اقتصاد

تقرير يسلط الضوء على أهم تحديات قطاع الطاقات المتجددة بالمغرب

أوضح المعهد المغرب لتحليل السياسات، في تقرير له حول سياسات التحول الطاقي في المغرب، أن الاستثمار في قطاع الطاقة بالمغرب تواجهه العديد من التحديات وعلى رأسها تحديات مؤسسية، تتعلق بسوء الإدارة بين الجهات الفاعلة الرئيسية في هذا المجال وكذا تحرير سوق الطاقة من خلال سنِّ قوانين محفِّزة وإنشاء مخططات لتعريفة التغذية الكهربائية لحقنها في الشبكة.

وحسب ما كشفه المصدر ذاته، فإن الهدف اليوم ينصب حول توجيه الاستثمارات الحالية بعيدا عن التقنيات التقليدية عالية الكربون نحو البدائل منخفضة الكربون، مضيفا أن تقدم البلاد في تحويلها الطاقي يستلزم جذب المزيد من الاستثمارات تخص الوقود الانتقالي للتخفيف من تحديات التقطع المرتبط بمصادر الطاقة المتجددة.

الاستثمارات الخاصة

واعتبر التقرير، الذي تم تقديمه خلال لقاء تواصلي خصص لعرض مشروع ومنجزات الجسر الأخضر للنتقال العادل، أن مشاركة رأس المال الخاص حاسمة خاصة للمشاريع التي تتطلب رأس مال مستثمر كبير كتلك التي تركز على الطاقة الشمسية المركزة على نطاق واسع. واستنادًا إلى نتائج وكالة الطاقة الدولية، يُفضل أن تخصص الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية متوسط استثمار سنوي يبلغ 1200 مليار دولار أمريكي لتطوير البنية التحتية لإمدادات الطاقة.

وأكد المصدر نفسه أن هذا الأمر يترتب عنه عجز في التمويل يتجاوز 500 مليار دولار مقارنة بالاستثمارات السابقة البالغة 708 مليارات دولار، مشيرا إلى أن القطاع العام لن يقون قادرا على توفير كل الأموال الضرورية بالنظر للأهداف الإنمائية الحالية والالتزامات المالية المترتبة عليها.

وتواجه المغرب تحديات مرتبطة أيضا بوضع السياسات في المغرب والمتمثلة أساسا في مواكبة الطلب المتزايد على الكهرباء وتصدير الفائض، كما يتوقع أن يشهج الطلب يادة بالضعف تقريبا من المعدل الذي شهدته منطقة شمال البحر الأبيض المتوسط.

وفسر التقرير هذا المعطى بالنمو السكاني والتقدم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالإضافة إلى زيادة استخدام الأجهزة الإلكترونية وتزايد النشاط التصنيعي في جميع أنحاء البلاد.

حاجة متزايدة ومشاكل عدة

ويرى المعهد اليوم أن المغرب تواجهه تحديات كبيرة فيما يتعلق بالعرض والطلب المحتملين على الطاقة، كما أن حاجة الدولة المتزايدة على الطاقة، يؤدي إلى زيادة الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري المسبب للانبعاثات الكربونية، وفي ضوء هذه القضايا، وضع المغرب أهدافا طموحة لتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء، كما أنه من المتوقع أن يؤدي تحقيق هذه الأهداف إلى تغيير جذري في قطاع الطاقة في المغرب.

وتابع أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب استثمارات ضخمة من القطاعين العام والخاص. ومع ذلك، تشكل المخاطر المتنوعة عقباتٍ أمام الاستثمارات الخاصة في مجال مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التمويل ويثير تحفظات بشأن مصادر الطاقة المتجددة المكلفة للمشاريع الكهربائية.

هذا، وتعاني بعض البرامج الموضوعة وعلى رأسها برنامج نور الذي تشرف عليه الوكالة المغربية للطاقة المستدامة من تأخر متراكم في إنجاز مشاريعه، بالإضافة إلى تكلفة إضافية بسبب اختيار التقنيات المستخدمة ونموذج الأعمال المعتمد.

ومن بين أكبر التحديات التي تواجهها المملكة في إنتاج الطاقة هو ضرورة التوقف عن استخدام الفحم، اذ لا يزال يهيمن على الإنتاج على الرغم من تزايد مصادر الطاقة المتجددة، وشكل الفحم سنة 2020 حوالي 68٪ من إجمالي توليد الكهرباء، حيث حل في المقام الأول من قائمة الواردات، فيما شكلت مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الكهرومائية، نحو 19٪ من إجمالي إنتاج الكهرباء.

وشدد التقرير المذكور على أن اعتماد المغرب أساسا على الواردات لتلبية احتياجاته من الطاقة، يضع عبئا ثقيلا على الميزان التجاري وكذلك ميزان المدفوعات، علاوة على ذلك فإن مجموعة من المشاريع ورغم المخصصات المالية الضخمة لها، إلا أنها لم تنجز بالكامل ولم تحقق الأثر المتوقع، نظرا لمجموعة من الأسباب المتعلقة بالجانب السياسي والاقتصادي والتنظيمي.

وحسب المصدر ذاته فإن قرار خصخصة مصفاة التكرير الوحيدة بالمغرب كان له عواقب وخيمة على سوق الوقود والمالية العامة، إذ كان من الممكن أن يمكن نشاط التكرير من تدبير الوضع الاقتصادي الحالي، بالإضافة إلى ذاك ذكر التقرير العديد من العراقيل التي تواجه مجال الطاقة بالبلاد وعلى رأسها مشاكل متعلقة بالقيود الصناعية، إذ تشكل تكلفة الطاقة عائقًا للقدرة التنافسية للشركات الصناعية، وتجعل الاستثمار في بعض القطاعات غير ممكن، مثل صناعة الحديد والصلب والمعادن والهندسة الميكانيكية.

آفاق واعدة

التقرير المنجز لم يستثني أيضا مختلف المجهودات المبذولة من قبل المغرب من أجل الاستمرار في صناعة الطاقات المتجددة وجعلها ركيزة أساسية يقوم عليها اقتصاد المملكة سواء من المدى القصير أو البعيد، مذكرا بأهم المراحل التي مر منها هذا المجال وأهم المشاريع التي تم العمل عليها.

المعهد المغرب لتحليل السياسات، اعتبر أن تمكن المغرب من تسريع وتيرة الانتقال الطاقي سيساعده في أن يصبح رائدا في إنتاج الطاقة منزوعة الكربون “الهيدروجين الأخضر”، ما يفتح أمامه أسواق تصديرية جديدة، إلا وجود خطط طموحة قيد الإعداد يستلزم التغلب على التحديات التكنولوجية، بما في ذلك التحويل، والنقل، والتخزين، وفقدان التنوع البيولوجي، قبل أن يتمكن المغرب من بدء تصدير الهيدروجين الأخضر.

وأضاف أن المغرب سيتمكن من خلال المزج بين الطاقة النووية والغاز الطبيعي من استغلال احتياطاته المكتشفة حديثاً من الغاز الطبيعي، وتقليص اعتماده على المنتجات البترولية، ومعالجة مشكلة الانقطاع الذي يميز الطاقات المتجددة مما يجعل الاعتماد عليها بنسبة 100% أمراً غير ممكن.

وشدد التقرير الصادر عن العهد على وجود دول تقدم آفاقًا للتعاون المشترك في هذا المجال، بما في ذلك كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا واليابان وروسيا. تتحمل روسيا مسؤولية إنتاج حوالي ثلث، أو 33%، من إمدادات الوقود النووي على الصعيد العالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *