مجتمع

الطوزي: زلزال الحوز كشف عن جهل المسؤولين التكنوقراط بواقع العالم القروي

قال الأستاذ والباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية، محمد الطوزي، إن “زلزال الحوز” كشف النقاب عن نقص حقيقي لدى بعض المسؤولين التكنوقراط في فهم واقع العالم القروي بشكل عام والأطلس الكبير بشكل خاص.

وأضاف الطوزي في مقال رأي على صحيفة “جون أفريك”، أن بعض المسؤولين طرحوا أسئلة سخيفة تجمع بين الجهل والازدراء، بحيث شككوا في عقلانية العيش في مرتفعات لا يمكن الوصول إليها بسياراتهم ومكلفة بالنسبة لمخططاتهم.

وتابع في مقاله المعنون بـ” في المغرب.. التحديات المتعددة لإعادة الإعمار بعد 6 أشهر من الزلزال”، أن هؤلاء المسؤولين ذهبوا إلى حد اقتراح إعادة تجميع الأسر المتضررة في المخيمات في انتظار نقلهم إلى مواقع جديدة، غير أنهم اصطدموا بمقاومة السكان لفكرة الابتعاد عن منازلهم ولو للحظات.

وأبرز أستاذ العلوم السياسية، أن بيان الديوان الملكي الذي شدد على ضرورة الاستماع المستمر إلى السكان المحليين، كان بمثابة حجج لهؤلاء القرويين من أجل ثني بعض التكنوقراط وجعلهم يغيرون وجهة نظرهم.

وسجل الطوزي، أن زلزال الحوز، كان من أعنف الزلازل في تاريخ المغرب، واصفا إياه بأنها “دراما جماعية رهيبة”، كشفت عن بعض الاختلالات خاصة فيما يتعلق بمعايير البناء والثقافة السياسية وعدم المساواة.

لكن هذه الدراما، يضيف العضو بلجنة النموذج التنموي الجديد، كشفت أيضا عن العديد من الحقائق، وأظهرت تجاوبا وحنكة من قبل مؤسسات ومجتمعا مدنيا قويا، وكان ذلك أيضا بمثابة فرصة لإظهار السيادة والتضامن الذي كان من الصعب فهمه في الخارج.

وأشار إلى أنه بعد إجراءات الطوارئ التي تم تنفيذها بشكل جيد، حان الوقت لإعادة الإعمار، حيث قال الطوزي، إن هذه المرحلة التي تندرج ضمن سجل السياسات العامة، كشفت الصعوبات التي تواجه الدولة في “التنفيذ” ضمن إطار مؤسسي محدد المعالم، وفي جعل الجهات الفاعلة من ثقافات مختلفة تعمل معا: المعماريون والمهندسون والسلطات والمسؤولين المنتخبين والمجتمع المدني.

في هذا السياق، تحدث الطوزي عن وجهات نظر متباينة فيما يتعلق بطرق تنفيذ عمليات الإعمار: هل نعيد البناء أم نقوم بالترميم؟ هل نعمل باستخدام المواد المحلية ونستخدم المعرفة المحلية أم نختار الخرسانة الجاهزة بالكامل؟ هل نستعين بالشركات الكبيرة أم نختار البناء الذاتي؟، مبرزًا أن من بين أهم النقاط العمياء، يأتي الاهتمام بالنظم البيئية.

وبحسب الباحث في علم الاجتماع، فإن الفاعلين العموميين والخواص، لا يهتمون إلا بالإسكان في حين أن الزلزال قد أخل بتوازن هذه المناطق “لقد تعرضت المدرجات لأضرار جسيمة، مثلها مثل شبكات الري التي كلفت ملايين ساعات العمل على مدى عدة أجيال. وقد هلك جزء كبير من الماشية وفقدت مخزونات الحبوب”.

في سياق متصل، قال الطوزي إن التأخير في إحداث وكالة لتنمية الجبال، يترك المجال للتدخلات القطاعية التي تتبع منطقًا وثقافات عمل محددة، مشيرًا في هذا الإطار، إلى أن عمال الأقاليم المتضررة من الزلزال ومصالح الدولة اللامركزية المسؤولة عن هذه المناطق يتعرضون لضغوط.

وأشار إلى أن مفهوم هؤلاء للأداء والكفاءة تحكمه الضرورات الأمنية، خاصة وأنهم تحت وطأة ضغط الرأي العام، على شبكات التواصل الاجتماعي التي ينتشر فيها التمثيل الدرامي والأخبار الزائفة والتي تعزز نموذجا اقتصاديا يعتمد على عدد الإعجابات. ونتيجة لذلك يضيف الطوزي “تتخلى الإدارات عن تخصيص الوقت الكافي لمعالجة كل حالة على حدة والتشاور مع السكان المعنيين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *