مجتمع

حفل توقيع “المسلم”.. ناقد: ظاهرة قرائية استهلاكية والمبيعات ليست دليل نجاح (حوار)

تتضارب تساؤلات الباحثين والأكاديميين والمثقفين المغاربة حول ما إن كان الازدحام الشديد والتدافع الذي شهده حفل توقيع الكاتب السعودي أسامة المسلم في معرض الرباط للكتاب، ينم عن إقبال الشباب والمراهقين المغاربة على القراءة، أو أن القراءة تعيش وضعاً متدهوراً لا يبعث على الارتياح، أو على نجاح الكاتب من عدمه.

واستفسارا عما إن كان الحادث يؤكد نجاح الكاتب السعودي، يرى الناقد المغربي سعيد أوعبو، أن النجاح الحقيقي هو حشد الكثير من الإشادة من قبل الآخرين دون أن تدفع أحدا لفعل ذلك.

وشدد على أن “النجاح من وجهة نظري لا أراه في حجم المبيعات، لأن الثقافة لا تجعلها أداة للحكم، خصوصا مع وجود مفارقات مادية في التسويق واختلال في موازين القوى” وفق تعبيره.

واعتبر أوعبو في حوار مقتضب مع جريدة “العمق المغربي”، “أننا أمام ظاهرة قرائية تنشط في مصر وتحتضنها بعض دور النشر النفعية، وشرعت مؤخرا في الحراك داخل فضاء بعض دُولِ الشرق الأوسط، وتتسرب إلى جغرافيتنا باعتبارنا مستهلكين”.

ويذهب المتحدث إلى أن كتابات أسامة المسلم “ليست متناسبة مع ذوق الشباب بقدر ما هي استهداف له، مضيفا: “من غير المعقول أن ترْتهن القراءة بفئة أغلبها منتمية إلى جيل واحد، غير منتقية لمقروئها، والأدهى من خلال التواصل والتفاعل مع بعضهم، وجود غير المهتمين بالمطالعة والمفتقدين للرغبة”.

وفيما يلي نص الحوار كاملاً:

هل روايات أسامة المسلم تستحق كل هذا الاهتمام؟

أكتشف الاسم والإنتاج في الساحة الثقافية للمرة الأولى، وبحكم ممارستي العملية فالظاهر أنني أنتبه بين الفينة والأخرى إلى هاته العينة من المقروءات المرتبطة بالفنتازيا الجديدة، مع  (أنتخرستوس، خوف، الغيهب، الوليمة..)، خصوصا أننا أمام ظاهرة قرائية تنشط في مصر وتحضتنها بعض دور النشر النفعية، وشرعت مؤخرا في الحراك داخل فضاء بعض دُولِ الشرق الأوسط، وتتسرب إلى جغرافيتنا باعتبارنا مستهلكين، وبالتالي، وجود حيز  تشغله الكتابة، ونشاط قرائيّ بنزعة مرتبطة بعوالم خيالية وعجيبة، خصوصا مع القارئ المراهق الهارب بشكل لاهث من واقعه المقلق قدر المستطاع، والنّازع عن نفسه رداء المسؤولية دون قدرة على اختراق همومه ومشاغله، ما يجعله متجنبا لروايات الفتيات الموجّهة، وروايات التاريخ والهوية ومحكيات الحياة… إلخ

هل محتوى رواياته يناسب الفئة العمرية الأكثر حضورًا في الحفل؟

ليس متناسبا بقدر ما هو مستهدف، لأنه من غير المعقول أن ترْتهن القراءة بفئة أغلبها منتمية إلى جيل واحد، غير منتقية لمقروئها، والأدهى من خلال التواصل والتفاعل مع بعضهم،  وجود غير المهتمين بالمطالعة والمفتقدين للرغبة، لكن (البروبغندا) تعدّ جاذبية جديدة للاستهلاك، تجعلهم مفتونين حيارى بشيء مثار، دون وعي أو إدراك مسبق به، ومن ثم، التأثير الافتراضي في الحياة الواقعية وعكسية الجدلية، لأن الواقع هو الطبيعة التي تتحكم في المفترض، لكن العكس هو القائم، حيث الافتراض يتحكم في حدّية الواقع ويُسخَّره بذلك ليكون تابعا، وهنا، مكمن الخطر المحدق، في عولمة المعرفة من خلال توجيهٍ برديغمي معين.

هل نجاحه ناتج عن جودة كتاباته أم عن مهاراته التسويقية؟

النجاح الحقيقى هو حشد الكثير من الإشادة من قبل الآخرين دون أن تدفع أحدا لفعل ذلك، والنجاح من وجهة نظري لا أراه في حجم المبيعات لأن الثقافة لا تجعلها أداة للحكم، خصوصا مع وجود مفارقات مادية في التسويق واختلال في موازين القوى، فالكاتب المتواري يمكن أن يكون رفيعا ولا يصل إلى القراء نظرا لسوء التوزيع وغياب الدعاية، وهناك كاتب تساعده علاقاته ووسائطه وأدواته في الاختراق والوصول إلى أبعد نقطة في إشهار الكتابة والاسم وهو أقل مهارة من سابقه..

هل يُساهم في نشر ثقافة القراءة أم أنه يُشجع على ثقافة الاستهلاك؟

ثقافة القراءة تحتاج إلى شروط مرتبطة باقتصاد المعرفة، قائمة على التحفيز والممارسة المؤسساتيّة، والرفع من قيمة الكتّاب الفاعلين والمثقّفين بغية جعلهم مثالا حقيقيا ومرجعا للاقتداء والتقفي.. وأن الانفتاح على هاته النوعية من الكتابة بالتّجريب والاكتشاف -أقصد الفانتازيا الجديدة- أمر محمود دون جعله قطب القراءة وأسّها، في أفق الانفتاح على تجارب مغايرة تستجيب لتطلعات القارئ وتخلق إنسانا ينظر إلى أعطابه ومطبّاته بغاية تهذيبية ومعرفية، في حين أن الفعل التوجيهي بأسلحة الدعاية المادية والذاتية المبالغ فيها مع نوعية قرائيّة فاقدة للفحص النقدي وأسطر على الأكاديمي، أمر أراه منطويا على إشكال في منطق الإنتاج والاحتضان والتوزيع والتلقي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *