اقتصاد

“زراعات دخيلة” تستنزف الفرشة المائية بالمغرب.. والأفوكادو في صدارة الانتقادات

احتدم النقاش العمومي خلال الأسابيع القليلة الماضية، حول ندرة الموارد المائية بعد الشح الكبير في التساقطات المطرية إثر استمرار موجات الجفاف، ما أدى إلى تضرر المياه الجوفية، وفي ظل هذا الوضع الصعب وجهت الأنظار نحو القطاع الفلاحي وخاصة الزراعات المستهلك للمياه بكثرة، وعلى رأسها زراعة الأفوكادو.

وحسب خبراء، فإن شجرة الأفوداكو الناضجة تحتاج ما بين 1000 إلى 1300 ملم من الأمطار في السنة، بناءً على البيانات العلمية في المناطق الحارة، تستهلك شجرة الأفوكادو حوالي 45 لترا يوميا في الربيع، وما بين 136 إلى 220 لترًا يوميًا خلال الصيف، و121 لترًا يوميًا في الخريف.

بالطريقة العادية، الشجرة الناضجة من الأفوكادو تحتاج إلى ما بين 1000 إلى 1300 ملم (40-50 بوصة) من الأمطار في السنة. أما في مناطق البحر الأبيض المتوسط، فقد تحتاج الشجرة إلى حوالي 51 ملم (2 بوصة) من الماء في الأسبوع خلال أشهر الصيف الجافة والدافئة.

في هذا الإطار أكد الخبير المغربي في البيئية والتنمية المستدامة، أحمد الطلحي، أن فاكهة الأفوكادو تستهلك ما يقدر بـ 1000 لتر من المياه الافتراضية، ومقارنة مع بعض الفواكه التي يتم استهلاكها بكثرة كالبرتقال، فالأخير يستهلك ما مجموعه 600 لتر لكل كيلو غرام، وهو نصف الكمية التي تستهلكها الفاكهة الخضراء.

وحسب المتحدث فإن الأفوكادو فاكهة دخيلة على المغرب، كما أن العديد من البلدان التي تعد المنتج الأصلي لها، إما تخلت عن إنتاجها أو قلصت من نسب إنتاجها، وعلى هذه البلدان دول أمريكا اللاتينية.

وأوضح المتحدث أن الضيعات الصغيرة المنتجة للأفوكادو، تعتمد على ما يسمى بالسقي الصغير، الذي يستعمل المياه السطحية سواء من البحيرات أو الأودية أو من السدود التلية، لكن في الغالب نجد أن هذه الضيعات تعتمد بالأساس على المياه الجوفية، وذلك حسب المناطق إذ توجد فرشة مائية متجددة وأخرى غير ذلك.

وأشار الخبير البيئي إلى أن الإشكال يتجلى في كون أن الفرشة المائية المتواجدة مرتبطة بالتساقطات المائية أو الثلجية، وهنا نتحدث عن 4 ملايير متر مكعب من أصل 22 مليار أي 18 مليار من المياه السطحية و4 مليار من المياه الجوفية، مضيفا أنه خلال السنوات القليلة الماضية تدهورت وضعية الفرشة المائية بالمغرب في العديد من المناطق بالمملكة.

وشدد المتحدث على أنه كأرقام ومعطيات مدققة، حول ارتباط إنتاج فاكهة الأفوكادو بتراجع مستويات الفرشة المائية، أمر صعب التوصل إليه، كون أن زراعة هذه الفاكهة انتشرت بسرعة كبيرة، بعد الإقبال الكبير عليها سواء داخل أو خارج المملكة، لكن على العموم فإن الفرشة المائية داخل المغرب تراجعت بشكل جد كبير.

من جانبه أكد مختص في المجال الزراعي، فضل عدم ذكر اسمه، على وجوب التوفر على معطيات دقيقة وعدم السقوط في بعض المقارنات مع فواكه أخرى كالبطيخ الأحمر وغيره من الفواكه كونها لا تستقيم، فالأفوكادو فاكهة استوائية، عكس البطيخ الذي يزرع خلال فترات معينة فقط.

وحسب المتحدث فإن زراعة فاكهة الأفوكادو تستقيم في المناطق الاستوائية، حيث تتراوح التساقطات المطرية ما بين 1500 و1600 ملمتر في السنة، إلا أن المغرب يتميز بطقس حار يمتد إلى غاية 6 أشهر، بالإضافة إلى وجود ظاهرة “الشركي”، كما أن المنطقة الساحلية أضحت بدورها تعرف ارتفاعا في درجات الحرارة تصل إلى 40 درجة، وبالتالي فالجو غير مواتي لزراعة هذه الفاكهة الاستوائية.

وشدد الأستاذ الجامعي، أن الأفوكادو تستنزف الفرشة المائية بكيفية جد كبيرة، كما أن المناطق التي تعرف زراعة هذه الفاكهة لا تتجاوز فيها نسب التساقطات المطرية 400 ملمتر في حين أن الفاكهة تستهلك ضعف هذا القدر، وبالتالي فالفارق يتم تغطيته عن طريق استنزاف الفرشة المائية، وفي حال عدم توفير هذه الكميات خاصة أثناء ارتفاع درجات الحرارة فإن الفاكهة تتعرض للتلف.

وتعليقا حول الوضعية المائية بالمملكة، أشار المتحدث إلى صعوبة الوضعية المائية بالمغرب، خاصة وأن وفرة المياه انخفضت بنسبة 70 بالمئة خلال الخمس سنوات الأخيرة، وهو ما يعزى بالأساس إلى استمرار موجات الجفاف، التي تعرف اختلافا من منطقة لأخرى وعلى رأسها المناطق الجنوبية التي تعاني إلى جانب مجموعة من المدن التي أضحت تفتقر للماء الشروب.

واعتبر الخبير في المجال الزراعي، أن الإجراءات المتخذة وعلى رأسها تحلية مياه البحر، صالحة فقط لتزويد المدن بالمياه الضامنة لاستمرار الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالمياه، كل هل هي مياه صالحة للشرب؟ هذا سؤال يطرح خاصة وأن العديد من الدول العاملة على تحلية مياه البحر تشتري المياه المعدنية.

وشدد المتكلم على أن الإشكال المطروح يتمثل أساسا في تأثير التقلبات المناخية على المجال الفلاحي، مشيرا إلى أن المغرب ليس بقوة فلاحية، واستمرار الجفاف يشكل خطرا على المشتغلين بالقطاع، خاصة وأن 80 بالمئة من المساحات المزرعة تعتمد بالأساس على الزراعات البورية بشكل رئيسي.

وفي ختام تصريحه، أكد الأستاذ الجامعي، على وجوب الاستعداد للمستقبل في حال استمر الوضع على ما هو عليه، مع التفكير في الطرق الكفيلة لإنقاذ المشتغلين بهذا القطاع، مع تجنب اختزال المجال القروي في الأنشطة الفلاحية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • جاد
    منذ شهرين

    ديرو شي بحث صحافي ميداني على ضيعات الافوكا بالمغرب خصوصا واحد المشروع حديث الولادة بين تيفلت وسيدي علال البحراوي يضم هكتارات من الافوكا في ظل تحذير من انعكاساتها على الفرشة المائية من جهة ومنع زراعتها (تحدي)من جهة أخرى.