خارج الحدود

تحقيق يكشف “سرقة” الجزائر لمياه تونسية و”تعطيش” مناطق حدودية

تونس الجزائر

سلط تحقيق جديد نشرته مجلة تونسية متخصصة، الضوء على أزمة الجفاف بالمناطق الحدودية لتونس، والتي عمّقها استنزاف الجزائر للموارد المائية المشتركة.

وبحسب التحقيق الذي نشرته صحيفة الكتيبة، فإن ما تعيشه المناطق الحدودية يعود بالأساس إلى التغيّرات المناخية وتداعيات السياسات المتّبعة من قبل دولة الجزائر التي لها حدود ممتدّة مع تونس تزيد عن 1000 كم في علاقة بالمجاري المائية المشتركة السطحية والموارد المائية الجوفية.

ونقل التحقيق شهادات من مزارعين بالمنطقة الحدودية أشاروا فيها إلى تدهور واقع قطاع الفلاحة الذي كان يؤمّن مورد رزق حوالي 700 عائلة في منطقة أمّ الأقصاب بولاية القصرين، وهي منطقة حدودية مع الجزائر تقع في الوسط الغربي للبلاد التونسية وتبعد حوالي 270 كم عن العاصمة تونس.

وأشار التحقيق إلى أن فلاحين بالمنطقة تركوا زراعة أراضيهم بسبب نقص المياه في المنطقة، مضيفا انه في الوقت الذي يقوم فيه الفلاحون الجزائريون بجني المحاصيل وحصد الأرباح، يقوم الفلاحون في المنطقة المذكورة بقطع أشجار الزيتون من أجل استعمالها كحطب.

ولفت التحقيق، نقلا عن فلاحين تونسيين، إلى إنّ هذه الرّبوع لا تحيا إلّا بالماء وكميّات الأمطار ضئيلة والجزائريون حرمونا من نصيبنا في المياه المشتركة على مرأى من الجميع دون أن تحرّك الحكومة التونسية ساكنا.

وقال المصدر ذاته إن وضع الفلاحين في منطقة أم الأقصاب من محافظة القصرين لا يختلف عن المأساة التي بات يعيشها الناشطون في هذا القطاع في محافظات تونسيّة أخرى حدوديّة مع الجزائر، وفق ما جاء في التحقيق الذي نشر امس الأربعاء.

وبسبب الجفاف والتغيّرات المناخية التي كان لها أثر شديد بمنطقة شمال إفريقيا، وفي إطار سعيها لتحقيق أمنها المائي، أوضح المصدر ذاته أن الجزائر ماضية في سياسة رفع عدد السدود في البلاد إلى 139 سدّا بحلول سنة 2030 دون مراعاة للأضرار التي يمكن أن تنجرّ عن ذلك في الجانب التونسي.

تأثير الجزائر على المناطق الحدودية مع تونس، أكده المندوب الفلاحي التونسي السابق والخبير في القطاع الفلاحي والموارد المائيّة محمد الميساوي، في تصريح للكتيبة، إذ أشار إلى أنّه بسبب الجفاف ونقص التساقطات في السنوات الأخيرة، باتت التنمية الفلاحيّة في تلك المناطق مهدّدة وتعتمد أساسا على الزراعات والغراسات المرويّة بالمياه السطحيّة أو السيلان المعبّأة بالسّدود أو بالمياه الجوفية من الآبار السطحيّة أو الآبار العميقة. في المقابل ازدهر الإنتاج الفلاحي في المناطق الحدوديّة الجزائرية مع تونس بفضل إقامتها لعدّة منشآت مائية على مستوى الأودية العابرة للدولتين، وفق تعبيره.

وأضاف الميساوي أنّ هذه المياه تتقاسمها كلّ من المحافظات الحدودية التونسية والمحافظات الحدوديّة الجزائريّة في بعض المناطق، فمثلا وادي ملاّق يمتدّ على طول 484 كلم منها 130 كلم بالبلاد التونسية ومصبّ هذا الوادي جلّه بالبلاد الجزائرية، إضافة إلى وادي هريهر بقلعة سنان من محافظة (ولاية) الكاف الذي كان يسقي حوالي 400 هكتار بمياه الفرش بمنطقة الفالتة التونسيّة إلاّ أنّه جفّ حاليّا بعد إحداث منشآت مائية في الجانب الجزائري، وفقا لما جاء على لسانه.

أمّا بالنسبة الى وادي ملاّق ووادي هريهر فقد كانا يغذّيان المائدة المائية السطحيّة بمنطقة الفالتة التونسيّة ما كان يساهم في ريّ حوالي 1000 هكتار، بيْدَ أنّها أصبحت الآن ناضبة تماما ما أثّر سلبا على حياة المزارعين التونسيين.ـات الذين تخلّوا عن النشاط الفلاحي، حيث تمّ إنشاء سدّ على وادي صرّاط بمحافظة (ولاية) الكاف التونسيّة لتعويض ما نقص من مياه السيلان ومياه المائدة المائية السطحية التي كانت تنهمر إلى الأراضي التونسيّة من الجزائر.

وقال المتحدّث ذاته إنّ الوادي الكبير الذي كان وما زال يغذّي المائدة المائيّة بأمّ الأقصاب من محافظة (ولاية) القصرين والمائدة المائيّة بشمال محافظة قفصة التونسيّة يمتدّ على طول 486 كلم انطلاقا من ولاية جيجل بالجزائر، موضّحا أنّ إقدام الجزائر على إنشاء سدّ الوادي الكبير أثّر بشكل سلبي على سيلان المياه في المجاري المشتركة مع البلاد التونسيّة في المناطق المذكورة سابقا.

وذكر التحقيق نقلا عن فلاح يدعى لعباسي أن الجزائر تشجّع مواطنيها من الفلّاحين في المناطق الحدوديّة على تعمير تلك الأراضي من خلال تشييد السدود وحفر الآبار ومنحهم امتيازات عديدة على تطوير إنتاجهم الفلاحي الذي بات يستنزف الحقوق المائية للدولة التونسيّة.

أما المنسق العام للمرصد التونسي للمياه، علاء المرزوقي، فقد أوضح في حوار مع مجلة الكتيبة، أنّ الموارد المشتركة تحكمها قوانين واتفاقيات دولية أو ثنائيّة في أغلب الأحيان كما هو الحال بين تونس والجزائر، مضيفا أنّ استغلال هذه الموارد دون استنزافها وبطريقة عادلة لا يسبّب إشكالا، لكن يصبح الوضع خطيرا عندما تعمد دول دون أخرى إلى الاستغلال المفرط للموارد المشتركة وهذا ما وقعت فيه الجزائر في السنوات العشر الأخيرة.

وقال المرزوقي إن “الجزائر كانت قد لجأت، في العشريّة الماضية، إلى تشييد سدود بشكل أحادي الجانب مضرّة بالطبيعة والبيئة وذلك لمجابهة أزمة الجفاف وتأثيرات التغيّرات المناخية، معتبرا أنّ “هذه السياسة الجزائريّة تسبّبت على سبيل المثال في هجرة فلاحي منطقة سيدي بوبكر من محافظة (ولاية) قفصة من أراضيهم والاستغناء عن زراعتهم، بينما تحافظ سيدي بوبكر الجزائرية على ثرواتها الزراعية المستنزفة للمائدة المائية على غرار البطاطا والقمح”.

ومما جاء في التحقيق أن مجلة الكتيبة وجّهت مراسلات وطلبات قصد الحصول على المعلومة إلى كلّ من وزارة الفلاحة والصيد البحري بتونس ووزارة الخارجية التونسية ووزارة الخارجية الجزائرية والسفارة الجزائرية بتونس من أجل الإستفسار عن هذا الملف الذي أرّق فلّاحي المناطق الحدودية التونسية بغية الحصول على توضيحات وتعليقات رسميّة حول النتائج الميدانيّة المشار إليها آنفا.

وقالت المجلة إن وزارة الخارجيّة التونسيّة اختارت عدم الردّ على مطلب الكتيبة مبررة ذلك بأن موضوع الطلب يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية التونسية الجزائرية وعدم إمكانية وضع ما يتّصل بها من وثائق ومعطيات على ذمّة العموم نظرا لما يمثّله ذلك من مساس بعلاقات تونس الخارجية”.

أما وزارة الفلاحة التونسية، فقد أكدت في جواب على طلب الكتيبة على أن الجزائر لم تعلم ولم تتشاور مع الوزارة بخصوص السدود التي تمّ إنجازها من الجانب الجزائري كسدّ ولجة ملاّق وعين الدالية. كما أنّه لم يتمّ إنشاء أي تنسيقية مشتركة بين تونس والجزائر التي من شأنها أن تتابع التصرّف في المياه المشتركة، وفق جواب الوزارة.

أما الجهات الرسمية في الجزائر فلم ترد على أي من طلبات المجلة، وقالت “الكتيبة”: “على الرغم من المساعي الحثيثة التي قامت بها هيئة التحرير في موقع الكتيبة للحصول على تصريحات من خبراء جزائريين في المجالين الفلاحي والمائي، إلاّ أنّ جميعهم رفضوا الخوض في الموضوع تحت ذريعة حساسيته لدرجة أنّ أحدهم حذّر من إثارة هذا الملف، واصفا إياه بأنّه مؤامرة صهيونيّة لزرع الفتنة بين البلدين الشقيقين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • Sam
    منذ شهرين

    من حق الدولة التونسية ان تنظر في هذا الملف الشائك والعمل على فضه ديبلوماسيا وان عجزت عن ايجاد الحلول مع المسماة الشقيقة فماعليها الا انتتوجه للمؤسسات الدولية للوقوف بجانب فلاحيها ومنظوريها

  • غير معروف
    منذ شهرين

    الكتيبة ما عملتش تحقيق على ما تستنزفه امها فرنسا و عصابات المافيا التونسية في كل الميادين وصولا الى الادمغة... نشم في ريحة المؤامرة الاماراتية الصهيونية المخزنية... بربي قداش خلصوكم، والا متطوعين لافساد علاقة البلدين????

  • غير معروف
    منذ شهرين

    الكتيبة ما عملتش تحقيق على ما تستنزفه امها فرنسا و عصابات المافيا التونسية في كل الميادين وصولا الى الادمغة... نعم في ريحة المؤامرة الاماراتية الصهيونية المخزنية... بربي قداش خلصوكم، والا متطوعين لافساد علاقة البلدين????

  • غير معروف
    منذ شهرين

    يا دعاة الفتنة كفاكم الإبداع بين الشعوب، .

  • غير معروف
    منذ شهرين

    الغريب إن بناء السدود في الملكة الغربية يعتبر انجاز ومكسب كسد قادوسة وفي الجزائري يعتبر سرقة

  • غير معروف
    منذ شهرين

    كاذ

  • غير معروف
    منذ شهرين

    ااا

  • الحسن
    منذ شهرين

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا يومن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "

  • ابو عبيدة قاهر المطبعين
    منذ شهرين

    الجزائر و تونس مثل السمن و العسل ابعدو عنا سمومكم

  • عبد القادر الجزاىري
    منذ شهرين

    اضن ان اشكاليه الجفاف تعاني منها جميع الدول المغارببه . وليس تونس فقط وان المصبات المائيه التي تتحدثون عنها انها تاثرت بهذا الجفاف وليس ان الجزاىر تمنعها عن اشقاىنا في تونس . لكن اصبح موضع الجزاىر يارق المراركه للأسف الشديد. ارجاء ان تحققو في موضوع الجفاف الذي يضرب المروك فهو افضل لكم

  • ABDELAZIZ R
    منذ شهرين

    هراء عياشي لزرع الفتنة بي الأشقاء التونسيين و الجزاءريين لكن سعيكم النكران لن تكون له نتيجة