رئيس المخابرات الجزائرية السابق يفر إلى إسبانيا هربا من “مؤامرة اغتيال”

كشفت صحيفة “El Confidencial” الإسبانية أن الجنرال عبد القادر حداد، الرئيس السابق للمديرية العامة للأمن الداخلي في الجزائر، فر إلى إسبانيا على متن قارب سريع في عملية هروب مثيرة بين يومي 18 و19 شتنبر الجاري. وأوضحت الصحيفة، نقلا عن مصادر أمنية إسبانية ومغتربين جزائريين، أن حداد، الملقب بـ”ناصر الجن”، وصل إلى سواحل أليكانتي بعد أربعة أشهر من إقالته من منصبه ووضعه قيد الإقامة الجبرية، حيث كان من المقرر أن يمثل أمام القضاء قريبا.
وأكدت الصحيفة أن الجنرال حداد اتخذ قراره بالفرار لأنه علم، وفقا لما نقله عند وصوله، بوجود مخطط لاغتياله قبل محاكمته وتقديم وفاته على أنها عملية انتحار. وأضاف المصدر أن إقالة حداد جاءت لأسباب غير معلنة، حيث تم نقله إلى سجني البليدة ثم بشار العسكريين قبل فرض الإقامة الجبرية عليه في فيلا بحي دالي إبراهيم الراقي في العاصمة الجزائرية، تحت حراسة الشرطة العسكرية التي تمكن من الإفلات منها.
وأشار المصدر ذاته إلى أن عملية الهروب أحدثت صدمة في هرم السلطة بالجزائر، ما دفع السلطات إلى شن عملية أمنية واسعة النطاق شملت تحليق المروحيات فوق العاصمة ونشر الحواجز الأمنية وتفتيش المنازل، في مشهد أعاد للأذهان أجواء “العشرية السوداء” في التسعينيات. وتابعت الصحيفة أن هذه الإجراءات تسببت في اختناقات مرورية هائلة وحالة من الحيرة لدى سكان العاصمة الذين لم يفهموا سبب هذا الاستنفار، خاصة في ظل التعتيم الإعلامي الرسمي، حيث اقتصر تداول الخبر على منصات التواصل الاجتماعي.
وذكرت الصحيفة أن أولى تداعيات عملية الهروب كانت إقالة الجنرال محرز جريبعي، قائد المديرية المركزية لأمن الجيش، وهي الجهة المسؤولة عن حراسة السجين الهارب. وفي سياق متصل، أوضحت الصحيفة نقلا عن الصحفي الجزائري فريد عليلات في مجلة “Le Point” الفرنسية، أن سقوط حداد المفاجئ قد يعود إلى تحقيقات بدأها حول قضايا فساد ومصالح غير مشروعة تورط فيها مقربون ومساعدون لرئيس الدولة، متسائلا عما إذا كانت تلك التحقيقات قد هددت مصالح النافذين.
وأوردت “El Confidencial” أن هذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الجنرال حداد إلى إسبانيا، حيث يمتلك عقارات، فقد سبق له أن أقام في أليكانتي أواخر العقد الماضي هربا من حملات التطهير التي قادها رئيس الأركان الراحل أحمد قايد صالح بعد إطاحته بالجنرال محمد مدين وتفكيك جهاز الاستخبارات والأمن القوي (DRS) في عام 2015. وعاد حداد إلى الجزائر بعد وفاة قايد صالح في 2019، ليتم تعيينه لاحقا على رأس الأمن الداخلي من قبل الرئيس عبد المجيد تبون في يونيو 2024.
وخلصت الصحيفة إلى أن الحادثة تسلط الضوء على الصراع المستمر بين الأجنحة في قمة المؤسسة العسكرية الجزائرية، مشيرة إلى أن إسبانيا لطالما كانت وجهة للمسؤولين الجزائريين، مثل الجنرال خالد نزار الذي لجأ إليها قبل وفاته. كما ذكّرت بحوادث أخرى غامضة مثل وفاة العقيد عمر بن شايد وابنه دهسا بقطار في أليكانتي عام 2001. وأضافت الصحيفة أن إسبانيا لم تسلم من قبل ضباطا جزائريين رفيعي المستوى، لكنها سلمت في عام 2022 عنصري درك سابقين هما محمد بن حليمة ومحمد عبد الله، اللذان كانا يفضحان الفساد ويقضيان الآن أحكاما طويلة بالسجن في بلدهما، وذلك في تناقض واضح في سياسة التعامل مع اللاجئين العسكريين الجزائريين.
اترك تعليقاً