نضوب سد المسيرة يهدد جنوب الدار البيضاء بأزمة عطش خطيرة

يشهد سد المسيرة، ثاني أكبر سد في المغرب والشريان الحيوي لتزويد جنوب الدار البيضاء والمدن المجاورة بالماء، تراجعًا حادًا في مخزونه المائي نتيجة لانخفاض التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة المستمر.
ووفقًا لخبراء البيئة والمناخ، فإن هذا الوضع ينذر بكارثة إنسانية قد تؤثر على ملايين السكان في جنوب العاصمة الاقتصادية والمدن المحيطة بها، مما قد يضطر السلطات إلى قطع المياه لفترات محددة للحفاظ على المخزون المتبقي حتى فصل الشتاء.
وإلى جانب التحذيرات المتكررة بضرورة ترشيد استهلاك المياه، أطلقت السلطات الحكومية عمليات ربط مائي بين حوضي سبو وأبي رقراق، ما يتيح تحويل 300 إلى 400 مليون متر مكعب سنويًا، بالإضافة إلى مشروع الربط بين المنظومتين المائيتين لشمال وجنوب الدار البيضاء لتعزيز تزويد المياه الشروب من سد سيدي محمد بن عبد الله، وفق ما أكده وزير التجهيز والماء خلال لقاء جهوي العام الماضي.
وأوضح محمد بنعبو، الخبير في قضايا البيئة والمناخ، أن سد المسيرة يواجه أزمة مائية خانقة لم يشهد لها مثيل منذ إنشائه قبل خمسين عامًا، حيث انخفضت نسبة ملئه إلى أقل من 0.55%، مما يهدد أمن المياه الصالحة للشرب في الدار البيضاء والمناطق المجاورة.
وأشار بنعبو إلى أن سد المسيرة، ثاني أكبر سد في المغرب بعد سد الوحدة الذي تبلغ سعته 2700 مليون متر مكعب، يحتوي حاليًا على 14.5 مليون متر مكعب فقط، مقارنة بـ145 مليون متر مكعب في نفس الفترة من العام الماضي، وهو أدنى مستوى يسجله السد منذ بدء استغلاله.
وأكد بنعبو في تصريح لجريدة “العمق”، أن كميات المياه الحالية في السد لن تكفي لتلبية الطلب المتزايد على المياه الصالحة للشرب، مما يشكل خطرًا حقيقيًا يهدد سكان الدار البيضاء والمدن الجنوبية المجاورة مثل الجديدة، سطات، وبرشيد.
وأوضح أن سكان الدار البيضاء والمدن المجاورة يعتمدون على مشروع ربط الأحواض المائية لتعويض النقص الحاد في سد المسيرة الواقع على نهر أم الربيع. ورغم حلول الربط المائي، فقد تم وضع مضخات على الطريق السيار للماء لإيصال المياه إلى المناطق الجنوبية مثل الحي الحسني، عين الشق، ودار بوعزة.
واعتبر بنعبو هذه الخطوات استباقية لتجنب أزمة العطش، وشملت حفر الآبار ومنع الشركات من استخدام المياه الصالحة للشرب لأغراض صناعية، واسترجاع بعض العيون المائية مثل عين سيدي عبد الرحمن، عين سندباد، عين سيدي البرنوصي، وعين السبع.
وأشار إلى أن السيناريو الأسوأ قد يكون تقليل صبيب المياه خلال النهار وقطعها مؤقتًا خلال الليل، معتبرًا أن هذا السيناريو صعب للغاية، خاصة خلال فترات الصيف التي تشهد طلبًا كبيرًا على المياه في واحدة من أكبر المدن السياحية في المغرب.
اترك تعليقاً