منتدى العمق

التنسيقية النسائية: محكمة ضد أعداء حق المرأة

حقوق المرأة

تشبتت الحركة النسائية بعرف حقوقي منذ العديد من السنوات.  كان البدء مع إتحاد العمل النسائي ليصبح مناسبة لكل من له غيرة على دور المرأة في بناء مجتمع  واقتصاد  وسياسة على أسس العدالة  و المساواة الإيجابية بين الرجل  والمرأة. و لهذا الغرض استمرت الحركة النسائية في تنظيم محاكمة رمزية لا تستهدف الرجل  ولكنها تستهدف منظومة ذكورية قانونية  وسياسية ودينية تخالف المبادىء العليا للقانون  وحقوق الإنسان  وبناء مجتمع يضمن بناء الأسرة كنواة لبناء وطن يسمو بكل مكوناته.

أؤكد  وأشهد  وأنا هذا المواطن المتتبع لقضايا وطني أن  النساء أكثر صلابة من الرجال في الثبات على المواقف. أشهد،  وأنا في كامل وعيي التاريخي، أن النساء لهن قوامة تفوق تلك التي الصقت بذكور لا قدرة لهم على المسؤولية الأسرية. أشهد أمام محكمة الأسرة “الرمزية” أن عوامل تخلف بلادي ترجع، في  جزء كبير، إلى سيطرة فكر ذكوري على القرار  و على الحضور  وعلى تنظيم  سيطرة الظلم. أشهد أن النساء لهن علاقة شبه مقدسة مع ساعات الصباح الأولى. تستيقظن، والرجل لا زال غارقا في أحلام الذكور، لتحضر ملابس الأبناء  وفطورهم  ولكي تعبر بهم كل المسالك الوعرة  والخطيرة للوصول إلى المدرسة.

أشهد أن كثيرا من “الرجال” لا يطيقون الإجابة على أسئلة الأطفال المتعلقة بدروسهم وصحتهم  وأكلهم  ولباسهم. أشهد أن الرجل لا يطيق، في أغلب الأحيان، الاستيقاظ لمرافقة أطفاله إلى المدرسة ويكاد يكفر بواجبات الابوة مع رفع الصوت عاليا  لقمع صوت صغير يحمل سؤالا بريئا حول الحق في السؤال.

أشهد أنني أعطيت لأسرتي أقل بكثير مما أعطته زوجتي لها.  سافرت فغطت على غيابي. كانت الأكثر حضورا في ليالي مرض الأبناء وصراعها من أجل تخفيف آلامهم وهي تقدم لهم جرعات الدواء بحب وألم  وأمل في الشفاء. أشهد أن كثيرا ممن أعرفهم،  ومن بينهم مثقفون  ومناضلون  وحقوقيون وأشباه رجال كانوا يحملون في الداخل ضدهم كما قال مظفر النواب.

أشهد أمام محكمتكم الموقرة أنني. على العموم متخلف،  عفوا متخاذل، لا أنا ذلك الذي لم اتعاطف يوما مع قضية نسائية. كنت أعيش على هدي من ادعى أن لي الحق،  كل الحق أن أضرب هذه الزوجة غير المطيعة لأنها لا تستجيب لي متى شئت  ووقتما شئت. وأشهد أنني، كما سمعت من  فقهاء، عرفت بعد وقت أنهم شياطين، أن زوجتي سترجمها الملائكة والشياطين كلما قالت أنها مرهقة وتريد أن تستعمل حقها في الخلود إلى النوم.

أشهد  وأنا في  كامل وعيي، أنني أشعر بقدرتي على تدمير طليقتي كيفما شئت.  لدي القدرة على التغول عليها.  هي لن تقدر على مصاريف المفوض القضائي. وأنا يمكن أن أدفع آلاف الدراهم لأراقب وصولها رفقة إبني إلى المدرسة في الوقت المضبوط، وأراقب خروجها  ورجوعها إلى البيت، وأراقب أين ينام إبني الذي لا أتابع دراسته ولا تهمني تربيته ولا ملبس ولا تغذيته.

أشهد أن المال لا يعوزني  ولكن القضاء يرفض للمرأة أن لا تتعب من أجل البحث عن مكونات دخل  وأرباح الزوج وحساباته البنكية وعقاراته وكل مكونات ثروته.  قد ادلي بوثائق تحدد دخلي في مستوى بسيط جدا.  و هذا هو القانون الذي لا يمكن زوجتي السابقة  وأم أولادي أن تظل ضعيفة أمام مناوراتي. من حسن حظي أن المدونة لا تحمي المرأة في مجال النفقة. المحكمة تطلب من المرأة أن تقطع ألف ميل كمسافة لتبين بالدليل حجم دخل الزوج. وهنا يغيب العدل ويبدأ مسلسل تدمير مستقبل الأطفال وحتى الرضع من بينهم.

أشهد أيها السادة  والسيدات القضاة  والقاضيات أنني جد مطمئن على قدرتي على قهر المرأة بحكم القانون  وبالسيطرة على الأسرة. أنا القوي الذي أقرر تسجيل الأبناء في المدرسة. أنا  القوي الذي أقرر في تسليم نسخة من شهادة ميلادهم  و القبول في حصولهم على جواز السفر  و أنا  الذي قرر المشرع أن أكون الأقوى في مستقبل كل أفراد الأسرة.  وأنا الذي اتخذت قرار الطلاق  وعقاب كل أفراد الأسرة.

لدي دخل بالملايير ولدي رغبة في أن أصرف على أطفالي من امرأة انفصلت بقليل من الدراهم. وهذه الرغبة يعضدها حكم المحاكم وهذا هو القانون. أعرف أن كثيرا من أهل مهنة القانون يجتهدون لحماية الذكر من حجم مطالب أسرة قرر أن لا يراها في محيطه  ولا أن يتتبع مآل فلذات اكباده. أشهد أن كل المؤسسات تحميني من تبعات زواجي.

أشهد أن مدونة الأسرة تمنحني إمكانية إختيار مكان المحكمة التي ستنظر في قضية طلاقي. يمكنني أن أسجل عقد الزواج في المدينة التي اختارها  و أن أدفع ما يكفي لتنقل العدول إلى مدينة سكن الزوجة خلال حفلة عقد القران. و هكذا أتمكن من تعذيب أهلها عبر اجبارهم على التنقل لمرات متعددة  إلى محكمة مدينتي مع اثقالهم بمصاريف التنقل  و المبيت.

و لهذا  أشهد أنني أجد في القوانين الحالية سندا كبيرا لكي أؤكد أنني ذكر يلقى كل التقدير و القوة للتأكيد على أن ” الرجال قوامون على النساء ” بما ملكت أيديهم وبما مكنهم فيه المشرع من قدرات على قهر الأسرة وتحطيم مستقبلها.  أشهد أنا الذكر ذو القدرة أنكن لن تنقصن من امتيازاتي مهما طال الزمن.  هل سيتغير القانون بفعلكن…آنذاك  سأقول كلاما آخر في المحاكمة المقبلة سنة  2025.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *