أدب وفنون

أغاني الراحل محمد الإدريسي.. صمود رغم العاصفة

أميمة بيباون – متدربة 

الفنان محمد الإدريسي، واحد من ألمع رواد الأغنية المغربية الأصيلة، ازداد سنة 1933 بمدينة سلا، وتوفي سنة 2016 بباريس، من أوائل الفنانين بالمغرب، بدأ العمل في مجال الطرب في الستينيات، ومن أشهر أغانيه التي لا زالت خالدة، “بنت بلادي زينة” و”يا زهرة جيبي الصينية” و”عندي بدوية”.

من أشهر ما غنى الإدريسي

أغنية عندي بدوية هي أغنية من زمن الستينيات الجميل، وهبت الميلاد الفني للزجال الطاهر سباطة، ومنحت للمغني الرقيق محمد الإدريسي شهرة خاصة، هي أغنية «عندي بدوية» الشعر البسيط الذي أمكن أن يتحول إلى فن طربي، إلا أن أغاني أخرى كانت لها بصمة في الأغنية المغربية، من بينها أغان عاطفية منها «بنت بلادي زينة» و«مولات الدار» و«مولات الزين البركي»، «محجوبة» و«الهيبي»…

هذا إلى جانب العديد من الأغاني الوطنية، من بينها: «جايين احنا جايين» و«أرض الصحراء» و«فيها الشمس».. هذا دون نسيان الإشارة إلى أغان مجتمعية، من بينها أغنية «الفلاحة» التحسيسية ميل بلمسة الملحن الكبير محمد بنعبد السلام.

ذكريات الإدريسي

للأغنية ذكريات قال عنها محمد الإدريسي: «هي ذكريات كثيرة، تتعلق بتعلق الجمهور المغربي في تلك الفترة بهذه الأغنية التي مازال لها الصدى نفسه لدى بعض الشباب المغربي، وأنه بعد تسجيل وإذاعة الأغنية أصبحت حديث الناس في كل المناسبات، ومن الذكريات الطريفة التي اقترنت بهذه الأغنية أن فرقة صينية من فرط إعجابها حفظت الأغنية بلهجتها الأصلية وعرضتها في مسرح محمد الخامس.

وبعد نجاح التجربة قامت بتنظيم جولة فنية في العديد من المدن المغربية ردد أفرادها أغنية «عندي بدوية»، وللشباب الذي لم يتابع هذا العرض أن يتخيل الطريقة التي كان يؤدي بها أعضاء الفرقة الصينية الأغنية، وأن الملحن الطاهر سباطة حضر هذا العرض وأعجب به، وقد بث التلفزيون المغربي عرض الفرقة الصينية ثلاث أو أربع مرات.

وفي ذكريات البدايات، كان الإدريسي يتدرب رفقة محمد بنعبد السلام في الرياض الذي كانوا يقطنوه بمدينة سلا، هناك تقوت علاقته بالفن وبدأ يداعب العديد من الآلات الموسيقية، كما سجل أغانيه الأولى بفرنسا، من بينها أغنية «الله ماغير شوف فيا» و«الله ما يدوزكم قلبي»، و«يا مولات الخيل»…قبل أن يعود إلى المغرب، لينطلق بمسار فني آخر، تميز بعدة أغان حفظها الجمهور المغربي، من بينها أغنية «عندي بدوية».

نجاح أغانيه

عندي بدوية هذه الأغنية تجربة خاصة، إذ إنها منحتنه الشهرة والانتشار في الساحة الفنية الوطنية، إلا أن هذا لا يلغي الحديث عن أغان أخرى صنعت مساره الفني، ومن جهة أخرى، فأغنية «عندي بدوية» لم تكن انطلاقته الفنية، إذ سبقتها محطات وتجارب أخرى مهدت للأغنية، هنا لا بد من التذكير أنه كان مقيما في فرنسا، وحينما زاره الملحن الكبير محمد بنعبد السلام، زوج أخته، رفقة المعطي بنقاسم وطلب منه العودة، لاسيما في ضوء حاجته إلى عازفين أثناء تأسيسه لجوق مدينة مكناس، وافق على ذلك، مع الإشارة إلى أنه كان يعزف على العود وعلى آلة الإيقاع، فانطلق المسار، إلى أن جاءت تجربة “أغنية بدوية”، التي كانت ثمرة اشتغال بين الزجال الطاهر سباطة والملحن محمد بنعبد السلام، فبعد أن أخذوا الكلمات من سباطة، أدخلوا بعض التعديلات على الأغنية وقام بنعبد السلام بتلحينها.

رأي اإادريسي حول التلفزيون المغربي

كان الإدريسي، يقول عن أغنيته بأنها تنتمي إلى عمق التراث المغربي، و”كلماتها تعكس مغربيتنا، وهذا ما يريده الجمهور، وللأسف فإن بعض المسؤولين عن التلفزيون يصرون على استضافة بعض المشارقة ليلقنونا دروسا في لهجتهم على حساب لهجتنا المغربية، وأحيانا نحس بأن الفنانين المغاربة الذين ضحوا من أجل الأغنية المغربية الحقيقية لا قيمة لهم، ولم يعد أي أحد يهتم بنا أو يسأل عن حال بعض الفنانين الذين تهددهم الأمراض أو الموت، دون أن يجدوا من يقدم لهم الدعم أو السند في محنتهم، في وقت يتمتع الأجانب بأجور الفنانين المغاربة، وهذا غير مقبول نهائيا”.

إلا أن أغاني أخرى كانت لها بصمة في الأغنية المغربية، من بينها أغان عاطفية منها «بنت بلادي زينة» و«مولات الدار» و«مولات الزين البركي»، «محجوبة» و«الهيبي»… هذا إلى جانب العديد من الأغاني الوطنية، من بينها: «جايين احنا جايين» و«أرض الصحراء» و«فيها الشمس».. هذا دون نسيان الإشارة إلى أغان مجتمعية، من بينها أغنية «الفلاحة» التحسيسية.

سبب استقراره بفرنسا لأربعين سنة

وعن قرار اختياره الاستقرار في فرنسا، قال محمد الإدريسي، إنه قبل السبعينيات، غادر المغرب وأقنعه محمد بنعبد السلام زوج أخته بالعودة، إلا أنه في سنة 1975 عاد إلى فرنسا، وهذا الاختيار كان مرتبطا بحالة ابنه الصحية إذ كان يعاني من الربو، إذ استمر العلاج أكثر من سبع عشرة سنة حتى وجد نفسه أب لأطفال آخرين.

شهادات عن الفنان الإدريسي

قال ابنه إنه الأب والأخ والصديق وكل شيء، فالجمهور المغربي كان يحبه، وكان دائما يقيم الحفلات في القصر الملكي عند الحسن الثاني.

صديقه محمد نجيب بينبين الذي تعرف عليه بباريس، قال إنه كان معجب بأغانيه وإن المغرب لم يهتم به ويعطيه حقه، فقام أصدقاءه في باريس بتكريمه سنة 2003 بمعهد العالم العربي وكان التكريم ناجح، بحضور محبيه من المغرب والجزائر وتونس ومصر.

وقال صديقه الفنان المغربي محمد الادريسي كان يجول ويعرف بالأغنية المغربية في جميع أنحاء أوروبا.

المشاكل التي واجهته

بدأ الإدريسي الغناء في أيام الاستعمار وكانت له عائلة فنية، ففي تلك الأيام، كان يخبئ العود تحت الجلباب لأن المستعمرين لا يريدون ترك الفنانين المغاربة ولا الأغنية المغربية، وقال إن الأشياء الثمينة لا تمحى.

أغاني الراحل

كانت أغانيه مغربية أصيلة مثل الأغنية التي تتحدث عن أصالة القفطان المغربي وهي الأغنية الوحيدة التي تتحدث عن اللباس التقليدي، وأغنية عندي بدوية فهي من الترات المغربي الأصيل والجمال المغربي، وكذلك أغنية عويشة التي يوضح فيها جمال الفتاة المغربية، والتقاليد المغربية بالقول “جيبي الكولا وأجي تسكي”، ومجملا جميع أغانيه تجسد الثرات المغربي والجمال المغربي.