أما بعد

أما بعد: صرخة من عمق واحات درعة.. هل من آذان صاغية؟

الجفاف بضرب جزءا من واحة فزواطة بزاكورة

يطلق سكان وادي درعة صرخاتهم واستغاثاتهم وتنبيهاتهم الأخيرة، قبل اندثار ما تبقى من معالم الواحات بالمنطقة بفعل الجفاف الذي عبّد الطريق أمام الحرائق، لكن لا تجاوب إلا من الجبال الشاهقة المحيطة بهم، التي يتردد صدى أصواتهم خلف هاماتها، أما المسؤولون ففي آذانهم وقرا.

قد تجد النخلة الرعاية والاهتمام من المسؤولين إذا زرعت خارج موطنها الأصلي، وهو بالفعل ما يحدث في الواقع، ففي الوقت الذي تموت فيه أشجار النخل واقفة بواحات الجنوب الشرقي بفعل الجفاف وتقصير وزارة الفلاحة، تنعم أشجار أخرى من نفس الفصيلة بالماء والحياة على أرصفة مدن لا يسمح مناخها بإنتاج التمر أصلا.

وصلت واحات وادي درعة اليوم إلى حالة مزرية، بحيث تحولت مساحات شاسعة منها إلى أكوام من الحطب والجريد اليابس وأعجاز النخل الخاوية، مهددة بالتصحر وزحف الرمال واشتعال الحرائق في أي لحظة، وهو الوضع الذي دفع العديد من الفلاحين بالمنطقة إلى الهجرة نحو المدن، رافعين الراية البيضاء أمام الجفاف الذي تركتهم الحكومة ووزارة الفلاحة يقاتلونه وحدهم بإمكانيات بسيطة ومحدودة.

أما من تبقى من السكان بالمنطقة فيتألمون كل يوم بمشاهدة موت نخيلهم، شجرة تلو الأخرى، ويزداد ألمهم أكثر وهم يشاهدون ما تبقى من مياه زاكورة الجوفية وهي ترحل معبأة داخل حبات البطيخ الأحمر على متن شاحنات عبر الطريق الوطنية رقم 9، فبعدما كان هاجسهم هو أن تنتج النخلة تمورا أكثر أصبح اليوم هاجسهم توفير شربة ماء وتشبث ما تبقى من النخل بالحياة إلى أن يأتي عام فيه يغاث الناس.

ليس الجفاف وحده ما يؤرق المستقرين على جنبات وادي درعة، بل إنهم يواجهون مشاكل وصعاب عدة، لكن وقع الجفاف خلال السنوات الأخيرة شغلهم عنها. لقد وقع لهم مثل شخص هاضته حمى شديدة فنسي مؤقتا ألما في الركبة، وهذا الألم في حالتهم هو الفقر وعدم تثمين التمر وغياب التنمية، وضعف الإمكانيات بالنسبة للفلاحين الصغار، وغيرها من المشاكل البنيوية والمزمنة.

تمثل واحات جهة درعة تافيلالت حوالي 77 في المائة من مساحة نخيل التمر، البالغة قرابة 60 ألف هكتار، وهو ما يمكنها من إنتاج حصة الأسد من التمور المحلية. لكن الجفاف الجاثم على المنطقة، مدعوما بالحرائق، قلص الإنتاج الوطني بعشرات آلاف الأطنان، إذ تراجع من 150 ألف طن قبل سنوات إلى 108 أطنان خلال الموسم الماضي، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام الاستيراد.

هكذا صار واقع واحات درعة اليوم.. وهو ما يطرح أسئلة حارقة حول مستقبل ما تبقى من سكانها، إذا تمادى الجفاف واستمر لسنوات أخرى لا قدر الله؛ فهل سيستسلمون للهجرة ويساهمون في تفريخ أحياء الصفيح بضواحي المدن الكبرى؟ وهل ستواصل الدولة إدارة ظهرها لهذه المنطقة وغيرها من مناطق المغرب العميق؟ وماذا فعلت الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان؟

إعلان درعة منطقة منكوبة، كما طالبت بذلك بعض الفعاليات المدينة، أصبح أمرا ملحا، ليس لإنقاذ جيران وادي درعة فحسب، بل لاتخاذ إجراءات عاجلة ونوعية لمواجهة الجفاف باعتباره كارثة طبيعية، وحماية الواحات والحيلولة دون اندثارها باعتبارها تراثا طبيعيا وحضاريا وخزانا للتمور، وهي الإجراءات ذاتها التي تحتاجها واحات طاطا والراشيدية وغيرها.

الجفاف بضرب جزءا من واحة فزواطة بزاكورة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • الدايمي الفاطفي
    منذ شهرين

    هذه المنطقة لها الله سبحاه وتعالى لا منتخبين بجانب الساكنة لاسلطة لها دراية بما تعيشه المنطقة اين نحن من مخطط المغرب الاسود هناك من استغل الفرشة المائية لعشر سنوات دون حسيب ولا رقيب واليوم صاحب الارض عندما يريد ان يحفر بئرا لينقد ما يمكن انقاده يجد امامه سلطة تطبق قانونا من المركز على اناس لا حول ولا قوة لهم الا انهم متشبتون بالارض كتشبتهم بدينهم أليس من حقهم ان يستفيدو من ابسط الحقوق على أرضهم ؟ أليس من حقهم ان تكلف السلطة اناس يعرفون المنطقة ومشاكلها واولويتها حتى لا تضيع منها هذه المنطقة ويبحت أهلها عن منطقة ما في البلد الحبيب لتحميهم مما يعيشونه في منطقتهم من تهميش وسؤ التدبير فمن ان تملك 200او300نخلة ولا تجد كلوغرمين من الثمر في منزلك

  • ابراهيم الوانبي
    منذ شهرين

    أين المخطط الأخظر الذي سرط أموالا طائلة؟! أين وزارة الفلاحة مما يحدث لهذه الواحة الجميلة و واحة زيز؟!أين المسؤولين و المنتخبين؟! أين المجتمع المدني؟! الكل تفرغ لخدمة أغراضه الخاصة أو باع الماتش و أصبح من عازفي سمفونية قائد الباطرونة ... لك الله ايتها الواحة المسكينة و لسكانك البسطاء... حسبنا الله و نعم الوكيل.