انتخابات 2016

النهج يدعو لمقاطعة انتخابات “هيمنة النظام الرجعي”

دعا حزب النهج الديمقراطي إلى مقاطعة الاستحقاقات التشريعية المزمع تنظيمها في السابع من أكتوبر المقبل، معتبرا أنها تمثل “تحريفا لإرادة الشعب وتكريسا لهيمنة النظام الرجعي وللاستبداد المخزني”، وشدد أن المسألة الانتخابية تحظى بكامل الأهمية والاهتمام من طرف النهج الديمقراطي لكونها آلية من المفروض أن يعبر بواسطتها الشعب عن اختياره وإرادته.

وأكد الحزب في مذكرة له يشرح فيها دواعي مقاطعته للانتخابات والدعوة لذلك، حصلت جريد “العمق” على نسخة منها، أن موقفه ينطلق من طبيعة التجارب الانتخابية التي عرفتها بلادنا ومن الإطار القانوني والظروف الذي تمر فيه هذه الانتخابات، وأنه موقف ينطلق من التحليل الملموس للواقع وليس موقفا ثابتا، ولا موقفا “عدميا” من المشاركة  في الانتخابات بشكل عام.

الداخلية يجب أن ترفع يدها

واشترط الحزب اليساري في مذكرته أن ترفع وزارة الداخلية يدها على الانتخابات، معتبرا أن أم الوزارات لعبت “منذ انتخابات سنة 1963، أداورا خطيرة في إفساد الحياة السياسية عبر تفريخ الأحزاب الإدارية وتزوير الانتخابات والتلاعب بنتائجها فضلا عن قمع المعارضة”، وطالب بأن تشرف على الانتخابات لجنة وطنية مستقلة ومحايدة للإشراف على الانتخابات يتم تشكيلها بالتوافق من الشخصيات الوطنية الديمقراطية المشهود لها بالاستقامة والنزاهة والكفاءة.

 وتساءل “فهل من المعقول الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة تشرف عليها هذه الوزارة، أم الوزارات كما كانت تسمى عن حق؟”، موضحا أن “هذا يعني احتكارا كاملا للعملية الانتخابية من البداية إلى النهاية وعلى كافة المستويات من طرفها ولا يغير شيئا أن تكون وزارة العدل شريكا في الإشراف، فلا تلعب هذه الأخيرة في العملية سوى أدوارا شكلية بالمرة  ويسري هذا على رئاسة الحكومة نفسها”.

وتابع النهج في مذكرته “إن جهاز الإشراف يجب أن يكون محايدا ومستقلا ويجب أن تتوفر له كافة الصلاحيات القانونية والإمكانيات اللوجستيكية والبشرية والمالية والإعلامية للقيام بدوره كاملا في الإشراف على الانتخابات من البداية إلى النهاية وهو أمر معمول به في عدد كبير من البلدان بما في ذلك أغلب بلدان المنطقة العربية والمغاربية ومنها من جعله مرفقا قارا يتوفر على ميزانية ومصالح إدارية وغيرهما”.

انتخابات في ظل “نظام الاستبداد والحكم الفردي”

من جهة أخرى، اعتبرت المذكرة التي اطلعت جريدة “العمق” على مضمونها، أن الانتخابات المقبلة تجري في ظل ما أسماه الحزب “دستور ممنوح” وتحيل على طبيعة النظام السياسي الذي وصفه بـ “نظام الاستبداد والحكم الفردي المطلق وضرب مبادئ السيادة الشعبية وفصل السلط”.

وعدد النهج مظاهر “الانفراد بالحكم”، ملخصا إياها في “احتكار الحقل الديني عبر صفة أمير المؤمنين واستمرار مقتضيات الفصل 19 من الدستور السابق عبر تقسيمه إلى فصلين الأمر الذي يخول سلطات لا محدودة للمؤسسة الملكية”، و”احتكار السلطة التنفيذية عبر التحكم في تعيين الوزراء وإعفائهم ورئاسة المجلس الوزاري ومن خلاله التعيين في الوظائف المدنية لوالي بنك المغرب والسفراء والولاة ومسؤولي الإدارات المكلفة بالأمن والمؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتجية والتوجهات الإستراتيجية لقانون المالية”.

ومن مظاهر الانفراد بالحكم التي اعتبرها مذكرة الحزب المنبثق عن حركة “إلى الأمام” الراديكالية، “الاحتكار التام للجيش وللأمن عبر قيادة القوات المسلحة ورئاسة المجلس الأعلى للأمن”، و”احتكار جزء مهم وأساسي من المجال التشريعي من خلال رئاسة الملك للمجلس الوزاري الذي يتحكم في مضمون القوانين الأساسية المطروحة لمصادقة البرلمان”، إضافة إلى “التحكم في السلطة القضائية عبر تعيين القضاة وفي المجلس الأعلى للسلطة القضائية”، على حد تعبير المذكرة.

كما اتهم الحزب النظام السياسي بالمغرب بـ “تبخيس دور الأحزاب السياسية وحصره في مجرد المشاركة في ممارسة السلطة وليس الوصول للسلطة واختزال المعارضة في المعارضة البرلمانية وخنق العمل السياسي وتسييجه هو أيضا بترسانة من الثوابت مثل «قوانين المملكة» و«هويتها الوطنية الراسخة» و«الدين الإسلامي» و«النظام الملكي» وحتى «المبادئ الدستورية»”.

التقطيع الانتخابي يساهم في إفساد الانتخابات

إلى ذلك، انتقدت مذكرة الحزب اليساري المقاطع للانتخابات تقطيع الدوائر الانتخابية، معتبرا أن التقطيع المعتمد يقوم على أساس التقسيم الإداري الذي يعد من اختصاص وزارة الداخلية، و”رغم أن الدستور الحالي وضع «النظام الانتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر الانتخابية» ضمن مجال القانون (الفصل 71)  ومكن بالتالي البرلمان، بغض النظر عن طبيعته، من صلاحية مناقشة مقومات ومبادئ التقطيع الانتخابي فإن هذا يبقى غير ذي قيمة لأن وزارة الداخلية هي صاحبة بنك المعطيات وهي من ينفرد بإعداد هذا القانون”، حسب نص المصدر.

وتابع “وقد أصرت هذه الأخيرة على عدم تغييره رغم كل الأصوات المنادية بذلك في اتجاه تقطيع متوازن ومنصف للجميع. فالتقطيع الحالي لا يقيم علاقة منطقية (بمعنى محايدة) بين عدد المقاعد البرلمانية وحجم الدوائر الديمغرافي والمجالي وذلك خدمة لقوى بعينها، فعلى سبيل المثال، يحدد هذا التقطيع 4 مقاعد لإقليم يقطنه حوالي مليون نسمة بينما يحدد 7 مقاعد لإقليم  يقطنه حوالي 400 ألف نسمة”.

وتساءل “هل يعقل أن يساوي التقطيع بين تمثيلية دائرة تضم 100 ألف مواطن وأخرى تضم 20 ألف مواطن أو أٌقل بحيث يحدد مقعدا واحدا لكل منهما؟ أليس هذا ضربا لمبدأي مساواة المواطنين في التمثيل السياسي ومساواة القوى السياسية في التنافس السياسي؟ ألا يعد هذا تلاعبا وتزويرا قبليا للانتخابات وعاملا مساهما في صنع الخريطة الانتخابية؟ هذا هو معنى التقطيع المخدوم، يضرب مبدأ الحياد ويضرب معيار التوازن الديمغرافي بين الدوائر”.

انتخابات في وضع متفاقم

اعتبرت المذكرة أن الانتخابات التشريعية العاشرة في المغرب منذ استقلاله من الاحتلال الفرنسي، تجري في ظل ما وصفته بـ “في ظل أوضاع عامة تتميز بتفاقم أزمة المشروع المخزني”، يعمل النظام “جاهدا على تجاوزها بتحميل أعبائها لكافة الطبقات الشعبية وبشن هجوم مضاد عليها وعلى قواها المناضلة”.

ويتجلى هجوم النظام حسب النهج الديمقراطي في “اتخاذ إجراءات لا شعبية على الصعيد الاجتماعي وقمع ممنهج لحركة النضال الشعبي”، وفي “قمع القوى الديمقراطية المناضلة المؤطرة لهذه النضالات وضمنها النهج الديمقراطي”.

واعتبر الحزب أنه كان لازما كمقدمة لإجراء انتخابات تعبر ذات مصداقية، أن يتم “وقف الإجراءات التقشفية التي تستهدف القوت اليومي لأوسع الجماهير الشعبية ووضع حد للقمع الشرس المسلط على القوى والفئات المناضلة وتصفية الأجواء السياسية بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والنقابيين فضلا عن معالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ببلادنا بدء بالاعتذار الرسمي لرئيس الدولة والالتزام بعدم التكرار ومعالجة ملفات الاختفاء القسري وتسليم الرفات وإجلاء كل الحقيقة حول المختطفين ومحاكمة المجرمين وإبعاد المتورطين في الجرائم السياسية والاقتصادية من مواقع المسؤولية ومن جميع الاستحقاقات الانتخابية”.

الخلاصة.. الانتخابات بعيدة عن المعايير الدولية

وخلصت مذكرة النهج الديمقراطي إلى أن الانتخابات بالمغرب مازالت “بعيدة كل البعد عن مقتضيات المعايير الدولية وروح ومنطوق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان”.

وأوردت المذكرة في خلاصتها الخاتمة “إن فساد الانتخابات من فساد النظام السياسي وهذا ما يفسر حملة المخزن المسعورة ضد النهج الديمقراطي: فهذا الأخير يعمل على تأطير موقف المقاطعة وإعطائه بعدا سياسيا يحدد فيه الهدف الرئيسي لنضال شعبنا وهو التخلص من المخزن وبناء نظام وطني ديمقراطي شعبي، حيث المؤسسات المنتخبة في إطار دستور ديمقراطي تعبر فعلا عن الإرادة الشعبية وتمثل فيها الطبقة العاملة وعموم الكادحين بشكل وازن وتكون فيها مهمة المنتخب مهمة تطوعية خاضعة للرقابة الشعبية المباشرة”.