اقتصاد

التجارة الإلكتروينة بالمغرب تسائل مدى فعالية الترسانة القانونية

عرف قطاع التجارة الإلكترونية داخل المملكة المغربية نموا متسارعا خلال السنوات القليلة الماضية، تطور يعزى أساسا إلى انتشار المنصات الرقمية للتسوق وتزايد استخدام وسائل الدفع الإلكترونية، ورغم احتلال المغرب المرتبة 85 عالميا في مجال التجارة الإلكترونية إلا المجال يظهر آفاقا واعدة.

ويُعرّض هذا التطور المستهلكين للعديد من المخاطر، مثل عمليات الاحتيال وعدم احترام الضمان والجودة والاستخدام الاحتيالي للبيانات الشخصية وسرقة المدفوعات من قبل قراصنة الإنترنت، وقد أضحت هذه المشاكل الأمنية تحديا حقيقيا لتنظيم هذا المجال بشكل فعال تقنيًا وقانونيًا.

ورغم كل المجهودات المبذولة من قبل الجهات المسؤولة لتحسين الأمن السيبراني، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو مدى فعالية الإطار التشريعي الحالي لحماية المستهلكين.

هذا، وقد وتم سنّ عدد من القوانين خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك القانون 31-08 المتعلق بحماية المستهلك، والذي خصص فصله الثاني للعقود المبرمة عن بعد، بالإضافة إلى ذلك فإن النظام القانوني يتضمن القانون رقم 53-05 المتعلق بتبادل البيانات الشخصية إلكترونيًا، لكن تطبيق هذه القوانين، أظهر العديد من المشكلات.

في هذا السياق أوضح رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، أن التسوق من الفضاء الرقمي ينقسم إلى شقين، الأول يتعلق بالمواقع الإلكترونية التي تمارس عملها بشكل مقنن، حيث يتوفرون على ترخيص من وزارة التجارة، وفي حال وجود أي إشكال لدى المستهلك فإن جمعية حماية المستهلك تتدخل من أجل حل المشكل.

أما الشق الثاني يتعلق بمواقع التواصل الإجتماعي غير المقننة، وهي شبيهة بالقطاع غير المهيكل، وبالتالي فإن المواطن غير محمي أثناء القيام بمثل هذه الممارسات، خاصة مع عدم وجود إطار قانوني يحميه فيما يتعلق بالتجارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وحذر الخراطي المستهلكين من إقتناء أغراضهم عبر هذه المواقع، مؤكدًا على أن القانون الحالي لا يشمل سوى المواقع المرخصة لمزاولة نشاطها عبر الفضاء الرقمي، مشيرا إلى أن اقتناء المواطن من هذه المواقع يسمح له بالحصول على مهلة تعادل الأسبوع من أجل إرجاع المنتج في حال عدم الرضا عن المنتج المقدم.

وأشار المتحدث في تصريح لـ “العمق” إلى أن القانون 31-08، الذي تمّ إصداره سنة 2010، قد أصبح متجاوزًا مع التطورات الهائلة التي شهدها الفضاء الرقمي، مضيفا أن هذا القانون لا يحمي المستهلك بالشكل الكافي، خاصةً مع ازدياد عمليات النصب والاحتيال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشار الإعلانات المضللة وغيرها من الظواهر السلبية.

وطالب الخراطي بإعادة النظر في القانون 31-08 وتطويره ليتلاءم مع التطورات الحاصلة في مجال التجارة الإلكترونية، خاصةً فيما يتعلق بالتجارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

كما دعا إلى إحياء مشروع مدونة لحماية المستهلك، الذي تمّ التفكير فيه سنة 2016 بالتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة، بدعم من السوق الأوروبي.

وأكد المتحدث على أهمية هذا المشروع في توفير حماية أفضل للمستهلكين من مخاطر التجارة الإلكترونية عبر مختلف المنصات.

وفي ختام حديثه، شدد الخراطي على ضرورة توعية المستهلكين بمخاطر التجارة الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واتباع قواعد السلامة عند إجراء أي عملية شراء عبر الإنترنت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *