مجتمع

نفاذ الأدوية بالمغرب يبلغ 20%.. وصيدلاني: “الدواء الجنيس” لا يلبي الحاجيات

تعيش صيدليات المغرب على وقع نفاد مخزون مجموعة من الأدوية، الأمر الذي يعرض صحة المواطنين، خاصة المصابين بأمراض مزمنة لأخطار صحية كثيرة، ويجعل أمن المجتمع الدوائي على المحك. كما يسائل مدى نجاح خطة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في ما يتعلق بالأدوية الجنيسة.

الدكتور الصيدلاني والخبير في السياسات الدوائية، هشام خرمودي، أكد في تصريح لجريدة “العمق”، غياب عدد من الأدوية عن الصيدليات، موردا عددا من الأسباب والعوامل وراء ذلك، أبرزها عدم السماح للصيادلة بالحق في استبدال الدواء الذي يصفه الأطباء.

وقال خرمودي إن نفاذ مخزون الأدوية، أضحى “يؤرق المنظومة الصحية ككل ويتهدد الأمن الدوائي”، موردا أن سلاسل التوريد باتت تعاني الأمرين بفعل الندرة التي أضحت تعاني منها العديد من الأدوية خاصة المستوردة منها.

وقدر الدكتور الصيدلاني في التصريح ذاته حدة النفاذ هذا بـ”حوالي 20٪ من سلة الأدوية المسوقة بالمغرب، أي ما يناهز 1200 دواء”.

عوامل النفاد

أوضح خرومودي أن هناك عدد من العوامل التي تضافرت وأنتجت الوضع الراهن، منها؛ الاضطرابات الجيوسياسية الدولية ومشاهد الحروب والتوترات وأثرت على الطبيعة اللوجيستيكية الخاصة بالنقل والتوزيع.

يضيف الدكتور القول أن لهذه الأزمات الدولية تأثير كبير على توريد المواد الأولية وأثمنتها مما جعل العديد من المصنعين والمستوردين للأدوية بالمغرب يودعون طلبات رفع أثمنة البيع لدى وزارة الصحة، وهذا الأمر له مساطر خاصة قد يطول النظر فيها.

سوق غير محفز

أشار خرمودي أيضا إلى أن من العوامل الداخلية المسببة في نفاد مخزون بعض الأدوية بالمغرب، كون السوق المغربية لم تعد مغرية وغير محفزة لصانعي الدواء ومسوقي عدد من الأدوية ذات الثمن المنخفض، بسبب المرسوم رقم 852-13-2 الخاص بآليات وكيفيات تحديد أثمنة الأدوية.

ويقضي هذا المرسوم بمراجعة الأثمنة كل خمس سنوات (révision quinquennale) بغرض نقص ثمنها كلما انخفضت الأثمنة في إحدى دول المقارنة المعيارية الست 6، وهي السعودية، تركيا، فرنسا، بلجيكا، اسبانيا و البرتغال.

وأوضح الدكتور أن هذا التخفيض المزمن والرتيب في أثمنة الأدوية جعل العديد من الموردين يستغنون عن مد السوق المغربية بأدوية ذات أثمنة جد منخفضة لأنها لا تدر الربح عليهم.

ونفس الشيئ مع الأدوية المستوردة، يفيد خرمودي، في التصريح ذاته، أنها أضحت أيضا غير مدرة للربح المحفز والمغري، بسبب مصاريف الشحن والنقل والتعشير الجمركي، خاصة إذا كان الطلب عليها ليس كبيرا بشكل كافي.

القانون متشدد والواقع “منفلت”

بالعودة إلى القانون المنظم، نجد أن المادة 15 من القانون رقم 17.04، وهو بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، متشدد في ضمان تموين السوق المغربية بكمية وفيرة للدواء.

وبموجب المادة أعلاه، يمكم للإدارة أن “تقرر وقف أو سحب الإذن إذا تبث لها أن صاحب الإذن بالعرض في السوق بسحب رخصة المزاولة في حال ما أن نفذ مخزون الأدوية لمدة 6 أشهر متوالية”.

كما أن المادة 85 من القانون نفسه، تشدد على المؤسسات الصيدلية التوفر على مدخرات احتياطية التي تقول بصنعها أو استيرادها أو توزيعها، وذلك من لضمان التموين العادي للسوق.

خطة الوزارة

وزارة الصحة والحماية والاجتماعية المغربية في خطتها لحل مشكل نفاذ أدوية بعض الأمراض المزمنة من الصيدليات، أفادت أنها تقوم بتشجيع تسجيل أدوية مماثلة جنيسة لتوفير البدائل للدواء الذي يوجد في حالة احتكار.

كما أعلنت في وقت سابق، في رد على أسئلة نواب بربمانيين، اعتمادها مراقبة دائمة ومتواصلة للمخزون الاحتياطي الشهري للأدوية، وإلزام المؤسسات الصناعية المحلية المصنعة والموزعة للأدوية باحترام المخزون الاحتياطي للأدوية.

وكانت وزارة الصحة، وفق إفاداتها، قد صرحت بأنها عممت دورية للتذكير بالمقتضيات القانونية الخاصة بالمخزون الاحتياطي وبنفاذ المخزون، مشيرة على أنها عززت المرصد الوطني لتوفير الأدوية والمنتجات الصحية بالموارد البشرية.

“الجنيسة” لم تحقق الرهان

واعتبر الدكتور الصيدلاني هشام خرمودي، أن استفحال إشكال نفاذ مخزون الأدوية يأتي لكون التشريع المغربي لا يقضي بتمكين الصيادلة من الحق في استبدال الدواء، لذلك يجد المواطن المغربي نفسه في بحث دائم عن دواء غير متوفر وصفه الطبيب ولا حق للصيدلي في استبداله بآخر رديف، لا يختلف إلا بالاسم التجاري.

وكشف الصيدلاني، أن هناك عاملا آخر لا يقل أهمية عن سابقيه، و يتمثل في كون الرهان على الأدوية الجنيسة “لم يرقى إلى مستوى النتائج المأمولة”.وأوضح أن معدل اختراق الدواء الجنيس لسلة الأدوية بالمغرب لم يتجاوز بعد 34% وهذا الأمر يجعل تعويض بعض الأدوية الضرورية غير ممكن.

وأضاف المتحدث إلى أن الفترة الأخيرة تميزت بإعفاء جميع الأدوية من الضريبة على القيمة المضافة، مما حدا بالمصنعين إلى سحب كل الأدوية المعنية بهذا الإعفاء قصد مراجعى ثمنها.

هذا المعطى كذلك، أدى وفق تحليل خرمودي إلى جعل سوق الأدوية بالمغرب تعرف خصاصا مهولا وجعل سلاسل التوريد تعجز عن إشباع الطلب المرتفع على العديد من الأدوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *