
تستعد الحكومة للحسم في آلية قانونية تمكنها من “سحب” مشروع القانون التنظيمي المتعلق بممارسة الحق في الإضراب، وإحضار نسخة جديدة لا تتضمن المواد التي سبق أن عبرت الحركة النقابية عن رفضها ووصفتها بـ”المجرمة لحق دستوري مكفول”.
مصادر مطلعة كشفت لجريدة “العمق”، أن مشاورات تمت في هذا الإطار بين الأمانة العامة للحكومة، والوزارة المكلفة بالبرلمان، وباقي القطاعات المعنية، من أجل إيجاد “فتوى قانونية” تسمح بعدم اعتماد نسخة المشروع التي سبق أن مرت من المساطر التشريعية ومن المجلس الوزاري، الشيء الذي جعل مهمة سحبها معقدة.
من جهة أخرى، شدد مسؤولون نقابيون في تصريحات لجريدة “العمق” على أن النسخة التي جاءت بها الحكومة السابقة غير قابلة للنقاش بالنظر لاحتوائها على فصول “تراجعية”، مبرزين أن المشاورات الجارية مع الحكومة من المرتقب أن تفرز توافقًا حول النقاط الخلافية.
في هذا الإطار، أكد ميلود مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن نقابته ترفض مناقشة مسودة مشروع القانون التي تم وضعها في البرلمان في عهد الحكومة السابقة، موضحًا أنه “لا يمكن للأرضية التي أعدتها الحكومة السابقة أن تكون أرضية للمناقشة”.
ولفت مخاريق في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن القانون ينبغي أن يحمي حق المضربين، كما يتعين بالموازاة مع ما سيحمله قانون الإضراب، أن يتم إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يعاقب العمال المضربين لممارستهم حق الإضراب، مؤكدًا أن هذا الفصل موروث منذ عهد الاستعمار.
وثمن مخاريق موقف نواب المعارضة الذين عبروا عن رفضهم مناقشة المشروع المذكور قبل التشاور مع النقابات، وحرصهم على الحوار والمقاربة التشاركية، في أهم قانون تنظيمي يهم العلاقات المهنية في المغرب، وذلك خلال انعقاد لجنة القطاعات الاجتماعية أمس الثلاثاء بمجلس النواب بحضور يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، الذي قدم نقاطًا عامة تهم المشروع المذكور قبل موعد المناقشة العامة والتفصيلية.
وأعلن الوزير السكوري أمام البرلمان أنه “لا يمكن أن أمرر قانونًا يمس بالحريات، وهذه ليست قناعتي وليست قناعة الحكومة التي أمثلها في هذا الملف”، مشددًا على أنه “يجب أن نكون واضحين في حماية حقوق المضربين في إطار القانون، لأنه بعد التوافق على هذا القانون وفق مقاربة تحقق التوازن وتبتعد عن الغلو وتحمي حقوق الشغيلة، لا يمكن السماح بمعاقبة المضربين”.
من جانبه، شدد عثمان باقة، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، على أن مشروع قانون تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، نص تم إعداده خارج المنهجية التشاركية، معبرًا عن رفض نقابته لبنوده بشكل مطلق، “لا نقبل بمشروع تكبيلي لممارسة حق الإضراب”.
وقال المتحدث ذاته، ضمن تصريح لـ”العمق” إن المشروع الذي بدأ النقاش حوله منذ سنوات جاء “ضد المواثيق الأممية وضد ما نصت عليه منظمة العمل الدولية”.
اترك تعليقاً