سياسة

توالي الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين يرفع منسوب الضغط السياسي على إسرائيل

بدأت القضية الفلسطينية في أخذ منعطفا جديد، فبعد الاحتجاجات والمظاهرات التي اندلعت في العديد من الجامعات الأمريكية والأوروبية، أعلنت يوم أمس كل من إسبانيا والنرويج وأيرلندا الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية، في خطوة ستدخل حيز التنفيذ يوم 28 ماي الجاري.

قيادة البلدان الثلاث شددت على حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة غير خاضعة لأي جهة، معتبرين أن حل الدولتين هو لصالح إسرائيل أيضا.

خطوة تحمل دلالات عدة، خاصة وأن العالم الغربي طالما كان إلى جانب إسرائيل، ما يدفع إلى طرح مجموعة من التساؤلات، وعلى رأسها أهمية هذه الاعترافات، ومستقبل القضية.

حديثا حول هذا الموضوع، أكد خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد، أن الإعترافات ستكون لها انعكاسات سياسية وأخرى دبلوماسية على ملف القضية الفلسطينية، خاصة ضمن سياق الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة والممارسات غير القانونية التي تفرضها حكومات تل أبيب على فلسطين بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص.

وأضاف المتحدث أن الخطوة التي أقدمت عليها كل من إسبانيا وإيرلندا والنرويج، ستضاف إلى موقف المحكمة الجنائية الدولية، ما سيرفع من سقف الضغوط السياسية، والنفسية على حكومة وقيادات ومؤسسات ومسؤولي إسرائيل، “التي تحاول بكل الطرق الالتفاف على منطق القانون الدولي والتلاعب بمبادئ السياسية الدولية وتضليل الرأي العام العالمي”.

واعتبر معتضد في تصريح لـ”العمق” أن مواقف الدول الثلاث تندرج في إطار تزايد الوعي المؤسساتي للدول الأوروبية بحيثيات الملف الفلسطيني، وهي خطوة جد مهمة في بناء وعي المجتمعات الغربية بخبايا هذا النزاع الذي أدى ثمنه الفلسطينيون بعيدًا عن المؤازرة اللازمة لقضيتهم من طرف المنتظم الدولي بشكل عام والمجتمعات الغربية على وجه الخصوص.

وأوضح الخبير السياسي، أن هنالك استفاقة إنسانية ووعي مسؤول بملف الفلسطينيين، خاصة من طرف الشباب الغربي الذي تقلد المسؤولية السياسية والمجتمعية في الفترة الأخيرة، ما ساهم في تغيير علني لبعض المؤسسات الدولية المحسوبة على الغرب السياسي والدبلوماسي وأيضا لدى العديد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية التي كانت إلى وقت قريب داعمة للأطروحة الصهيونية دون أدنى إلمام بتاريخ القضية الفلسطينيين.

وجوابا عن سؤال: ماذا بعد هذا الاعتراف؟ أوضح هشام معتضد  أنه “لا يمكن انتظار الشيء الكبير من هذه الإعترافات، كونها خطوة ذات بعد سياسي شكلي في لعبة العلاقات الدولية في التسريع في حل هذا النزاع الإقليمي المعقد والمركب”.

واستدرك قائلا: “لكن في نفس الوقت لا يجب تبخيس هذه الخطوات الجريئة داخل فضاء غربي له موقفه التقليدي الداعم بكل الوسائل لأطروحة إسرائيل السياسية والتاريخية، على أن  اعتبار الاعترافات تعني فتح مرحلة جديدة في النقاش السياسي من داخل المؤسسات الأوروبية”.

وقال المتحدث إن السلام داخل المنطقة لن يتحقق دون رغبة حقيقية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى بريطانيا من جهة، وصحوة فعلية للقيادات العربية الإسلامية في تكتل موحد وحقيقي من جهة أخرى.

لأن “ما يعرقل تسريع حل هذا النزاع الإقليمي هو التريث السياسي الذي تنتهجه الإدارة الأمريكية تحت ضغط اللوبي الإسرائيلي من الداخل، بالإضافة إلى ضعف توحيد فعالية الصف العربي الإسلامي، الذي مازال يفتقد للفعالية اللازمة للضغط للإعتراف الدولي بدولة فلسطين قانونيا وانضمامها لمنظمة الأمم المتحدة”، بحسب تعبيره.

الإعتراف الثلاثي هو بمثابة إشارات سياسية قوية لحاملي الفكر المناهض لحقوق الفلسطينيين وعدالة قضيتهم، يقول معتضد، مشيرا إلى وجود ثورة ووعي سياسي مؤسساتي أوروبي بمسار هذا النزاع كما يشكل رسالة واضحة لأولئك المشككين في قدرة عمق الدول الأوروبية على تصحيح منحنى تاريخ القضية الفلسطينية والمساهمة في الدفاع عن حقوقهم.

وأكد خبير الشؤون الاستراتيجية أن العالم يعيش تحولا حقيقيا في المنطق السياسي لفكر بعض الدول الأوروبية، متوقعا التحاق دول أخرى بهذا الركب من أجل خلق السياق الدولي المناسب لحلحلة هذا النزاع الذي أدى ثمنه العديد من الأجيال الفلسطينية والعربية الإسلامية.

يذكر أن حركة المقاومة الإسلامية حماس، رحبت بإعلان كل من النرويج وإيرلندا وإسبانيا الاعتراف بدولة فلسطين، وقالت في تصريح صحفي اليوم الأربعاء، أن “هذا الاعتراف خطوة مهمة على طريق تثبيت حقنا في أرضنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *