مجتمع

هل تعكس المعدلات المرتفعة حالة المنظومة التعليمية في المغرب؟

تتناقض التقارير الدولية والوطنية حول وضعية التعليم بالمغرب، فبينما تُصنّف التقارير الدولية المغرب في مراتب متأخرة، تُظهر نتائج امتحان البكالوريا الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في المعدلات، ما يطرح تساؤلاتٍ حول دقة هذه المؤشرات ومستقبل التعليم في البلاد.

وصنّف آخر تقرير لموقع “إنسايدر مانكي” الأمريكي النظام التعليمي بالمغرب في المرتبة 154 من أصل 199 دولة في مؤشر التعليم العالمي. كما احتل المغرب الرتبة 71 في مجال الرياضيات، والرتبة 79 في مجال القراءة، والرتبة 76 في مجال العلوم من أصل 81 دولة شاركت في دورة 2022 للبرنامج الدولي لتقييم التلاميذ PISA.

وبالرغم من هذه المراتب المتأخرة التي يحتلها التعليم المغربي والتي تعترف بها الوزارة الوصية على القطاع، فإن المعدلات المرتفعة التي حصل عليها العديد من تلاميذ البكالوريا هذه السنة، تطرح التساؤل حول ما إذا كانت المعدلات تُمثل مؤشراً على تعافي المنظومة التعليمية، أم أنها تُخفي وراءها مشاكل أعمق، كما تُشير إلى ذلك مقولة “الشجرة التي تخفي الغابة”؟

هوة سحيقة

وفي هذا السياق، قال أستاذ علوم التربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين سوس ماسة، المهدي أكزول، جواباً على سؤال وجهته له جريدة “العمق”، حول ما إذا كانت نقاط البكالوريا المرتفعة تعكس حالة المنظومة التربوية في بلادنا، (قال) إن “نقاط البكالوريا والهوة السحيقة الملاحظة بين بعض النتائج المحصل عليها خلال المراقبة المستمرة ونتائج الامتحانات الإشهادية بشكل عام، تطرح أكثر من سؤال حول الغاية الحقيقية من الإشهاد التربوي والأكاديمي بالمغرب”.

وتابع أكزول أننا “بتنا أمام “فصام” يضرب في العمق مصداقية التقويم التربوي للتلميذ المغربي، ويضع مستوى تحقق كفايات المتعلمين كما جاءت في المنهاج الدراسي على المحك”.

وأضاف المتحدث ذاته، ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن أبرز مثال على هذه المفارقات الصارخة بين نقاط الامتحان الوطني ونقاط المراقبة المستمرة، حصول بعض تلاميذ المستوى الثاني بكالوريا على نقاط تجاوزت 19 من عشرين في المراقبة المستمرة بينما انحدر معدل الامتحان الوطني لديهم لأقل من 6 من عشرين.

وهذا ما يسائل، حسب أستاذ علوم التربية، قدرة المتعلمين على الحفاظ على وتيرة متسقة لمستواهم في التحصيل الدراسي، تعطي انطباعاً منطقياً وتلاؤمياً حول النقاط المحصل عليها خلال اختبارات المراقبة المستمرة ونظيرتها في الامتحانات الإشهادية.

وأوضح أن الجواب على سؤال انعكاس نقاط البكالوريا على واقع المنظومة التربوية المغربية سيكون بالاعتماد على منظورين اثنين؛ يتجلى المنظور الأول في احتمال نزوع بعض الأسر المغربية إلى تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة حرصاً منها على جودة تعلماتهم.

هبوط آمن

كما يتجلى أيضًا، حسب أكزول، في المراهنة على حصص الدعم التربوي والتقوية، وعلى المراقبة المستمرة كصمام أمان لضمان مستقبلهم الدراسي، عبر مراكمة زخم كافٍ من النقاط الجيدة بل والممتازة، تقيهم شر النتائج الضعيفة المفاجئة والمحتملة في الامتحان الوطني. وذلك بتأمين “هبوط آمن في نتائج الاختبارات” حتى في أسوأ الحالات، ناهيك عن أمل هذه الأسر المغربية في ولوج فلذات أكبادهم للمدارس والمعاهد الوطنية العليا بعد حصولهم على شهادة البكالوريا، وطموحهم إلى تسجيل أبنائهم بالمدارس العليا بالخارج.

أما المنظور الثاني، يضيف المتحدث، والذي نرجحه في تفسيرنا لتأثير نتائج البكالوريا على واقع المنظومة التربوية المغربية، فيتجه إلى تلك الهالة السيكولوجية و”الفقاعات الإعلامية” التي ما فتئت تجعل من موسم الامتحانات الإشهادية، خاصة منها امتحان البكالوريا “مواسم فولكلورية” نشاهد خلالها ارتسامات المتعلمين حول مواضيع الاختبارات على القنوات والمواقع الإلكترونية، بشكل يعكس مستوى الوعي الاجتماعي السطحي للمتعلمين قبل مستواهم الدراسي.

وتابع: “هذا ما يجعل من فترة امتحانات البكالوريا وما يرافقها من أحداث وظواهر مجتمعية محتوىً إعلاميًا دسمًا، غالبًا ما تلحقه الكثير من النقاشات المجتمعية، والضغوطات النفسية التي تضرب في العمق تركيز المتعلمين واستعدادهم الجيد للاختبارات، الأمر الذي ينعكس على نفسية المتعلم، خاصة وأن هذا الأخير كما نعلم جميعًا يمر بمرحلة عمرية دقيقة وحساسة، تحتاج من الأسر تفهمًا ومواكبة وتأطيرًا نفسيًا واجتماعيًا قبل التأطير التربوي والدراسي”.

الضغط النفسي الأسري

وأشار، في هذا الصدد، إلى أن هذا الكم الهائل من الضغط النفسي الأسري الممارس على المتعلمين هو ما يفسر في نظرنا النقاط الضعيفة المحصل عليها في الامتحان الوطني للبكالوريا مقارنة بنقاط المراقبة المستمرة.

وأعلنت وزارة التربية الوطنية، أول أمس الأربعاء، عن النتائج النهائية للدورة العادية لامتحان نيل شهادة البكالوريا لسنة 2024، بعد استكمال المداولات بمجموع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، حيث اجتاز بنجاح 245,881 مترشحة ومترشحًا من الممدرسين بالتعليم العمومي والخصوصي اختبارات هذه الدورة العادية، من بينهم 143,366 من الإناث.

وحسب معطيات إحصائية كشفت عنها الوزارة اليوم الأربعاء، فقد بلغت نسبة النجاح 67.8% في هذه الدورة، بزيادة 8 نقاط مئوية عن النسبة المسجلة سنة 2023، ووصلت نسبة النجاح لدى الإناث 72% من مجموع الممدرسات اللواتي اجتزن هذه الاختبارات، بينما بلغت هذه النسبة لدى الذكور 62.6%، كما حصل 54% من مجموع الناجحين على ميزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبدالرحمن غالم
    منذ 17 ساعة

    جل المدارس الخصوصية تستقطب التلاميذ لمدهم بنقط المراقبة المستمرة وبدون إجراء أي فروض لدا نجد فرق شاسع بين المعدل الوطني والمراقبة المستمرة

  • عبد الغني
    منذ 23 ساعة

    التعليم وجودته لا يقاس بالمعدلات المرتفعة والمنفوخة التي لا تعبر الا على مظاهر اجتماعية سطحية زائفة

  • علال
    منذ يوم واحد

    العنوان كيتكلم على المعدلات المرتفعة والمقال على العكس

  • ابو نزار
    منذ يوم واحد

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الترتيب العالمي يعكس نتائج إغلاق المدارس خلال اضرابات الممدرسين و التي تكون بالشهور و يكون التلميد هو الضحية الاوحد. بالنسبة للنفط المرتفعة جدا يجب مراجعتها و إخضاعها للمداولة من طرف لجنة جهوية وطنية أو دولية ان اقتضى الحال. بالنسبة التلميد المرحومة اضن انه لو تدخل الأمن لما وصلت للانتحار. ربما كان هناك شطط في استعمال السلطة. تحياتي.

  • محمد
    منذ يومين

    ألتمس من السيد وزير التربية والتعليم التدخل لانقاد التلاميذ الذين غرربهم في نفخ نقط المراقبة المستمرة وخصا ا على نقط جد ضعيفة وهزيلة في الامتخان الوطني اذ يعتبر مطاحهم غير معقول ولا مقبول ولا اخلاقي هم فاشلزن لا محالة في كل مسارهم الدراسي اين نا توحهوا علما ان المعاهد العليا مخرمة عليهم لتلك النتائج ولعدم احتساب المراقبة المستمرة في الانتقاء لذلك كان لزام تكرار السنة عوص نحاح ملغوم لا يستحقونه وعلى الاباء ان يوجهوا هذا الملتمس للسيد الوزير كما نكالب من جمعية حماية المستهلك التدخل في هذا الموضوع للضرب على يد عذه المؤسسات التي تعمل على نهب مال الاباء ظون تقظيم خدمة ترقة الى مستوى تعليمي يشرف وطنا وكعقاب لهم عليها اي المؤسسات قبزل اتمام الظراسة بعد قرار السيد الوزير بالمجان ظون رسوم او واحبات مالية لانهم اخلوا بواحبهم وزوروا نقط المراقبة المستمرة.