أخبار الساعة، مجتمع

“نصب واحتيال” في أوراش دمنات.. من يتدخل لحماية المال العام؟

طفا الجدل مجددا على سطح النقاش حول ملف أوراش بعد إثارة قضية نصب واحتيال تعرضت لهما سيدة من طرف جمعية كلفت بتدبير ملف أوراش 2 بمدينة دمنات التابعة ترابيا لإقليم أزيلال.

وعلمت جريدة “العمق” من مصدر مقرب أن عضوا بجمعية ظفرت بأوراش 2 قام باستغلال سيدة، بعد أن سجلها في البرنامج دون علمها بذلك، موهما إياها بأنه سيقوم بتسجيلها فقط في سجل الدعم الاجتماعي لتستفيد من الدعم الذي خصصته الحكومة للأسر المعوزة.

وقال المصدر ذاته إن الشخص المعني رافق السيدة في كل المراحل لتسجيلها في أوراش مستغلا جهلها بهذه الأمور للحصول على كل الوثائق الخاصة بها، والتي استعملها فيما بعد لسحب أموال كانت تحول إلى حسابها البنكي طيلة الأشهر الأربعة.

وأشار المصدر إلى أن زوج الضحية اكتشف الموضوع بعدما زار وكالة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للاستفسار عن عدم استفادته من الدعم الاجتماعي، والتغطية الصحية “أمو تضامن”، حيث علم بأن السبب هو حمل الزوجة لرقم تسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وأضاف المصدر ذاته أن زوج الضحية كان قد قرر وضع شكاية على طاولة النيابة العامة إلا أن ما وصفه بلوبي معروف بالمدينة، “نزل بكل ثقله الليلة الماضية لانتزاع تنازل من الضحية وعدم المتابعة بالرغم أن ما حدث هو هدر للمال العام بشكل مباشر”.

وفي السياق ذاته، قرر حقوقيون الدخول على الخط في هذه القضية، حيث سيعملون على مراسلة رئاسة النيابة العامة في هذا الشأن، لأن هذه الممارسات هي التي حولت المدينة إلى مستنقع “للفساد والمفسدين”، بحسب تعبير مصدر تحدث إلى جريدة “العمق”.

وقبل عام من الآن، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات تستنكر عدم وضوح المعايير التي تم اعتمادها لاختيار المستفيدين من برنامج “أوراش 2” بإقليم أزيلال وخاصة ببعض الجماعات التابعة للإقليم.

وسجل اختلاف في طريقة اختيار المستفيدين من جماعة إلى جماعة دون التقيد بمعايير موحدة وواضحة، إذ اعتمدت بعض الجمعيات التي حظيت بمشاريع “أوراش” في جماعات بالإقليم على “القرعة” بعد تلقي الطلبات، في حين اختارت أخرى المستفيدين بطرق غير معلنة وغير معروفة.

وقال نشطاء إن السرية التي تم بها اختيار بعض المستفيدين من برنامج أوراش ينافي دستور المملكلة وقوانينها، إذ ينص الفصل 27 من الدستور المغربي على أنه: “للمواطنين والمواطنات الحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.”

أما قانون الحق في الحصول على المعلومات 31.13 فقد ضمن مبدأ مهما خاصا بالنشر الاستباقي، ويتعلق الأمر بالمعلومات التي يجب على المؤسسات والهيئات المعنية نشر الحد الأقصى منها، بشكل استباقي وتلقائي، حتى في حال عدم وجود أي طلب، وذلك عن طريق وسائل النشر المتاحة لديها، ولا سيما الإلكترونية منها بما فيها البوابات الوطنية للبيانات العمومية.

وكشفت مصادر أخرى لجريدة “العمق” أنها راسلت عبر منصة “شفافية” المجلس الإقليمي الذي أعلن عن طلب عروض مشاريع “أوراش 2” للكشف عن لائحة المستفيدين من البرنامج دون أن يرد المجلس عن طلبها.

وحول الموضوع، قال عضو بجماعة دمنات، عبد العالي العوفير، في تدوينة مطولة كتبها قبل سنة على حسابه بـ”فيسبوك”، إن إقليم أزيلال الذي يضم 44 جماعة، منها جماعتان حضريتان (دمنات وأزيلال)، خصص له 1424 فرصة شغل في إطار أوراش 2، خصص منها لجماعة أزيلال 110 فرصة شغل، و100 فرصة لجماعة دمنات.

وأشار العوفير إلى أن “بعض الجمعيات بالجماعات الترابية باقليم أزيلال قد اختارت إجراء عملية القرعة في انتقائها للفئة المستهدفة (أزيلال ،تلوكيت، تباروشت) كأرقى آلية ديمقراطية منصفة للجميع واحتكمت في اختياراتها إلى منطق تكافؤ الفرص ونشرت لوائح المستهدفين من أوراش 2 بكل شفافية ووضوح مراعية حق المواطن في المعلومة كما فعلت جمعية التواصل بامليل”.

في المقابل، يضيف المصدر ذاته، أن أوراش دمنات احتكمت إلى منطق “باك صحبي” واستفاد منها ذوو القربى من السياسيين والمنتخبين والمسييرين للشأن المحلي بعد تدخلات علنية وسرية لبعض هؤلاء “الكائنات الانتخابية والسياسية” في غياب تام لمنطق تكافؤ الفرص والمعايير المحددة للاستفادة من هذا البرنامج.

وقال إن ذلك أغرق هذا البرنامج الطموح لتقليص معدل البطالة في مستنقع العبث، عبث لا يدفع بعجلة التنمية إلى الأمام بقدر ما يكبحها ويفرمل سيرورتها في مجموعة من الأوراش. ودعا العضو الجماعي ذاته الجهات المسؤولة إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية للقطع مع هذه الممارسات التي وصفها بـ”البائدة” في الانتقاء والاختيار على أساس الولاءات السياسية والانتخابية والقرابة العائلية.

وقال، ضمن تدوينته، إنه يؤكد ويلح على نشر لوائح المستفيدين بشكل دوري في إطار الشفافية والوضوح وحق المواطن في المعلومة، والحرص على استفادة أكبر عدد من الشباب العاطل بالتناوب، وكذا إعطاء الاولوية لمقاربة النوع والفئات الأكثر هشاشة تحقيقا لأهداف البرنامج الحكومي.

وأضاف العوفير أنه لوضع حد لهذه “الفوضى” وهذا “العبث الممنهج والأنانية المفرطة” لابد من فتح تحقيق عاجل حول أوراش 2 وتشكيل لجنة مستقلة للوقوف على ما تم رصده من خروقات، والوقوف أيضا على سير الأشغال على أرض الواقع، فهناك بعض المحظوظين الأشباح لا يلتحقون بأوراش العمل.

من جانبه، قال عضو المجلس الجماعي بدمنات، عبد اللطيف بوغالم، إن مجموعة من أعضاء المجلس كانوا قد عقدوا اجتماعا تقييميا مع باشا المدينة حول “أوراش 1” ، والذي كان مناسبة للإشارة إلى اختلالات عرفها تنزيل  هذا البرنامج من أجل تدارك الأمر وعدم تكرار نفس الأخطاء في “أوراش 2”.

وأشار الاستقلالي بوغالم ضمن تصريح سابق لجريدة العمق إلى أن الأعضاء شددوا خلال اللقاء على ضرورة نشر أسماء المستفيدين لقطع الطريق أمام بعض الممارسات التي تسيء لأهداف البرنامج، مضيفا أن اللقاء الاستباقي مع باشا المدينة كان فرصة أيضا للتأكيد على ضرورة استفادة جميع أحياء المدينة.

يذكر أن غرفة الجنايات لجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، أدانت في الـ 16 أبريل 2024، “شبكة التلاعب ببرنامج أوراش” بالحبس النافذ والغرامة. وقضت بالحكم على شخصين بالحبس سنتين نافذة لكل منهما وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم لكل واحد منهما.

كما أصدرت الهيئة نفسها، حكما بالحبس لمدة سنة نافذة بحق ثلاثة أشخاص في حدود ستة أشهر،  وغرامة 10 آلاف درهم، بعدما ثبت في حقهم جريمة “الابتزاز وتبديد أموال عمومية والارتشاء واستغلال النفوذ وتزوير محررات رسمية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *