مجتمع

سحور وإفطار بين الجبال.. مواطنون يختارون الهروب من ضوضاء المدن في رمضان

صوم وإفطار وسحور بين الجبال.. مواطنون يختارون الهروب من المدينة في رمضان

في الوقت الذي يفضل فيه معظم المغاربة قضاء أوقات الصيام وسط العائلة، يفضل البعض الآخر استغلال الوقت وسط الطبيعة، وممارسة الرياضة الجبلية، وتناول الفطور والسحور تحت ضوء القمر بعيدا عن المدينة.

جريدة “العمق” عاشت تجربة رفقة ثلة من الشباب اختاروا التوجه إلى شمال المغرب، وبالضبط لمنطقة “منتزه الكوف” وهي منطقة جبلية تبعد عن مدينة طنجة بحوالي ساعتين.

نصبوا الخيم، وسارعوا لإعداد مستلزمات المبيت تحت ضوء القمر، معتبرين التجربة فرصة للتأمل والاستراحة من أعباء الحياة وما تفرضه سرعة العيش بالمدينة.

عبد النبي عبوشي، يهوى الطبيعة ورياضة الجبل والهروب إلى حياة الشجر والحجر، قال في تصريح لـ”العمق”، إنه في الوقت الذي يفضل فيه الكثير من المغاربة تناول وجبات إفطارهم في الشواطئ، ارتأت جمعية قمم للرياضات الجبلية، وهي الجمعية المختصة في الرياضات الجبلية بمدينة طنجة، أن تختار منتزه الكوف العلوي المطل على مدينة المضيق للإفطار والمبيت كوجهة تضمن روعة الطبيعة وجودة الهواء، وهدوء المكان.

هذه الخرجات، يقول رئيس الجمعية، تشمل جميع شرائح المجتمع ومن كل الأعمار، وتفتح مجالات سياحية جديدة و تُعَرِّف برياضات جبلية واعدة، مبرزا أنه وأعضاء الجمعية، يطمحون للرفع من نسبة ممارسيها بشمال المملكة مثل التسلق، الاستغوار، التزلج والمشي الطويل.

ياسين جيبط، قال إن شغفه بالتخييم لم يكن عن تقليدٍ واتِّباعْ، وإنما عن حُب واقتناع، ترجع جذوره إلى سنواتٍ خَلت في مخيمات الطفولة، و”التي اكتسبتُ فيها العديد من القِيَم النّبيلة أذكُر منها على سبيل المثال لا الحصر؛ تعزيز روح الفريق وتحسين سُلوك التّعاون في أداء المُهمات، إلى جانب الانضباط والنظام والتعاون، وتعزيز الشُّعور بالمسؤولية والثقة بالنفس”.

وتابع الشاب الثلاثيني: “مع تقدمي في العمر ازداد شغفي بالتخييم لِمَا كَشفَهُ لي من منافع وفوائد لم أكن أُلقي لها بالا في السّابق، ولم تُكْشَفْ لي إلا من خلال التَّجربة وَخَوض غِمار عَيشها بالمَيْدَان”.

وذكر ياسين في هذا الإطار فعل التأمل كعبادة يمكن ممارستها بشكل أفضل في الطبيعة، مضيفا أن “حياة المخيم تسْهم في تعزيز الإيمان والروحانيات لدى الفرد عن طريق هذا التّأمل والتّفكير في الطبيعة وخَالقها، وفي كافة القَضايا التي تخصُّ معرفة الكَون وآياته”.

من جهة أخرى، أشار ياسين إلى مساهمة هذه الخرجات في تنمية مهَارَات التواصل، “إذ يُعتبر التواجد بالمخيم ووسَط المَجموعة أو وَسط أسْرتك وأفراد عائلتك، مهما وسَيَعُود عليك بالنّفْع في هذا الجانب، خاصة من حيث تَحْسين مهارات الاستماع، ومُراعاة مشاعر الآخرين، وتحسين القدرة على التعبير عن الاحتياجات الشخصية، وتبادل المعلومات ونقاش الآراء والأفكار والخبرات”.

تخفيف الضغط النفسي، من الأمور التي تساهم فيها خوض مثل هذه التجارب، يقول المتحدث، موضحا أن “المستويات العالية من الضغط تُؤثر بِشكل سِلبي عَلى الصحة، والتواجد بالمخيم يسهم في تنمية الصّحة النّفسية والعَقلية بِقَضاء فَترة زمنية في جو من الهدوء والراحة والبُعد عن التوتّرات العصبية الناتجة عن العمل أو الدراسة”.

التخلص المؤقت من السموم الرقمية كما وصفها ياسين، من الأبعاد الإيجابية لخوض مثل هذه التجارب، مبرزا أن “حياة المُخيم تبعد عن التكنولوجيا، إذ تكون غالبية المُنتزهات وفضاءات التخييم البعيدة عن المجال الحضري ضعيفة الاتصال أو منعدمة أحياناً، ما يتيح الاسترخاء والاطلاع وقراءة الكتب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *