منوعات

الشريفة لالة لطيفة.. رحيل سليلة حمو الزياني وعروس القصر التي جمعت بين الشموخ والتواضع

بوفاة الشريفة لالة لطيفة، والدة الملك محمد السادس في 29 يونيو 2024، فقدت المملكة المغربية واحدة من نسائها البارزات اللاتي قدمن الكثير في مجال العمل الخيري والإحسان. نستذكر حياة امرأة نادرة جمعت بين الشموخ والتواضع، وبين العطاء اللامحدود والابتعاد عن الأضواء.

ولدت لطيفة أمحزون، والتي اختار لها الملك الحسن الثاني اسم “لطيفة”، في أربعينيات القرن الماضي، في قبيلة زيان الأمازيغية. والدها، المقاوم حسن ولد موحا أو حمو الزياني، كان شخصية بارزة في المقاومة الأمازيغية ضد الفرنسيين، حيث قاد حرب العصابات لتحرير خنيفرة. من هنا، استمدت لطيفة قوة الروح والإصرار على تقديم الخير وخدمة الناس.

في 9 نوفمبر 1961، تزوجت لطيفة من الملك الحسن الثاني، لتصبح الأميرة للا لطيفة، زوجة الملك ووالدة خمسة أبناء، من بينهم الملك الحالي محمد السادس. وعلى الرغم من هذا الزواج الملكي، بقيت الأميرة لطيفة في الظل، مكتفية بلقب “أم الأمراء”، دون أن تشارك في المهام الرسمية للقصر.

كانت الأميرة للا لطيفة معروفة بأعمالها الخيرية الواسعة، حيث خصصت جزءًا كبيرًا من وقتها ومواردها لدعم الجمعيات التي تعنى برعاية الأيتام والأرامل وذوي الإعاقة. لم تقتصر جهودها على ذلك فقط، بل كانت لها أياد بيضاء في بناء المساجد ورعاية الأئمة والخطباء والمؤذنين. كانت تولي اهتمامًا خاصًا لشهر رمضان، حيث كانت تحرص على توفير كل ما يلزم لإقامة صلاة التراويح في أجواء روحانية مميزة. تقول شهادات عديدة إن الأميرة للا لطيفة كانت تجسد قيم التواضع والسخاء وحب الخير. كان لها حب خاص للقرآن وأهله، وكانت تسعى دائمًا لتكريم العلماء ومنحهم المكانة التي يستحقونها في المجتمع.

“بوفاة الأميرة لالة لطيفة أم جلالة الملك محمد السادس؛ فقدت مراكش إحدى نسائها اللواتي قدمن الكثير في مجال رعاية ذوي الحاجات من الأيتام والأرامل وذوي الإعاقة ؛ حيث كانت رحمها الله تعالى ذات أياد بيضاء في دعم الجمعيات المناضلة في هذه المجالات .. كما عرفت ببناء المساجد ورعاية القيمين عليها من أئمة وخطباء ومؤذنين، وهي بهذا تذكرنا بأعلام من نساء مراكش؛ كالسيدة مسعودة الوزگيتية أم السلطان أحمد المنصور الذهبي؛ التي كانت تعطف على اليتامى والفقراء وتزوج الشباب، وهي من بنت مسجد باب دكالة، وبهذه المناسبة الأليمة أعزي صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والأسرة الملكية الشريفة، والشعب المغربي .. سائلا الله عز وجل أن يجعل روح الفقيدة في عليين، وأن يشملها بعفوه وفضله”.

هذا ما قاله الداعية حماد القباج واصفا الأميرة الراحلة بأنها كانت تمتلك أيادي بيضاء في دعم الجمعيات ورعاية المحتاجين، وشبهها بأعلام نساء مراكش كالسيدة مسعودة الوزگيتية، التي كانت تعطف على الفقراء وتبني المساجد.

طوال حياتها، كانت للا لطيفة حريصة على البقاء في الظل، ولم تكن تظهر في المناسبات الرسمية إلا نادرًا. الصورة الوحيدة المعروفة لها ظهرت خلال حفل زفاف ابنتها لالة حسناء، ولم يظهر وجهها بشكل كامل. عاشت الأميرة بعد وفاة الملك الحسن الثاني بين مراكش وباريس، واستمرت في دعم الأنشطة الخيرية بعيدًا عن الأضواء. بوفاة الأميرة للا لطيفة، لا يفقد المغرب أميرة فحسب، بل يفقد قلبًا كبيرًا كان ينبض بحب الخير والإنسانية. رحم الله الأميرة وأسكنها فسيح جناته، وألهم الأسرة الملكية والشعب المغربي الصبر والسلوان.

وقد نعى الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، في بلاغ أمس السبت، الأميرة للا لطيفة، والدة الملك محمد السادس، وحرم الملك الراحل الحسن الثاني.

وجاء في بلاغ من الناطق الرسمي باسم القصر الملكي: “بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه. يعلن الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، بكل حزن وأسى، انتقال صاحبة السمو الملكي الأميرة للا لطيفة إلى عفو الله ورحمته، وذلك يومه السبت 22 ذي الحجة 1445 ه، الموافق لـ 29 يونيو 2024 م، حرم المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله مثواه، ووالدة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده وأطال عمره، وأصحاب السمو الملكي الأمراء والأميرات. وإننا إذ ننعي هذا المصاب الجلل، نرجو الله العلي القدير بأن يشمل الفقيدة الكريمة بواسع رحمته وكريم غفرانه ويسكنها فسيح جناته، وأن يطيل في عمر سيدنا الهمام، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، وأدام عزه ونصره، وخلد في الأعمال الصالحة ذكره. وإنا لله وإنا إليه راجعون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *