أدب وفنون، مجتمع

أبلال يفكك الثقافة في العالم العربي ويسائل الأنظمة في تعاملها مع المثقفين

عن المركز الثقافي للكتاب الدار البيضاء/ بيروت، صدر مؤخرا كتاب: “الثقافة في العالم العربي من الهوية إلى التنمية” لمؤلِّفِهِ الباحث في علم الاجتماع وأنثربولوجيا الثقافة، عياد أبلال.

يعالج أبلال ضمن مؤلَّفه إشكالية الثقافة من منظور سوسيو أنثربولوجي، مفككاً مكونات الثقافة في العالم العربي، ومتتبعاً تجليات الثقافي وعلاقته بالاجتماعي والسياسي.

ويرسم الكتاب، حسب ما صرح به الكاتب لجريدة “العمق”، “الخطوط العريضة للعرض الثقافي من خلال الكتاب، التراث، الفنون، الذاكرة الجماعية، المتخيل الشعبي، الثقافة الشعبية والثقافة العالمة، ودور المثقفين والسياسيين في البناء الثقافي للمجتمعات”.

في هذا سياق اعتبر الكاتب “أن الواقع الثقافي في العالمين العربي والإسلامي واقع مرير بالنظر إلى تخلف اللغة العربية مقارنة باللغات الحية في العالم وعلى رأسها اللغة الإنجليزية، كما أن الفنون والآداب تعيش أزمة كيرة بالنظر إلى تخلف إنتاجاتنا الثقافية، والتي باتت شأناً نخبوياً على كافة المستويات”.

ويرى أن “عدم قدرة الثقافة العربية والإسلامية على الإجابة عن أسئلة الواقع اليوم وجمودها مقارنة مع الحيوية التي تعرفها الثقافة الغربية، دفع بالشباب إلى البحث عن هذه الأجوبة في سياقات ثقافية أخرى، وهو ما يهدد في العمق الهوية العربية الإسلامية”.

وشدد على “الضرورة الوجودية تقتضي إعادة النظر في رؤيتنا للعالم والأشياء بالتسلح بالثقافة والهوية العربيتين والإسلاميتين، واستعادة أمجاد هذه الأمة لا يتحقق بالعودة إلى الماضي والركون إليه، بقدر ما يقتضي إعادة قراءة هذا الماضي واستخلاص العبر والدروس”.

ويطالب أبلال الأنظمة العربية بـ “إعادة النظر في تعاطيها مع الثقافة والمثقفين، بالنظر إلى دورهم في البناء المجتمعي والتنموي وصيانة الهوية، مشيرا إلى إن واقع الكتاب والقراءة وحالة الترجمة في المنطقة العربية والإسلامية لا يسمح إطلاقاً بمنافسة الغرب، ولا باستغلال التكنولوجيا والمعرفة الكونية، طالما أن القراءة هي مدخل كل المعارف، ولا تنمية تنبني على الجهل”.

ويقترح الأنثربولوجي المغربي من خلال هذا الكتاب “رؤية استراتيجية للثقافة العربية والإسلامية 2020-2030، معتبرا أن ولوج العالم العربي والإسلامي عصر الصورة والتكنولوجيا هو ولوج معاق طالما أن واقع الثقافة ما يزال كما كان منذ عقود”.

يقول الكاتب “إذا كان العالم ينحو اليوم في سياق العولمة نحو المطابقة والنمذجة والتعميم، فإن الخصوصيات الثقافية التي تشكل الأصل في البناء المجتمعي باتت مهددة بالأفول، ولهذا، تلعب الثقافة من منظور أنثربولوجي دورا مهما في تحصين الهوية. بيد أن هذه الهوية ليست مجرد شعار، بقدر ما هي أساس التنمية”.

وبناء وعليه، يشرح “ممكنات الهوية وقدرتها في صياغة النماذج التنموية الخاصة بكل دولة حسب ثقافتها وخصوصياتها، طالما أن التنمية ليست وصفة جاهزة. وهنا يسائل الكتاب الهندسة التكوينية للأنظمة العربية في تعاطيها مع الثقافة والمثقفين”.

ويضيف الأنثروبولوجي المغربي، إن الحديث عن الثقافة في العالم العربي والإسلامي لا ينفصل عن الهوية والانتماء من جهة، وعن التنمية من جهة أخرى. ذلك أن الثقافة هي الإطار العام الذي ينتعش فيه الرابط والنظام الاجتماعيين، ومن ثم لا يمكن تحصين الهوية دون تحقيق السيادة الثقافية، ولا سيادة ثقافية بدون تنمية.

ضمن هذا الأفق، يشار إلى أن أبلال قام بصياغة عدد من المؤشرات الإحصائية للتنمية الثقافية في العالمين العربي والإسلامي، يصبو من خلالها لجعل بلدان المنطقة قادرة على تقييم سياساتها الثقافية وتتبع سيرورتها بدقة ومنهجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *