وجهة نظر

عبد الإله بنكيران السياسي المهرج !

أجمل شيء، يميز بنكيران عن غيره من قيادات البيجيدي وقواعده، أنه يقر بالشيء الغريب لو كان يرفضه الآخرون.

ولذلك بنكيران يعترف بتهريجه، أي يتعمد إضحاك الناس، قال عن نفسه:” أنا أول وآخر رئيس حكومة يضحك المغاربة”.

بل إن بنكيران حينما استخدم لغة عنيفة في إطار البوليميك السياسي، أقر بذلك، في وثائقي أعدته قناة ميد1تفي حول الحملات الانتخابية ل4 شتنبر 2015.

وقد كتبت مقالة علمية عن لغة بنكيران، فقلت:”إنه يشبه رواية أدبية يبوح بما لايستطيع أن يبوح به غيره”.

وهناك العشرات من الأمثلة، التي تثبت ذلك، لا يستطيع قيادي إسلامي أن يجرأ على البوح امام الجمهور، ستبقى كلمة :”عجبتيني” خالدة في الذاكرة، حينما قالها لمنشطة أمام زوجته. والكثير الكثير.

ولذلك لا مشكلة عند بنكيران أن يكون مهرجا، بل إنه يقول عن نفسه ايضا:” أنا لا أطيق الجدية” لا بد من أن يستعمل القفشات والنكت.

هذه ظاهرة تواصلية، طيلة خمس سنوات وهو يستخدم اسلوب التهريج، ولم يخضع لبروتوكلات الدولة، وهذا في العمق له دلالات معينة.

بل إنه في آخر خروج له في إطار الندوة الصحفية لتقديم البرنامج الانتخابي، أصر على أخذ الميكرو، ليحكي قصة الطفل الذي ركز نظره فيه إلى أن اصطدم بالعمود الكهربائي :”البوطو”.

أين يتجلى الإشكال؟

الإشكال أن يكون الإضحاك المبالغ فيه لغرض الإضحاك، فيصبح تهريجا مذموما، أما أن يكون التهريج أسلوب مرح لتوريط المتلقي بأسلوب سهل ليقتنع بفكرة معقدة، فهذا تهريج مقبول، وقد يكون التهريج فيه تلميحات سياسية من الصعب التصريح بها، وهكذا،
بل إن شخصية التهريج الذي صنعها بنكيران لنفسه، جعلته هو الوحيد الذي يستطيع ان يقول ما لا يقوله الآخرون، ويبرر المتلقي قوله: “إيوة هذا هو بنكيران”.

هو الوحيد الذي يستطيع ان يقول:” يا صاحب الجلالة وخا دخلني الحبس أنا معاك”

هو الوحيد الذي يستطيع ان يقول:” يا صاحاب الجلالة وخا منبقاوش في الحكومة نريد ان يبقى الرميد رئيس الحكومة”.
تعرفون أن الذي يمكن أن يسب الملك ولا يدخل إلى السجن، تعرفون من؟

هو الاحمق .. لأن الناس يقولون احمق

بنكيران بشخصيته التهريجية هذه، يستطيع ان يقول ما لا يقوله أي سياسي اليوم، هل يستطيع سياسي اليوم، أن يعلق على خطاب الملك وينتقده بادب.

في المجلس الحكومي، يقول :”على كل حال يا صاحب الجلالة القيامة لم تبدأ بعد”

هل يستطيع وزير أن يحكي لنا اتصالا هاتفيا:” إثر حادثة تيشكا” بينه وبين الملك، بنكيران يقول أن الملك أخبره ان سبب الحادثة : الروايض ملحوسين”.

فالتهريج عند بنكيران هو أسلوب في الخطاب السياسي، قد يظهر أنه يضحك الناس، لكنه – وهذا الشاهد عندي- يستثمره كأسلوب في الصراع.

ولكن أحيانا هذا التهريج :”يكون تخربيقا”، كأن يقف أمام إخوانه في المجلس الوطني، ويحكي لهم قصة أنه مرة قام ليغني فهرب الإخوان والأخوات..، أو أن يتحدث عن نفسه انا اعرف أحسن منكم الفرنسية والعربية..او أن يستخدم التهريج “لتجباد الوذنين” :”ودير عقلك الداودي” ويقول في الرباح:” قضيتك حماضت” ويقول له ايضا :” شد الصف” ويقول في حق القسطلاني:” علم الله شنو مشى كيدير”.

إذن، السياسي المهرج، ليس سياسيا يريد إضحاك الناس وفقط، السياسي المهرج له رهانات في السلطة، إنه منغرس في صراع، ويستخدم “تكتيك التهريج” ليقول ما لايقوله الكثيرون، ولكن هذا التهريج له أضرار جانبية سلبية، مدمرة وخاصة إذا استخدم ضد “الإخوان”، فلا يصبح تهريجا بل :”حكرة”.

فينتقل من السياسي المهرج إلى السياسي الحكار!