبب ضعف التساقطات خلال السنوات الأربع الأخيرة، أحدث جفافا طويلا نادرا ما كان يحدث في تاريخ المغرب.

وأوضح الطلحي في حوار مع جريدة “العمق”، أن الأمر يتطلب استنفار كل الجهود والإمكانيات لمواجهة هذا التحدي، مقترحا 5 إجراءات مستعجلة و3 استراتيجيات بعيدة المدى من أجل ضمان الأمن المائي للمملكة.

ويعيش المغرب خلال السنوات الأخيرة، جفافا غير مسبوق، في ظل تراجع نسبة ملء السدود بالمغرب إلى مستويات قياسية، في ظل مخاوف من دخول المملكة في أزمة مياه حادة بسبب تأخر التساقطات المطرية، وسط مطالب بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتقنين استعمال المخزون المائي الحالي، وإيجاد بدائل غير تقليدية لضمان مياه الشرب والسقي.

وقبل أسبوع، دق وزير التجهيز والماء، نزار بركة، ناقوس الخطر حول الأزمة المائية التي يعيشها المغرب بفعل توالي سنوات الجفاف وندرة التساقطات المطرية، داعيا المغاربة إلى الحد من تبذير هذه المادة الحيوية، ملمحا إلى أن الحكومة قد تضطر إلى قطع مياه الشرب عن بعض المناطق إذا اقتضت الضرورة ذلك.

وفيما يلي نص الحوار مع الخبير البيئي أحمد الطلحي:

رئيس لجنة التعمير وإعداد التراب والمحافظة على البيئة بجماعة طنجة

1- ما هي في نظرك الأسباب التي أوصلتنا لهذا الوضع؟ وتكرار الأمر في السنوات الأخيرة؟

ليس فقط حقينة السدود هي التي تعرف تراجعا وانخفاضا خلال السنوات الأخيرة، حتى الفرشات المائية تعرف انخفاضا ملحوظا في مستوياتها.

فالموارد المائية الطبيعية في المغرب نوعان: موارد مائية سطحية متمثلة في الأودية والأنهار التي تملء السدود والبحيرات الطبيعية بالمياه، وهناك موارد مائية جوفية مهمة تصل نسبتها إلى 18 بالمائة من مجموع الموارد المائية، وكلاهما له علاقة بالتساقطات سواء المطرية أو الثلجية.

لذلك فتراجع الموارد المائية هو بسبب ضعف التساقطات خلال السنوات الأربع الأخيرة، بمعنى جفاف طويل، ونادرا ما كان يحدث جفاف طويل في تاريخ المغرب، حيث كانت مواسم الجفاف تحصل بعد مرور مدة طويلة تتراوح ما بين 15 و20 سنة.

أما في السنوات الأخيرة، خصوصا في هذه الألفية، فقد تقلصت المدة إلى 4 أو 5 سنوات. والسبب في ذلك هو التغيرات المناخية، فبلادنا كباقي البلدان الواقعة في النطاقات المناخية المعتدلة وشبه الجافة هي المتضررة أكثر من التغيرات المناخية، خصوصا ما يتعلق بقلة التساقطات وعدم انتظامها.

وللعلم، فإن حرارة الأرض مستمرة في الارتفاع إذا استمرت دول العالم في عدم احترام التزاماتها المناخية، ويؤكد الخبراء بأنها ستتجاوز 1.5 درجة مائوية فوق المعدل السائد قبل الثورة الصناعية، قبل نهاية القرن الـ21، كما ينص على ذلك اتفاق باريس، وحاليا وصل احترار الأرض زائد 1.2 درجة.

2- هل يتطلب الأمر في نظرك إعلان حالة الطوارئ المائية في البلاد؟

إذا كان المقصود بحالة الطوارئ هو استنفار كل الجهود والإمكانيات لمواجهة هذا التحدي، فهو أمر مطلوب وبحدة وإلحاح، لأن الأزمة ترتبط بأهم مادة حيوية للإنسان، مصداقا لقوله تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي”.

الوضع الذي نعيشه اليوم يمس الحاجيات اليومية للسكان من المياه الصالحة للشرب، وكذلك يمس الاقتصاد الوطني، حيث عدد من القطاعات الاقتصادية تعتمد على الماء، خصوصا القطاع الفلاحي.

3- ما هي الإجراءات المستعجلة المطلوبة حاليا من الجهات المعنية؟

لمواجهة آثار الجفاف الحالية، ينبغي على الجهات المعنية القيام بعدد من الإجراءات العاجلة الهادفة للاستغلال العقلاني للموارد المائية المتاحة، إلى حين أن يرحمنا الله بقطرات الغيث الكافية. أهم هذه الإجراءات:

– التحكم في الاستهلاك اليومي للمياه الصالحة للشرب عن طريق حصة معقولة لكل مدينة وقرية، سواء من خلال تخفيض قوة الصبيب في شبكات توزيع الماء، أو من خلال قطع التزود لمدة زمنية محددة في اليوم.

– التوقف عن سقي المناطق الخضراء بالمياه الصالحة للشرب، والاكتفاء فقط بسقيها بالمياه العادمة المعالجة إن وجدت.

– تزويد المناطق القروية المتضررة بكميات معقولة من المياه عبر صهاريج متنقلة، وعليه وجب تخصيص، بشكل استعجالي، مخصصات مالية لاقتناء الوسائل اللوجستيكية الضرورية ولنفقات التدبير والصيانة.

– التوقف عن سقي المزروعات غير الضرورية، خصوصا المستهلكة للماء بكثرة، والعمل على المحافظة على الإنتاج الحيواني.

– تنظيم حملات موسعة ونوعية عبر كل الوسائل التواصلية، لتوعية السكان بضرورة الاقتصاد في استهلاك الماء ولإخبارهم بمختلف الإجراءات المتخذة… إلى غير ذلك من الإجراءات.

4- ماذا تقترح بخصوص الإجراءات الاستراتيجية التي ينبغي على الدولة القيام بها في هذا الصدد؟

على المستوى الاستراتيجي، علينا الانتقال من تدبير الوفرة (الوفرة نسبيا لأن هناك تراجع مستمر لحصة الفرد من المياه) إلى تدبير الندرة.

فتدبير الوفرة كان يركز أساسا على التخزين من خلال بناء سدود جديدة أو توسعة السدود القديمة، أما تدبير الندرة فيتمثل في نظري المتواضع في:

أولا: تحويل المياه بين الأحواض المائية.

ثانيا: إنتاج الموارد غير التقليدية للمياه: معالجة المياه العادمة، تدوير المياه الصناعية والمياه الرمادية، تحلية مياه البحر والمياه المالحة…

ثالثا: معالجة الهدر خصوصا في القطاع الفلاحي لأنه يستهلك 87 بالمائة من الموارد المائية، وذلك من خلال: القضاء على التسربات بسبب تقادم الشبكة الهيدروزراعية والمتسببة في ضياع 40 بالمائة من المياه الموجهة للقطاع الفلاحي، اعتماد الري الموضعي بدل الري الفيضي، إنتاج النباتات المقاومة للجفاف، الاقتصار على الإنتاج الفلاحي الذي يوفر الأمن الغذائي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *