سياسة

“الكرامة” يحمل السلطات تسريب محاضر بنحماد والنجار ويدعو لتعديل مواد بالقانون الجنائي

حمل منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، السلطات العمومية مسؤولية عدم الحفاظ على سرية التحقيق ومحاضر الضابطة القضائية، في واقعة قياديي حركة التوحيد والإصلاح عمر بنحماد وفاطمة النجار، داعيا إلى تعديل المواد 490 و491 و492 من القانون الجنائي وإحاطتها بكل الضمانات والاحتياطات التي تمنع أي شطط أو تعسف أو تطبيق انتقائي أو انتقامي لها.

وطالب المنتدى في بلاغ له اليوم الأحد، توصلت جريدة “العمق المغربي” بنسخة منه، المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة العدل والحريات، بتفعيل صلاحياتهما من أجل تصحيح المسار الخاطئ الذي أخذته هذه القضية سواء في شقها القانوني أو الحقوقي، مناشدا الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في جبر الأضرار التي لحقت بالمواطنين من جراء سوء تطبيق مقتضيات القانون.

عدم الحفاظ على سرية التحقيق

ندد المنتدى الحقوقي بالتعاطي الإعلامي مع قضية بنحماد والنجار، معتبرا إياه ماسا بالمواثيق الدولية، محملا السلطات العمومية مسؤولية “عدم الحفاظ على سرية التحقيق ومحاضر الضابطة القضائية بصرف النظر عن بطلان هذه المحاضر من عدمه، نظرا لما يشوبها من عيوب جسيمة، وما قد يسببه نشرها على نطاق واسع من تدمير لبعض الأدلة المتبقية التي يمكن أن تساعد المحققين سواء في تبرئة الأشخاص المعنيين أم العكس”.

واعتبر بلاغ المكتب التنفيذي للمنتدى، أن انخراط مجموعة من الوسائط الإعلامية والمواقع الإلكترونية وصفحات المواقع الاجتماعية في حملة التشهير والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة لعمر بنحماد وفاطمة النجار عبر نشر تفاصيل الملف الأمني والقضائي الخاص بهما من منظور فضائحي تشهيري، يعد انتهاكا صارخا لأخلاقيات وقانون مهنة الصحافة والنشر وللسياسة الجنائية المعتمدة، ولمقتضيات المسطرة الجنائية والقانون الجنائي.

قانونية التوقيف !

وقال المنتدى الحقوقي إن بنحماد والنجار تعرضا لمعاملة لاإنسانية ومهينة وحاطة بالكرامة الإنسانية من طرف موظفين رسميين مكلفين بإنفاذ القانون، وذلك عندما قام هؤلاء الموظفون بمساءلة المواطنين المذكورين بخصوص أمور شخصية يحميها الفصل 24 من الدستور، دون وجود شبهة التلبس بفعل جنائي.

وأشار إلى أنه لا وجود لشبهة فعل فاضح بحكم أن محضر الشرطة القضائية لم يشر إلى وجود مواطنين أو انكشاف المعنيين للعموم تستدعي التوجه عندهما، ولا مجال للتعدي على ملكيتهما الخاصة التي هي السيارة المتوقفة وتفتيشها وحجز أشياء بها.

وأوضح البلاغ ذاته، أن القياديين في حركة التوحيد والإصلاح تم توقيفهما ثم اقتيادهما أولا إلى خارج الدائرة القضائية التي يشتبه في ارتكابهما لأفعال مخالفة للقانون بها، واستنطاقهما عبر تقنية الاستدراج، إذ أن تصريحاتهما التي جاءت بعد الأسئلة المنتهكة لحياتهم الشخصية التي يحميها الدستور، هي التي ستشكل أساسا لتوجيه تهم جنائية لهما فيما بعد، وذلك مع تعمد عدم إشعارهما بحقهما في التزام الصمت، كما يضمن ذلك الدستور.

ولفت المنتدى إلى أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أصرت على مباشرة مسطرة بحث تمهيدي غير مرخصة وغير مأذون بها من طرف النيابة العامة لبنسليمان، حيث عمدوا إلى أخذ أقوال المعنيين بالأمر، وتكييفها في إطار الخيانة الزوجية والمشاركة فيها، وهو ما يستفاد منه على أن أعضاء الفرقة الوطنية تعدت المعاينة والحجز والإيقاف إلى أخذ الأقوال وإشعار زوجة عمر بنحماد، وفق البلاغ.

تهمة الخيانة بدون شكاية !

منتدى الكرامة اعتبر أن العمل على إخبار زوجة عمر بنحماد من طرف الشرطة القضائية بواقعة توقيف زوجها للاشتباه بارتكابه جريمة الخيانة الزوجية، يعد انتهاكا خطيرا للحياة الشخصية لبنحماد، وتعديا صارخا على استقرار أسرته دون وجه حق، خصوصا وأن الزوجة لم يسبق لها أن تقدمت بشكاية في الموضوع، لافتا إلى أن أن مساءلتها حول رغبتها في متابعة زوجها من عدمه يعد تحريضاً لها لا يجيزه القانون، “وهو ما يستنتج منه مرة أخرى معاملة غير قانونية في حق مواطنين”.

ولفت البلاغ إلى إصرار الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون التابعين للفرقة الوطنية للشرطة القضائية والنيابة العامة لبنسليمان، على إنجاز مسطرة بحث جنائي ثم متابعة جنائية بخصوص الخيانة الزوجية، وهم يعلمون أن الدعوى العمومية ساقطة في هذا الشق، وذلك خلافاً لمقتضيات المادة الرابعة من قانون المسطرة الجنائية والمادة 491 من القانون الجنائي، لأنهم لا يمكن أن يجهلوا أن الشكاية شرط ضروري لقيام المتابعة في جريمة الخيانة الزوجية.

“لقد تعرض المواطنين عمر بنحماد وفاطمة النجار لما يقرب من خمس ساعات من الحراسة النظرية لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء دون إذن من النيابة العامة لبنسليمان وخارج اختصاصها الترابي، كما تعرض المواطنان المذكوران لتسعة عشر ساعة ونصف من الحراسة النظرية غير المبررة، بما أن ضرورة البحث، وخاصة في شبهة ارتكاب جريمة ساقطة -قانونا- لا تتطلب كل هذه المدة، وهو ما يخالف المادة 80 من المسطرة الجنائية”، يضيف البلاغ.

تعديل مواد بالقانون الجنائي

الهيئة الحقوقية اعتبرت أن “هذه الانتهاكات الخطيرة التي مست حقوق بنحماد والنجار وقبلهما حقوق مواطنين عديدين، آخرهم هشام المنصوري الذي سبق للمنتدى أن عبر عن موقف واضح بخصوصه، ما كانت لتكون لو لم تشكل المواد 490 و 491 و 492 من القانون الجنائي وطريقة تطبيقها من طرف الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، مدخلا يستخدم بشكل سيء ومسيس للتعدي على الحريات الشخصية والحقوق الدستورية للمواطنين، ويعرضهم لمعاملات لاإنسانية ومهينة وحاطة بكرامتهم الإنسانية.

ودعا المكتب التنفيذي للمنتدى، إلى ضرورة إعادة صياغة الفصول القانونية المذكورة وإحاطتها بكل الضمانات والاحتياطات التي تمنع أي شطط أو تعسف أو تطبيق انتقائي أو انتقامي لها، “وإلا فستكون الدعوة إلى إلغاء تلك الفصول، أولى من إبقائها، مع ما يقع بواسطتها من تعديات وانتهاكات لحقوق المواطنين وأعراضهم وأمنهم وكرامتهم”، مشيرا إلى أنه “معلوم شرعا وقانونا أن الخطأ بتفويت عقوبة مستحقة، أولى من الخطأ بإيقاع عقوبة ظالمة”.

دعوة الرميد واليزمي للتدخل

في نفس السياق، طالب المنتدى كلا من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة العدل والحريات، بأن يتحملا مسؤوليتهما، كل فيما يخصه بشأن هذه النازلة، وأن يفعلا صلاحياتهما من أجل تصحيح المسار الخاطئ الذي أخذته هذه القضية سواء في شقها القانوني أو الحقوقي، مناشدا الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في جبر الأضرار التي لحقت بالمواطنين من جراء سوء تطبيق مقتضيات هذه المواد.